نيويورك تايمز: مقتدى الصدر يعود من جديد وسط الفوضى في العراق وحماس أقل في مناهضة أمريكا ؟!

آخر تحديث 2016-03-08 00:00:00 - المصدر: وكالة وطن للانباء

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الامريكية مقالا تحليليا عن ظاهرة عودة زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر خلال الايام الاخيرة ليتصدر المشهد السياسي الشيعي بالعراق وسط اجواء الفوضى التي تسود هذا البلد الممتحن ، كاشفة عن وجود تحولات ملحوظة في موقفه تجاه الامريكان بما وصفته ”موقفه المناهض لامريكا اقل حماسا من قبل” . و فیما یلی نص تقریر صحیفة نیویورک تایمز الذی نشرته تحت عنوان “الصدر یعود من جدید وسط الفوضى فی العراق” : کان ظهور الصدر فی بغداد یوم الجمعة فرصة لـ”العودة من جدید إلى دائرة الأحداث” ، کما قال کیرک سویل ، وهو محلل مقیم فی عمان ، الأردن ، ویتولى نشر إحدى الدوریات الخاصة بالسیاسة العراقیة. والصدر کان من قبل فی دائرة الضوء فی العراق ، لکنه تراجع فی السنوات الأخیرة إلى حد ما عن أعین الجمهور . انهم – الصدریون – أتوا من الأحیاء الفقیرة من الطبقة الدنیا فی هذه المدینة، الأزقة والأروقة البسیطة من المدرسة الدینیة فی مدینة النجف المقدسة لدى الشیعة، والمراکز الخارجیة فی الریف الجنوبی . لوحوا بالأعلام العراقیة وطالبوا بالتغییر . الحشد عبأ میدان التحریر فی بغداد صباح یوم الجمعة ، عشرات الآلاف رددوا هتافات ضد الفساد وإجراء إصلاحات حاسمة فی کیفیة التعاطی مع السیاسة هنا، کما کانوا ینتظرون رجلهم أن یظهر. • لا للصوص .. نعم نعم للإصلاحات ! ثم صعد مقتدى الصدر ، رجل الدین والسیاسی الذی قاد الشارع الشیعی العراقی بطریقة لا مثیل لها ، وناشد شکاوى الناس بدفعة واحدة ثوریة ووطنیة . و قال الصدر : “بعد الیوم ، على رئیس الوزراء أن یتصرف!” . وأضاف بینما کان یشیر بیدیه إلى مبنى الحکومة المرکزیة المحصن : “نحن الیوم على باب المنطقة الخضراء ، وغدًا سیکون الناس فی الداخل!” . الوقت قد حان للدیماغوجیین مرة أخرى فی العراق ، حیث یغلی الجمهور من الغضب على الفساد، الحرب الطاحنة وانهیار فی أسعار النفط هز الاقتصاد. مع طبقة سیاسیة غیر فعالة، یسعى العراق جاهدًا لمواجهة المخاوف الأکثر إلحاحًا، أهمها کسب الحرب مع تنظیم “الدولة الإسلامیة” (داعش) وإعادة توحید البلاد. و کان الصدر ومیلیشیاته المخیفة من قبل العدو الرئیسی للولایات المتحدة، ولعب العدید من الأدوار فی تشکیل العراق بعد الغزو الأمریکی : رجل دین شعبوی، وکیل إیرانی ، وطنی عراقی، صانع الملوک السیاسی. لاغتنام فرصة حشد الجمعة للعودة إلى دائرة الضوء السیاسی ، قال الصدر إنه وضع نفسه کزعیم قومی فی مواجهة الدور المتنامی لإیران فی الشأن العراقی، وکمصدر للمعونة لرئیس وزراء ضعیف . و قال الصدر للمحتشدین : ”الیوم أنا بینکم لأقول لکم بصراحة وبشجاعة ، أن الحکومة ترکت شعبها یکافح ضد الموت، والخوف والجوع والبطالة والاحتلال والاقتصاد المتعثر، أزمة أمنیة، خدمات سیئة وأزمة سیاسیة کبیرة” . قبل کل شیء ، کان ذلک تذکیرًا لحالة مرتبکة من السیاسة الشیعیة الداخلیة . الصدر کان یسعى لتسخیر الغضب العام ضد النخب السیاسیة، وکان بالفعل قد دعا لمسیرات لدعم سیاسات الإصلاح لرئیس الوزراء حیدر العبادی. وقد توقفت اقتراحات العبادی لمعالجة الفساد وتثبیت تکنوقراط فی وزارات الدولة بفعل المعارضة من قادة المیلیشیات القویة و بعض السیاسیین الموالین لإیران . من جانبه، عرض الصدر أن یستقیل وزراؤه دعما لمشروع رئیس الوزراء بتقویم الحکومة . وعلى الرغم من ذلک ، وبدعم أکثر من أبرز رجال الدین الشیعة الکبار ، بما فی ذلک آیة الله العظمى علی السیستانی ، فإنه لا یزال من غیر الواضح ما إذا کان جدول أعمال العبادی سوف یکون قادرًا على کسب مساعدة من أی الکتل السیاسیة الأخرى . عندما غزت الولایات المتحدة العراق فی عام 2003 ، کان الصدر قد بلغ عامه الثلاثین . لکنه سار على الإرث السیاسی لوالده ، وهو رجل دین شیعی محوری وذو شعبیة هائلة اغتیل بناء على أوامر من صدام حسین فی عام 1999، لیظهر الصدر وکأنه صوت قوی للطبقة الدنیا الشیعیة. قام الصدر بتشکیل الحرکة التی مزجت العناصر القتالیة والسیاسیة والاجتماعیة . وحاربت میلیشیاته، جیش المهدی، الأمریکیین والدولة العراقیة، وألقى باللوم علیا لارتکاب فظائع خلال الحرب الأهلیة الطائفیة فی عامی 2006 و 2007. أما فی الوقت الحاضر، فتخضع میلیشیاته إلى حد کبیر لسیطرة الحکومة، وبات موقفه المناهض للولایات المتحدة ، أقل حماسًا . فی الآونة الأخیرة، ومن خلال اتصالاته بین قادة المیلیشیات الشیعیة، فقد ساعد فی تأمین إطلاق سراح ثلاثة أمریکیین اختطفوا فی بغداد . فی المسیرة کان هناک بعض التقریع للولایات المتحدة . کان الصدر من قبل عمیلًا لإیران ، لکنه فی السنوات الأخیرة ، تبنى إستراتیجیته الخاصة، وینظر إلیه على نطاق واسع هذه الأیام کداعیة العراق الأول للوحدة بین المذاهب. تم تغییر اسم المیلیشیا التابعة له، التی أعید تشکیلها بعد أن سیطر تنظیم داعش على الموصل فی صیف عام 2014، إلى کتائب السلام. الیوم ، وبینما یسعى إلى إعادة تعریف نفسه مرة أخرى ، فقد وضع الصدر -الآن 42 عامًا- نفسه کداعم للعبادی، الذی ینظر إلیه على أنه ضعیف على نحو متزاید فی مواجهة النفوذ المتنامی لإیران . وتدعم طهران خصومه السیاسیین الذین یقودون المیلیشیات . وقال سعد ثامر (37 عامًا) من مؤیدی الصدر الذین حضروا المظاهرة : “العبادی ، کشخص، هو طیب القلب، لکنه ضعیف جدًا” . أصبحت المیلیشیات شعبیة جدًا بین الجمهور الشیعی، مما یشکل تحدیًا لسلطة العبادی، لأنها بات ینظر إلیها على أنها حُماة الأغلبیة الشیعیة ضد المتطرفین السنة من تنظیم داعش . کما کان ذلک تحدیًا للصدر الذی فقد بعض من دعمه على مستوى القاعدة الشعبیة التی یتمتع بها نظرًا لتزاحم الشباب على میلیشیات أخرى ینظر إلیها على أنها أکثر قوة . العراق هو مکان یواجه فیه الجمیع أعداءه ، والصدر له نصیبه . واحد من أبرز منتقدیه هو رئیس الوزراء السابق نوری المالکی الذی اعتمد ذات مرة على دعم الصدر لتأمین فترة ولایة ثانیة بعد الانتخابات الوطنیة فی عام 2010 . حطم الصدر فی وقت لاحق ، المالکی ، وحاول الإطاحة به من رئاسة الوزراء . وقال المالکی فی مقابلة أجریت معه أخیرًا أن الصدر کان یسعى لاستغلال ضعف العبادی لإعادة تأسیس نفوذه . وأضاف : “هو یدعم العبادی ، لکن بطریقته الخاصة . إنه یرید السیطرة على العبادی” . خلال الفترة التی قضاها فی منصبه، وخاصة فی عام 2011 عندما اندلعت ثورات الربیع العربی والحرکة الاحتجاجیة فی العراق ، خشى المالکی مما کان سیحدث لو أمر الصدر أتباعه إلى النزول إلى الشوارع . لکنه لم یفعل ، وتلاشت الاحتجاجات. لکن المالکی قال إن عودة ظهور الصدر یکتنفها مخاطر بالنسبة للعراق ، وحذر بقوله : “لدیه القوة والأسل