اخبار العراق الان

مقاومتة تظهر على جدران الموصل: داعش يشنّ حملة استباقية خوفاً من انتفاضة

مقاومتة تظهر على جدران الموصل: داعش يشنّ حملة استباقية خوفاً من انتفاضة
مقاومتة تظهر على جدران الموصل: داعش يشنّ حملة استباقية خوفاً من انتفاضة

2016-08-04 00:00:00 - المصدر: نقاش


 "داعش" الذي حكم الموصل وبات يحكم معها مليوناً ونصف المليون نسمة تقريبا بقبضة حديدية طوال السنتين الماضيتين، أصابه الخوف والارتباك بعد تقدّم القوات العراقية في ناحية القيارة (70 كلم) جنوب المدينة وبدء الترتيبات الدولية لمعركة الموصل، وكذلك تصاعد حملة مناهضة التنظيم من الداخل.

 

الوقائع الموثقة بالصور والفيديوهات أثبتت وجود نشاطات جدية ضد التنظيم المتطرف، اشتهرت عبر كتابة الحرف "م" على جدران بعض المدارس والجوامع والأبنية الأخرى.

 

"م" الذي صار رمز مناوئي داعش في الموصل لم يأتِ اعتباطا فهو الحرف الاول من كلمة "مقاومة"، فهذه حرب نفسية أكثر منها عمليات مسلحة، اذ لا طاقة للموجودين داخل المدينة على مقارعة آلاف المقاتلين المدججين بالسلاح والذين لا يردعهم شيء عن القتل والبطش خاصة إذا تعلق الأمر "بمعارضة الدولة الإسلامية وتهديد وجودها" لذا كل حركة تتم تحت جنح الظلام.

 

التنظيم لا يقف مكتوف اليدين فحيثما ظهر "م" سارع الى محوه واعتقل مدنيين بتهمة التورط في نشاطات معادية "للدولة الإسلامية"، لكن أخبار المقاومة اجتازت حدود الموصل بعدما نجحت في نشر مقاطع فيديو وصور فوتوغرافية كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتلقفتها بعض وسائل الإعلام العراقية فأعادت بثها.

 

في شهر حزيران (يونيو) الماضي وحده رصدت "نقاش" نحو عشرة منشورات من هذا النوع على فيسبوك، أبرزها فيديو يظهر "م" على جدار الجامع النوري الكبير حيث ألقى أبو بكر البغدادي خطبته الشهيرة والوحيدة.

 

ثمة حيّ سكني شرقي المدينة معروف انه يضم عدداً كبيراً من ضباط الجيش العراقي السابق حتى سُمي (حي الضباط)، هناك استيقظ الأهالي قبل أسبوع على هلع، احدهم رفع العلم في الليل على عمود كهرباء وفي الصباح هرع عناصر التنظيم إلى الحي فأنزلوا العلم واحرقوه، ثم اقتحموا المنازل القريبة واعتقلوا شبانا وضباطا متقاعدين، ثم اقتادوهم معصوبي الأعين للتحقيق معهم.

 

والمعروف أن داعش يرد بوحشية عندما يتعلق الأمر بأعمال مقاومة ضده، لذا اصدر في 21 تموز (يوليو) فيديو من سبع  دقائق، تم تصويره في الموصل.

 

في الفيديو يظهر جزاران يحمل كل منهما سكينا ويُجلِسان أمامهما شابين بملابس الموت الحمراء، احد الجزارين تحدث بالفرنسية متوعدا فرنسا ودول التحالف الدولي، كما حيّا منفذ هجوم "نيس" الذي أودى بحياة (84) شخصا، ثم انتهى العرض بقطع رأسي الشابين والتلويح بهما للعالم.

 

الجديد في هذا الإصدار اعتراف داعش الصريح بوجود مقاومة في أهمّ معاقله بالعراق، اذ اعترف الشابان عبر الفيديو بتورطهما في الكتابة ضد "الدولة الإسلامية" وتزويد التحالف الدولي والقوات العراقية بمعلومات عن مقار تم قصفها.

 

ابعد من ذلك، تتحدث باستمرار وسائل اعلام عراقية وشخصيات سياسية عن عمليات اغتيال ضد عناصر داعش تنفذها المقاومة وتنسب غالبا لفصيل يسمى "كتائب الموصل"، مثلا المحافظ السابق اثيل النجيفي يسوّق حاليا لفكرة ان "الموصل سوف تحرر نفسها من الداخل بمجرد ان تقف القوات العراقية على مداخلها".

 

مصدر مطلع تحدث لـ"نقاش" عن ان المقاومة تتبنى أسلوب الحرب النفسية والإعلامية بالدرجة الأولى، أما الهجمات المسلحة فهي محدودة ولا تشكل حاليا تهديداً كبيراً على داعش.

 

ولمواجهة الحرب الاعلامية أمعن التنظيم في عزل الموصل عن العالم عبر مراحل، البداية كانت بقطع الاتصالات الهاتفية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، ثم فرض حظراً على مغادرة المدينة في شباط (فبراير) 2015 واليوم لا سبيل للخروج منها الا عبر طرق التهريب المحفوفة بالمخاطر.

 

اجراءات العزل والحصار الشامل وصلت الى المنازل، فقد منعوا السكان عن مشاهدة الفضائيات والاطلاع على الاخبار خاصة ما يتعلق بعملية التحرير المرتقبة، وذلك بمصادرة اجهزة الستالايت من العائلات.

 

منذ شهر تقريبا باشر داعش بجمع الستالايت وربما يحتاج شهرا اخر لإتمام المهمة، حيث يجوب عناصره الاحياء السكنية بسيارات كبيرة وينادون على الناس عبر مكبرات الصوت لتسليم ما بحوزتهم من أجهزة ومن دون استثناءات، ثم ينقلونها الى أطراف المدينة لإتلافها.

 

يقول يعرب خالد (35 عاما) لـ"نقاش" عبر الهاتف "عندما سألتهم عن إمكانية ابقاء الستالايت في منزلي لان أطفالي متعلقون بأقلام كارتون، وبّخني احدهم : ألا تستحي انه حرام، كيف تبقي شيطانا في منزلك".

 

ولكي يضيق الخناق اكثر على مناوئيه قرر داعش منع الانترنت نهائيا عن الموصل ابتداء من يوم 24 تموز (يوليو) الحالي، وقد حصلنا على نسخة من هذا القرار.

 

كل هذه الحملات ينفذها التنظيم لضمان سيطرته على الموصل من الداخل قبل أي شيء، ورفع معنويات مقاتليه التي تؤكد مصادر خاصة لـ"نقاش" أنها في تراجع منذ تحرير الفلوجة أواخر حزيران (يونيو) الماضي، واذا ما حقق هذين الهدفين سيكون موقفه الدفاعي أفضل امام القوات التي سوف تتقدم لاقتحام المدينة.

 

بالنتيجة يعول سكان الموصل على ما تبقى من 2016 لبدء عملية التحرير والى ان يكون ذلك فان داعش حريص على جعلهم : لا أرى ، لا أسمع ، لا أتكلم.