اذا كان فن “البورتريه” في أبسط مفهوماته يعني صورة مرسومة أو لقطة فوتوغرافية لوجه من الوجوه، ترصد بدقة ملامح هذا الوجه الخارجية والداخلية وتترسم سماته وخصائصه وأهم ما يميزه، إضافة إلى التكريس الفني للنموذج المراد إبرازه فإن المصور الفلسطيني أسامة سلوادي توسّل بهذا الفن “البورتريه” بغرض خدمة القضية الفلسطينية جماليا، وإبراز التنوع الشكلي واللوني الذي يثري الشخصية الفلسطينية منذ أقدم العصور.
سلوادي أخذ على عاتقه تنفيذ مشروع فوتوغرافي فني يقوم على توثيق الجمال الفلسطيني من خلال فن “البورتريه”، وشرع بتنفيذ ذلك من خلال تصوير مجموعة من الأشخاص، ومن مختلف الأعمار والأشكال، لإظهار فسيفساء التنوع الجمالي الموجود في فلسطين.
ويقول سلوادي في حديثه لبوابة “العين”، إن مشروعه الذي أطلق عليه اسم “فلسطين صورة شخصية.. خارطة الجمال الفلسطيني”، هو أشبه ببحث اجتماعي في علم الأنثروبولوجيا “علم الإنسان” وخاصة في العصور الأولى والسحيقة، ولكن عن طريق التصوير، موضحاً أن بلاده غنية بالتنوع في الملامح ما بين الأبيض الاسكندنافي وصولا إلى الأسمر الإفريقي، وما بينهما من تدرجات في الشكل واللون، وطريقة الزي التي تدل على غنى حضاري وتنوع جمالي واختلاف اجتماعي بسبب اختلاط الشعب الفلسطيني بالحضارات الأخرى؛ سواء قديما أو حديثا عن طريق التزاوج او الهجرات وتعاقب الحضارات.
وبحسب سلوادي، وهو مصور محترف، وله باع طويل في التصوير منذ أكثر من 20 عاماً، فإن مشروعه يقوم على اختيار 100 شخصية على الأقل من مختلف الاعمار ومن الجنسين ومختلف طرق اللباس، لا يكتفي بالشكل وهذا من ميزات فن البورتريه، موضحاً أن اختيار هذه الشخصيات من خلال تطوعهم لذلك، بحيث يتم تحديد موعد للتصوير معهم، حيث أنجز حالياً تصوير ما يقارب العشرين شخصية.
ويرى سلوادي والذي أطلق عليه لقب “عين فلسطين” بأنه قد يكون أحد رواد هذا المشروع من خلال التوثيق عن طريق تصوير الوجوه، معترفا بأنه تأثر بأسلوب الفنان الهولندي الهولندي “رامبرانت” وهو فنان تشكيلي عاش قبل 450 عاما، حيث أحب أسلوبه في إضاءة الوجوه.
ويؤكد سلوادي أن استخدامه لفن البورتريه يحتوي على العديد من المميزات، منها أنه يظهر التحدي من خلال تحليل الوجوه أولا، ثم عرض التحليل الجمالي الواسع الناتج من اندماج الشعب الفلسطيني مع الحضارات الأخرى، موضحا أن هذا المشروع يعد مرحلة مهمة من توثيق حياة الشعب الفلسطيني عن طريق توثيق شكل الوجوه، فالصورة ليست تعبيرا عن الشكل الخارجي فقط، إنما تعبير عن التأثير الداخلي الموجود داخل الصورة، وهنا نوجِد القدرة المستقبلية لتحليل الحالة النفسية للأشخاص عن طريق الصورة من خلال اللباس وشكلهم وطريقة التزيين.
يذكر أن سلوادي يعد من أشهر المصورين الفلسطينيين، إذ عمل مع العديد من الوكالات الإخبارية العالمية، كما أسس أول وكالة تصوير فلسطينية “أبولو”، واشتهر بتوثيق الحياة اليومية للشعب الفلسطيني من خلال العديد من القصص والمشروعات التوثيقية المصورة، قبل أن يتجه لتوثيق التراث الفلسطيني بالصورة والاهتمام بالتاريخ المصور للشعب الفلسطيني في عشرة أجزاء، كما أصدر عدة كتب، وأقام العديد من المعارض محليا ودوليا، قبل أن ينال عددا من الجوائز التكريمية محليا ودوليا.