رأس المال الموهوم
خاص – NEN عراق
الكاتب – د.نعمة العبادي
اصدقائي الأعزاء أرجو منكم القراءة بدقة واكمال كل التفاصيل لانه الموضوع فيه بعض التفاصيل الاقتصادية وساحاول عرضها بطريقة سهلة ومبسطة قابل للاستيعاب من قبل الجميع
1/ القاعدة الاساسية التي تحدد اسعار الاشياء (سلع وخدمات) هي قانون “العرض والطلب” والعرض يعني ببساطة السلع والخدمات المعروضة من قبل المنتج او مقدم الخدمة او مسوقها للمشترين والمستهلكين ولا يقصد بالعرض هنا ما يوضع امام الناس بل السلع والخدمات المتاح شرائها او استخدامها واما الطرف الثاني في المعادلة فهو الطلب ويعني الرغبة الاكيدة الجادة من قبل الافراد والجهات للشراء سواء كان هذا الشراء ضروريا ام لا ،فالمهم هو ان يطلبوا تلك الامور.طبعا القاعدة المعروفة كلما كان العرض مساوي للطلب تكون الاسعار متوازنة ومستقرة وكلما زاد العرض تقل الاسعار وكلما زاد الطلب مع عرض قليل ترتفع الاسعار ،طبعا هنا لا نريد الدخول في قضية دعم السلع من قبل الدول او تحايل المسوقين في مسألة شحة العرض فتلك قضايا فيها تفاصيل اخرى.
2/ يتوقف السوق في عرضه للسلع والخدمات على القدرة الشرائية للمجتمع الذي تعرض فيه السلع والخدمات ،فمن غير المعقول ان يتم عرض سلع او أن تباع سلع باسعار تفوق القدرة الشرائية للمتسوقين ولذلك تجد اسواق للطبقة الفقيرة او المتوسطة او الغنية ،والقدرة الشرائية هنا المراد فيها المبالغ او الامكانيات المتوفرة واقعا بيد المستهلك والمشتري او الموجودة بحكم الواقع ،فمثلا عندما يشتري شخص سلعة معينة بسعر هو لا يملكه وقت الشراء لكنه مثلا بعد ايام يستلم راتبه او ارباحه او مبلغ يملكه فإنه اشترى بقدرته الشرائية وليس بغيرها.
3/مثل الجيل الاخير من الدولة الرأسمالية بدولة الرفاه ومجتمع السوق والذي ولد عند الناس عادات استهلاك قبيحة حيث افرط الانسان في قائمة حاجاته الاستهلاكية وكلها صار يصفها بالضرورية ،فالناس فرحون ويعملون وقت طويل ويستلمون اجور عالية لكن قائمة الاستهلاك الطويلة والاسعار الملتهبة تاكل كل المال وكما يقول ابو المثل : “يكده او جزمة ياكله ابو كلاش”
4/هذه النقطة هي مربط الفرس :المفروض ان هناك ثلاث محددات تحكم سوقنا اليوم هي العرض والطلب والقدرة الشرائية ،وفي هذا المقال الموجز لا اريد التحدث عن الطلب والعرض في سوقنا ففيه قصة طويلة ولكن اتحدث عن القدرة الشرائية للعراقيين على وجه الخصوص ،فسوقنا يشهد اسعار للسلع والخدمات غريبة عجيبة ومع ذلك السوق ماشي وغير واقف وهنا سوف اخذ مثال لخمسة سلع وخدمات وهي اسعار الموبايلات والسيارات والملابس والاراضي والبيوت وصالونات الحلاقة النسائية على جه الخصوص فهذه الامثلة اربع سلع وخدمة ومنها الضروري والاقل ضرورية. والسؤال الاهم : هل ان الناس يشترون بحسب قدرتهم الشرائية الحقيقية ام ان هناك قدرة شرائية وهمية هي التي تقود حركة السوق.
حاولوا ان تسالوا الناس عن رواتبهم ومدخولاتهم الحقيقية وتنظرون بوعي الى حجم القائمة الشرائية التي يتسوقونها في كل يوم وشهر والى طبيعة الاسعار التي يشترون بها دون مكترثين بارتفاعها.
الحقيقة انها قدرة شرائية وهمية ورأس مال وهمي فهناك حالة اقتراض جنونية لدى الكثير من الناس غير مبررة ولا مبنية على القدرة على التسديد بل المهم عند المقترض ان يحصل على مبلغ من المال وبغض النظر عن التبعات والمشاكل التي تترتب عليه فهو يستدان بحجم راتبه كله لشراء موبايل ويستدان بحجم راتبه لمدة ثلاثين سنة لتبديل سياراته بسيارة جديدة وهكذا ،كذلك من مظاهر القدرة الموهومة ان هناك مدخلات غير مبنية على اساس التنافس المنطقي بين القدرات فيتنافس موظف راتبه 500 الف مع كاسب يكدح ويحصل على مليون ولكن هذا الموظف الذي يفترض ان تكون قدرته الشرائية نصف قدرة ابو المليون يشتري باكثر من ابو المليون لان هناك قدرة وهمية تتمثل راس مال مسروق برشاوي واتاوات يحاول تأمين قدرة مالية له من خلالها واحيانا يشتري اشياء وليس بيده او لديه اي تصور عن قدرته ثم يقوم باخذ المال من الناس ظلما وعدوانا لكي يوازن بين حاجاته الجشعة وقدرته المالية الضعيفة.
تصوروا لو ان الموظفين والعمال وكل المجتمع يشتري بحسب قدرته الحقيقية وبعيدا عن راس مال موهوم يحرك السوق في دوامة ديون يجر بعضها من البعض الاخر بدون ضرورة او غرض عقلائي فهل ستبقى الاسعار على هذا المستوى وهل يستطيع السوق ان يسوق كل هذا الكم الغير ضروري من السلع وهل تصل اسعار البيوت والسيارات والملابس وصالونات الحلاقة وووووووو الى هذه الاسعار الجنونية التي يراها الشخص العصامي والملتزم مستحيلة على قدراته؟؟
السؤال الذي يفتحه هذا المقال هو : كيف السبيل الى اعادة ضبط عادات التسوق عند الناس ؟ وكيف يمكن ان نجعل السوق يتحرك بحسب القدرة الشرائية الحقيقية ولا نجعل راس المال الموهوم يقتلنا فنركض ليل نهار دون ان نستطيع الوصول الى تلك الاسعار الجنونية؟؟؟
اصدقائي الاعزاء اعتذر منكم للاطالة الا ان الموضوع يستحق الكثيير الكثير وكذلك اتمنى من اخوتي الاقتصاديين والماليين ان يوسعوا الافكار المطروحة ويفعلوا هذا الموضوع المهم جدا فنحن في مرحلة اصلاحااااات ..
مرتبط
