ثورة 1925 الكُردية والحقائق العسكرية(الجزء الأول)

آخر تحديث 2016-03-26 00:00:00 - المصدر: باخرة الكورد

مرّ أن سبعة عشر اشتباكاً عسكرياً من أصل ثمانية عشر، قاتل فيها الجيش التركي من سنة 1924 إلى سنة 1938، حدثت في كُردستان، إن المعلومات حول اشتباكات الجيش التركي بعد سنة 1938 غير متوافرة، ولكن إذا كانت ثمّة اشتباكات فربما تكون قد حصلت في كُردستان. إن الجيش التركي تدخل في هاتّاي Hatty (لواء إسكندرونه) سنة 1938، وفي كوريا بين سنتي 1950 – 1953، وفي قبرص سنة 1974. إن عدد الاشتباكات العسكرية ضدّ الكُرد يتجاوز بكثير عدد التدخلات والاشتباكات العسكرية في الخارج.

وبحلول سنة 1980، كانت العمليات العسكرية ضدّ الكُرد ذات أبعاد داخلية وخارجية، وفي سنوات 1983، 1985، 1986، 1987، 1988، دخلت القوّات التركية العراق لقمع واحتواء القوميين الكُرد ومجموعات الگيريللا، إن الكفاح ضدّ القومية الكُردية- وقد طُبّقت فيه أنماط السياسات ذاتها، وضدّ البديهيات والمظاهر القومية والأيديولوجية والسيكولوجية ذاتها التي كانت متبنّاةً بشكل رئيسي سنة 1925- ظلّ مستمراً في لعب دورٍ مهمّ في القرارات السياسية التركية أكثر من خمسين سنة بعد ثورة الشيخ سعيد. ومن المحتمل أنْ تواصلَ هذه العوامل تأثيرها في السياسة التركية في القرن الواحد والعشرين. إن القومية الكُردية- متمثّلةً ومرموزةً في ثورة الشيخ سعيد- ستستمر في التأثير كثيراً خلال القرن الواحد والعشرين.

إن أهداف وسياسات الطرف الرئيسي الثالث-(بريطانيا) المنطوية في ثورة الشيخ سعيد، كانت قد نوقشت سابقاً، وعلى أيّة حال، ينبغي أن تُذكر سِمةٌ أخرى للنتائج الداخلية الناجمة عن ثورة الشيخ سعيد، إن بريطانيا عزّزت قوّاتها في شمالي العراق [جنوب كردستان] خلال سياستها المستقبلية، وقد تبنّت تلك السياسة بعد أن تسلّمت وزارة الجوّ قيادة العمليات من وزارة الحرب في أُغسطس/آب 1922.

وبدءاً من سنة 1922 حتى سنة 1925، تابعت القوّات الجوّية RAF- بقيادة سير جون سالموند Sir John Salmond الذي حلّ محلّ سير هيوج ترنشارد Hugh Trenchard Sir قائداً لقوّات الجوّ سنة 1929- سياسةَ قصفٍ نشطةٍ ضدّ الكُرد والعرب في شمالي العراق، وإن القصف أجبر القوّات  التركية بقيادة الكولونيل أوزُدَمِر Ozdemir على التراجع من راوَنْدُوز في يونيو/حزيران 1923. وبصورة أو بأخرى فإن المعاهدة الرسمية بين تركيا والعراق في 5 يونيو/حزيران 1926 تحقّقت بفضل نجاح سياسة القصف البريطانية.

وكما رأينا أعلاه فإن جمهورية تركيا الحديثة تعلّمت بسرعة من البريطانيين، فمع أواخر سنة 1926 حصلت تركيا على 106 مئة وست طائرات، وفي السنوات اللاحقة استُعملت القوّات الجوّية على نطاق واسع في العمليات الحربية ضدّ الكُرد، لقد كانت القوّات الجوّية وسائل فعّالة عزّزت بها جمهورية تركيا الجديدة سلطة حكومتها، وخاصّة ضدّ الكُرد، تماماً كما أنه كان للقوّات الجوّية البريطانية دورٌ فعّال في تعزيز قوّة الإمبراطورية البريطانية في الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى. إن الدروس المستفادة من استعمال القوّات الجوية في شمالي العراق خلال الفترة 1922 – 1925 استعملتها بريطانيا لتحقيق مكاسب جيدة في شمال غربي السودان، وفي فلسطين وفي أماكن أخرى.

إن هذه الأمثلة توضّح العلاقات بين إمبراطوريات قائمة ودول حديثة حينما لا تكون الاثنتان في صراع عسكري مباشر، لكن الاثنتان ترغبان في إخضاع أطراف ثالثة تمارس سياسات عدائية ضدّ الإمبراطورية أو ضدّ الدولة الحديثة. وكان قصفُ الكُرد أسهل بالنسبة لبريطانيا وتركيا “من تقديم التنازلات للقومية الكُردية“.

25 – 3 – 2016

  • توضيح: هذه الدراسات مقتبسة من كتابنا المترجم ” تاريخ الكفاح القومي الكُردي 1880 – 1925” المنشور عام 2013. والعناوين من وضعِنا.