هل الوساطة السعودية هي التي عجلت بزيارة وفد “حماس″ الى القاهرة ام ان هناك اسبابا اخرى؟

آخر تحديث 2016-03-13 00:00:00 - المصدر: راي اليوم

توقف كثيرون، ونحن في هذه الصحيفة “راي اليوم” من بينهم، عند الانباء المتواترة عن زيارة وفد ضخم من حركة المقاومة الاسلامية “حماس″ الى القاهرة يضم حوالي 12 عضوا، جاءوا من قطاع غزة وقطر بدعوة من السلطات المصرية، لبحث كيفية انهاء التوتر في العلاقات بين الجانبين.

اهمية هذا الوفد تنبع من وجود عدد من قيادات الصف الاول في الحركة مثل الدكتور موسى ابو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي، والدكتور محمود الزهار، وخليل الحية، وعماد العلمي، اعضاء المكتب السياسي بين صفوفه لاول مرة وبهذا الحجم منذ عامين، ان لم يكن اكثر.

التوقيت يأتي لافتا، فوصول الوفد جاء بعد اسبوع من اتهام السلطات المصرية لحركة “حماس″ بالتورط في اغتيال النائب المصري العام هشام بركات العام الماضي، ولكن مسؤولين في الحركة قالوا ان هذه الزيارة كانت مرتبة قبل هذا الاتهام وبوساطة سعودية.

وربما تكون هذه التبريرات صحيحة، ولكننا نضيف اليها عوامل اخرى عجلت بها يمكن تلخيصها كالتالي:

  • اولا: صدور تصريحات منسوبة لمتحدثين باسم الحركة بفك الارتباط تنظيميا بحركة “الاخوان المسلمين” على غرار ما فعل فرع “الاخوان” في الاردن، وهذا “الفك” احد ابرز الشروط لكسر الحصار المفروض على الحركة وادارتها لقطاع غزة التي طالبت بها الحكومة المصرية، ودول خليجية اخرى، على رأسها المملكة العربية السعودية.

  • الثاني: التزام حركة “حماس″ الصمت المطبق تجاه القرار الذي اصدره وزراء الداخلية والخارجية العرب، ومن قبلهم وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بادراج “حزب الله”، الحليف التاريخي لحماس على قائمة “الارهاب”، فالحركة لم تدن هذا القرار، كما انها لم تؤيده، والتزمت “الحياد” الكامل الامر الذي عرضها لانتقادات عديدة في بعض اجهزة الاعلام المقربة من “حزب الله” وايران، وهو “حياد” ربما كان يشكل الحد الادنى لفتح خطوط اتصال مع مصر والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص.

ولا نستبعد ان تكون الوساطة السعودية قد لعبت دورا كبيرا بترتيب هذه الزيارة، لان المملكة التي وقفت خلف قرار تجريم “حزب الله” واتهامه بالارهاب، وتعرضت الانتقادات شعبية ورسمية شرسة، خاصة في لبنان ودول شمال افريقيا (الجزائر وتونس)، تريد من خلال التقارب مع حركة “حماس″ ان تنفي عن نفسها تهمة “تجريم” المقاومة للاحتلال الاسرائيلي ووصفها بالارهاب، بدليل انها تفعل الشيء نفسه مع حركة “حماس″ وها هي تفرش لها السجاد الاحمر لدى حلفائها في القاهرة.

ولا نعتقد ان السلطات المصرية التي تعتمد بشكل رئيسي على الدعم المالي السعودي يمكن ان ترفض طلبا للملك سلمان بن عبد العزيز في هذا الصدد، مضافا الى ذلك، انها وهي التي تخوض منافسة شرسة مع “خصمها” التركي اللدود، تريد ان تقطع الطريق على الرئيس رجب طيب اردوغان، وخططه في اقامة ميناء غزة الذي يخفف حدة الحصار، ويسهل مرور مليونين من ابناء القطاع الى الخارج، من خلال التقارب، ولو بتحفظ، مع حركة “حماس″ والعمل على ابعادها عن تركيا بقدر الامكان، وتقديم بعض التسهيلات لها ولابناء القطاع الخاضعين لحكمها.

الامر المؤكد ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وحركة “فتح” التي يتزعمها، سيكون الاكثر ارقا وانزعاجا من هذا التقارب المزدوج بين حركة حماس ومصر من ناحية والسعودية من ناحية اخرى، وهو الذي كان يستخدم دائما ورقة الحصار المصرية للقطاع لزيادة الضغوط على حركة “حماس″ لاخضاعها لشروطه وسلطته.

من الصعب اطلاق احكام مسبقة عن نتائج هذه الزيارة لوفد “حماس″ الى القاهرة ولقاءاته مع رئيس جهاز المخابرات المصري اللواء خالد فوزي (مصر تتعامل مع حركة “حماس″ كقضية امنية وليس سياسية على عكس تعاملها مع سلطة رام الله)، ولكن ما يمكن قوله ان الموقف المصري تجاه الحركة والمتغيرات الاخيرة في مواقفها السياسية والنأي بنفسها عن حركة الاخوان المسلمين، وان بدرجة اقل عن ايران و”حزب الله” “اكثر مرونة” عما عليه الحال قبل عام او عامين، والله اعلم.

“راي اليوم”