حقوقي لـ24: حماس تُغيّب سيادة القانون في غزة

آخر تحديث 2016-05-23 00:00:00 - المصدر: 24.ae

أحكام الإعدام تفتح باباً جديداً من أبواب الانقسام

الإثنين 23 مايو 2016 / 18:58

24 - غزة

أثارت تصريحات نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية قبل أيام، عن أن 13 شخصاً باتوا ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام بحقهم في قطاع غزة بعد استيفاء كافة الإجراءات القانونية، موجة من الرفض داخل الأوساط الرسمية والحقوقية في فلسطين. وزاد إعلان النائب العام في غزة إسماعيل جبر، أن الأيام المقبلة ستشهد تنفيذ أحكام إعدام بحق بعض مرتكبي الجرائم، من حدة الجدل وسط اعتراض مؤسسات حقوقية ناشطة في القطاع، وكذلك رفض من السلطة الفلسطينية لذلك.

وقال جبر في مؤتمر صحافي له، إن "تنفيذ الإعدام سيكون في الأيام المقبلة أمام الناس وفي أماكن عامة"، مضيفاً "نحن الآن في طور دراسة لمتهمين الذين سيتم إعدامهم".

وأكد جبر أن تنفيذ هذه الأحكام سيتم حتى في حال عدم الحصول على مصادقة الرئيس محمود عباس، معتبراً تأخير الأحكام بسبب انتظار مصادقة الرئيس على تنفيذ هذه العقوبات أمراً غير مبرر.

وينص القانون الفلسطيني على مصادقة الرئيس على تنفيذ أحكام الإعدام بعد استيفاء كافة الإجراءات القانونية والقضائية، وفق قانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936 المعمول به في قطاع غزة.

تغييب لسيادة القانون
وقال الناشط الفلسطيني في مجال حقوق الإنسان صلاح عبد العاطي، إن "تصريحات قادة حركة حماس فيما يتعلق بتنفيذ أحكام الإعدام تضر بالمصلحة الفلسطينية وتعزز انقسام البيت الفلسطيني، إلى جانب أنها تعمل على تغييب سيادة القانون"، مشدداً على ضرورة أن تكون العقوبة الجنائية للإصلاح وليس للانتقام.

وأضاف عبد العاطي، في حديث لـ24، أنه لا يمكن قبول تنفيذ أي حكم إعدام بدون مصادقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لأن ذلك خرقاً واضحاً للقانون الفلسطيني الذي يسري العمل به في المحاكم الفلسطينية.

وأشار إلى أن تنفيذ تلك الأحكام تضر بالمراكز القانونية وسيادة القانون، كما أنها تعمل على تغييب الدور القانوني للمؤسسات الرسمية كالرئاسة الفلسطينية والمجلس التشريعي، داعياً إلى توحيد الإجراءات التنفيذية للقانون الفلسطيني في شطري الوطن، والوحدة القانونية بعيداً عن الخلافات الحزبية والفصائلية.

وطالب عبد العاطي بضمان حقوق من يصدر بحقهم الإعدام من خلال استيفاء كل الإجراءات والشروط القانونية في المحاكم، إضافة إلى إصدار قوانين تعزز من حقوقهم الإنسانية، مشدداً على ضرورة تعزيز السلطة القضائية واعتبار القانون الفلسطيني المرجعية الأساسية لتنفيذ الأحكام.

وتعرب مؤسسات حقوقية عاملة في قطاع غزة عن قلقها حيال ظروف احتجاز بعض المحكومين بالإعدام، والطريقة التي يتم بها أخذ اعترافاتهم، وترفض أن يتم تجاوز مصادقة الرئيس الفلسطيني على تنفيذ هذه الأحكام.

محاكم لا تتبع مجلس القضاء الأعلى
بدورها، استنكرت حكومة التوافق الفلسطينية قرار حماس تنفيذ أحكام الإعدام بحق عدد من الموقوفين، معتبرة تنفيذها في قطاع غزة بحق عدد من المحكومين جنائياً، لا تتوافر بها شروط وضمانات قانونية.

وقال المتحدث باسم الحكومة يوسف المحمود، إن العقوبة شرعها القانون الأساسي لغايات ردع المجرمين، وإن تنفيذ الحكم يتطلب مسألتين أولهما المراجعة القضائية من خلال استئناف الحكم، والثانية ألا يتم تنفيذ الحكم إلا بعد التصديق عليه من الرئيس الفلسطيني.

وأضاف المحمود أنه "من المستحيل توافر الشروط القانونية للحكم بعقوبة الإعدام في قطاع غزة، لأسباب تتعلق بالانقسام الفلسطيني"، مؤكداً أن المحاكم في غزة لا تتبع مجلس القضاء الأعلى، والنيابة العامة في غزة لا تتبع النائب العام، كما أن الشرطة ومراكز الإصلاح والتأهيل في القطاع لا تتبع الشرطة الفلسطينية الرسمية.

الإعدام ليس حلاً
القيادي في الجبهة الشعبية كايد الغول، أكد على ضرورة معالجة قضايا الإجرام بما يجنب المجتمع مزيداً من الانقسام والاحتقان الداخلي، لافتاً إلى أن أي حكم يجب أن يحتكم للقانون وينفذ وفق الأصول المنصوص عليها في القانون الفلسطيني.

وأضاف الغول أن "المطلوب في تنفيذ حكم الإعدام الانضباط للقانون والمرجعيات التي يحددها، لأنه في حينها يكون موقف أي جهة محصن، أما تجاوز القانون لأي اعتبارات كأن ينطلق من اعتبارات لها علاقة باللحظة لا يعالج المشكلة القائمة".

ودعا القيادي في الجبهة الشعبية إلى البحث عن الأسباب الحقيقة التي أدت لزيادة الاحتقان الداخلي وحالات القتل، مشدداً على أن الإعدام لن يكون العلاج الجذري لظاهرة بدأت تتسع في أوساط المجتمع الفلسطيني.

ويشير الغول إلى أن الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس أدى إلى تجاوز العديد من المرجعيات الفلسطينية، حيث أصبح التعامل مع النظام الأساسي والقانون وفقاً لرؤية الطرف المعني في مدى شرعية الطرف الآخر.

وقال الغول إن "هذه الإشكالية نجم عنها تشريعات خاصة بكل طرف واتخاذ خطوات وقرارات إعدام سابقة جرت بدون مصادقة الرئيس، وهي أبرز تجليات الانقسام الذي يجري فيه تجاوز الشرعيات والتعامل معها بما ينسجم مع الموقف الحزبي، الأمر الذي أضر بالمجتمع الفلسطيني".

مطالبات بإلغاء عقوبة الإعدام
وطالبت بعثات الاتحاد الأوروبي في القدس ورام الله، السلطات التي تتبع حركة حماس في قطاع غزة بالتوقف عن تنفيذ عمليات إعدام بحق السجناء، داعيةً إياها للتقيد بالوقف القائم لعمليات الإعدام الذي تطبقه السلطة الفلسطينية إلى حين إلغاء عقوبة الإعدام بما يتماشى مع التوجه العالمي.

وقالت البعثات في بيان لها، مؤخراً "نعيد التذكير بموقف الاتحاد الأوروبي الذي يعارض بشدّة وتحت الظروف كافة استخدام عقوبة الإعدام، وإن إلغاءها يسهم في تعزيز الكرامة الإنسانية والتطور التقدمي لحقوق الإنسان"، معتبرة عقوبة الإعدام قاسية وغير إنسانية؛ كونها تفشل في توفير رادع للسلوك الإجرامي وتمثل تجاهلاً غير مقبول للكرامة والسلامة الإنسانية.