هجوم التاجي مقلق لنا.. ومقلق اكثر لـ"داعش"

آخر تحديث 2016-05-16 00:00:00 - المصدر: وكالة وطن للانباء

عادل عبدالمهدي الهجوم الذي قامت به "داعش" على مستودع الغاز في التاجي فيه الكثير من عناوين القلق.. وان تترافق هذه العمليات والتي قبلها مع الازمة السياسية، مما يثير قلق الشعب العراقي الذي يربط بين ازدياد التفجيرات والعمليات وازدياد الانقسامات السياسية، وتعميق البعض للازمة بدل السعي لحلها، ومقلق ايضاً لامكانية "داعش" الدخول الى المستودع وتقتل وتفجر.. فهذا يعني ان الثغرات الامنية ما زالت كبيرة، وان "داعش" يعرفها ويستطيع استغلالها، وتعني ان "داعش" ليس منظمة يمكن القضاء عليها بالعمل الاستخباري والقتالي فقط، بل هي مجتمع وامة لها امتدادات كبيرة في انحاء العالم يناصرونها ويوفرون لها امكانيات الدعم والاستمرار، فالمعركة معها طويلة ليس في العراق فقط بل في العالم كله. اما الامر المطمئن من الناحية السياسية والامنية فهو ان رد فعل "داعش" على الخسائر الحقيقية وخسرانها المزيد من الاراضي والمقاتلين لم يرتق الى رد استراتيجي بل كان رداً محدوداً ومؤقتاً، فعملياته في ابي غريب وعامرية الفلوجة وبلد ومدينة الصدر وبغداد والحلة وغيرها واخيراً في مستودع التاجي يمكن ان تدرج كمحاولات لفك الحصار عن مواقعها الاساسية في الفلوجة والانبار والموصل، وحرف الاتجاهات اكثر منها لقلب مسارات المعركة، وهذا يشير الى تراجع قدرات "داعش"، فوضعها يشبه وضع "الكاميكاز" اليابانيين عندما لاحت بوادر هزيمة اليابان، يضاف لذلك فان سرعة المعالجة والتطويق تشير ايضاً الى جهوزية قوانا افضل من السابق بكثير. فلقد شهدنا سابقاً حالات كاحتلال كنيسة سيدة النجاة او وزارة العدل او معتقلي التاجي وابو غريب واطلاق سراح سجناء ثم الانسحاب، والتي كانت تدلل عن قدرة وتنظيم اعلى بكثير مما نشهده حالياً، والتي اسفرت لاحقاً عن احتلال الموصل والرمادي والفلوجة وغيرها من مساحات شاسعة. يجب عدم الاستهانة بـ"داعش" فهي مجتمع وامة سوء وليس تنظيماً ارهابياً فقط، فالتنظيم يمكن القضاء عليه بسهولة نسبية تقريباً، اما الامة والمجتمع فيجب ان يعالج برؤية استراتيجية اعمق وابعد. فالقضاء على امة السوء والارهاب يتطلب تعاون الجميع، بينما نجد ان الاطراف المعنية الوطنية والدولية ما زالت تدير استراتيجيتها وكأنها تتعامل مع تنظيم تخريبي ارهابي كبقية التنظيمات، دون ان تعي تشكيلاته المنتشرة في بقاع الارض كافة، وجذوره التاريخية ومبانيه العقائدية التي تسمح لاعداد كبيرة جداً من الشباب المدربين والمستعدين للموت لان يتحولوا الى موجات انتحارية من المفخخات والشفلات والعربات المدرعة التي تسعى لاقتحام اكثر المواقع تحصيناً. فمن ناحيتنا، لم نجعل الوحدة الوطنية اولى اولوياتنا، لا في الصف الواحد، ولا بين ابناء الوطن ككل، فيكفي بروز مشكلة او خلاف وهمي او حقيقي لنغرق فيه، لننشغل عن "داعش" ونصرف معظم جهدنا ووقتنا عليه، كما لا نعطي لسياساتنا الدولية والاقليمية الاهتمام لنضيق الخلافات مع دول الجوار والمجتمع الدولي، وترانا اقرب للخصومة والمنازعة فيما نختلف عليه منا في مد الجسور مع ما نتفق ونشترك فيه. علماً ان سياسة مشتركة اقليمية وعالمية ضد "داعش" هي السبيل الوحيد لتطويق امة الارهاب والسوء، بالمقابل يتصرف الاخرون معنا بنفس الطريقة، فخصومة البعض مع "الشيعة" مقدمة على الصراع مع الارهاب، وخلافاتهم مع ايران او حزب الله مقدمة على الصراع مع "داعش". سنتمكن باذنه تعالى من القضاء على "داعش" او التضييق عليها بشكل كبير، لكن لـ"داعش" مساحات ما زالت واسعة تستطيع من خلالها البقاء واعادة انتاج نفسها، ونقل معاركها من مكان لاخر، والاستمرار في لعبة الوقت، مستغلة الخلافات، وانشغال بعضنا بالبعض الاخر، فلابد من تحمل المسؤوليات والتمتع بالشجاعة السياسية لاتخاذ القرارات الصعبة، وترك سياسة دغدغة المشاعر بكلمات ومواقف تعود بالوبال علينا جميعاً.