بقلم.. عبد الرحمن الراشد
ربما نائب الرئيس العراقي الأسبق، عزت الدوري، هو أكثر الناس حظًا في العالم، فقد أعلن عن قتله مرات
عدة في السنوات الاثنتي عشرة الماضية لكنه يعود بصوته مكذبًا. مثل الخرافة، آخرها مثل هذه الأيام من
العام الماضي، عندما تنافست القيادات العراقية العسكرية والمدنية على إذاعة نبأ مقتله والاحتفال
بالمناسبة، وأظهرت صورة رجل ميت فيه من ملامحه، تشبه تمامًا شعره الأصهب ولحيته. ولم يصدر نفي إلا
أن التوقف المفاجئ عن تكرار إذاعة النبأ الرسمي كان يؤكد أن الرجل الفلاح في المشرحة ليس عزت
الدوري.
الدوري صار بعد سقوط صدام أهم مما كان في عهده. إبان جمهورية صدام كان نائب رئيس بلا صلاحيات،
وكلف بأدوار شكلية، واشتهر مرة في فترة غزو الكويت في أوائل التسعينات، ثم عاد إلى الصفوف الخلفية.
بعد الاحتلال الأميركي تحول الدوري إلى الرمز الوحيد للنظام السابق، لأنه الوحيد الحي طليق السراح،
وذلك بعد إيداع الأميركيين كل القيادات الأخرى في السجن، وإعدام بعضهم، ووفاة طارق عزيز متأثرًا
بمرضه في الحبس. والكثير كتب عن قيادة الدوري لجيوب المقاومة العراقية، بقايا منظومة حزب البعث
السابق، وقيل إن للدوري نفوذًا كبيرًا حتى عند الجماعات المقاتلة الأخرى، ولم نَر شيئًا من ذلك. فقد توسط
الدوري لدى تنظيم «داعش» لإطلاق سراح الطيار الأردني إلا أن الجماعة الإرهابية قامت بإحراق الأسير
الكساسبة في واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ. ثم أشيع أنه من قاد، عن بعد، عملية هجوم المقاومة
العراقية المباغت على مدينة الموصل، تلك العملية الضخمة التي فاجأت العالم وغيرت سياسات الدول
الكبرى وأعادت الجيوش الغربية للعراق وسوريا. اتضح لاحقًا أنها غزوة من غزوات «داعش» ولا علاقة
لرفاقه البعثيين بها، ولا مسلحي جماعته «النقشبندية» التي تكفره «داعش