اخبار العراق الان

الفساد يحول دون الاقتصاص منهم: دواعش يتجوّلون بحرية في المدن المحررة

الفساد يحول دون الاقتصاص منهم: دواعش يتجوّلون بحرية في المدن المحررة
الفساد يحول دون الاقتصاص منهم: دواعش يتجوّلون بحرية في المدن المحررة

2016-08-31 00:00:00 - المصدر: نقاش


 بعدما قرر احمد الفهداوي وعائلته ترك الخيمة التي عاشوا فيها نازحين لعام ونصف العام والعودة الى مدينتهم الرمادي في الأنبار، فوجئوا وهم يشاهدون احد المتعاونين من "داعش" يسكن على بعد بضعة أمتار من منزلهم الذي دمره المتطرفون في منطقة التأميم، وهو يعيش حياة طبيعية بدلا من مكانه خلف قضبان السجن.

 

الفهداوي قرر الذهاب إلى مركز الشرطة الذي أعيد افتتاحه قبل أسابيع لتقديم شكوى ضد هذا الشخص الذي ينتمي إلى "داعش"، ولكن عدداً من جيرانه نصحوه بالعدول عن ذلك، لأن هذا الشخص يمتلك علاقات متينة مع القوات الأمنية وربما سيؤذيه لاحقا إذا ما قدم شكوى ضده.

 

الفهداوي الذي قرر ترك منزله والسكن في منطقة مجاورة يقول لـ"نقاش" إن "الوضع مخيف في المدينة على الرغم من تحريرها، هناك عناصر من داعش يتجولون بحرية في المدينة بعدما حلقوا ذقونهم واستغلوا علاقاتهم العشائرية والشخصية للإفلات من العقاب".

 

ويقول أيضاً إن هناك العشرات من السكان المحليين الذي انضموا الى "داعش" ساهموا في قتل العشرات من الأهالي وتدمير منازلهم، وبعد تحرير المدينة تمكنوا من تجاوز الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها الحكومة في المدينة لمنع عودة المتطرفين، وهؤلاء يثيرون خوف السكان من العودة إلى مدنهم.

 

قبل أيام قليلة تمكن عدد من مقاتلي العشائر من إلقاء القبض على عنصر في "داعش" في الرمادي بعد تقديم وثائق وشهود عيان يؤكدون ان هذا الشخص ينتمي إلى المتطرفين، على الرغم من أن المنطقة التي يعيش فيها هذا المتطرف لا تبعد سوى أمتار قليلة عن قوات الأمن العراقية.

 

ماجد الذيابي وهو احد مقاتلي العشائر في الرمادي، ويقوم مع مجموعة من زملائه بمسك الأرض في الضواحي الشمالية من الرمادي الى جانب الجيش والشرطة المحلية، يؤكد ان هناك العشرات من عناصر "داعش" يعيشون بحرية داخل المدينة على الرغم من تورطهم في أعمال إرهابية.

 

الذيابي يقول لـ"نقاش": "بعد ايام قليلة من عودة النازحين الى المدينة توالت شكاواهم حول متطرفين يعيشون بينهم في مناطقهم، وبدورنا قدمنا هذه الشكاوى الى القوات الامنية، ولكنهم لم يفعلوا أي شي".

 

ويضيف "اكتشفنا ان هناك فسادا إداريا وماليا يقف وراء ما يجري، فعناصر داعش دفعوا مبالغ مالية طائلة الى ضباط فاسدين مقابل عدم اعتقالهم، كما ان بعض المتطرفين لجأ إلى عشيرته لحمايته، بينما لجأ آخرون الى إخوانهم او أقربائهم الذين يعملون في الشرطة طلبا للحماية".

 

الذيابي قام هو ومقاتلوه خلال الشهر الماضي باعتقال عناصر من "داعش" بعد جمع شكاوى من الاهالي موثقة بالأدلة، كما قاموا بإبلاغ الجيش عن متطرفين آخرين يثيرون خوف الأهالي من انهم ما زالوا يتعاونون مع "داعش" ويقومون بدور خلايا نائمة.

 

وتمكنت قوات الجيش وطيران "التحالف الدولي" من تحرير الرمادي في شباط (فبراير) العام الحالي بعد معارك استمرت أسابيع، وقبل ايام أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين عودة 50 ألف نازح من سكانها الى منازلهم، ومازالت المدينة تعاني من مشكلات أمنية وخدمية، والعديد من المناطق ما زالت من دون كهرباء ومياه.

 

المسؤولون المحليون في الأنبار يؤكدون وجود عناصر من "داعش" داخل المدن المحررة، ولكن الفوضى التي تعيشها هذه المدن وغياب الاستقرار وتعدد التشكيلات المقاتلة في المدينة وضعف الشرطة المحلية هي مشكلات تعاني منها المدن الخمسة التي تحررت في الأنبار مؤخرا وهي الرمادي والفلوجة والرطبة وهيت وكبيسة.

 

راجع العيساوي عضو مجلس محافظة الأنبار وهو أيضا رئيس اللجنة الأمنية في المحافظة، يؤكد وجود عناصر ومتعاونين مع "داعش" بين السكان المحليين في المدن المحررة، ويقول لـ "نقاش" ان "أوامر وجهت الى الجيش لمتابعة هذه القضية الخطيرة، وتم إلقاء القبض على عدد من المتطرفين".

 

ولكن العيساوي يحذر من وجود اتهامات كاذبة بالانتماء إلى "داعش" يستخدمها البعض لأسباب شخصية وخلافات عائلية وعشائرية، وعلى قوات الأمن التأكد تماما من هذه الاتهامات لمنع اندلاع خلافات عشائرية وشخصية.

 

في 29 أيار (مايو) الماضي هاجم "داعش" مدينة هيت بعد شهر ونصف على تحريرها، وقتل خلال الهجوم ضباطا وجنودا لم يتوقعوا ان يهاجمهم المتطرفون بهذه السرعة، وفتحت الحكومة تحقيقا في الحادثة، وتوصل التحقيق الى نتائج خطيرة.

 

التحقيق تم في شكل سري لعدم رغبة الحكومة الانشغال بقضايا ثانوية قد تعرقل العمليات العسكرية في البلاد، ولكن ماجد النمراوي وهو احد شيوخ العشائر في المدينة قال لـ "نقاش" ان "التحقيق توصل الى ان هجوم داعش تم بمساعدة أفراد من مقاتلي العشائر الذين يعملون إلى جانب الجيش".

 

بعد استعادة هيت من المتطرفين أسس عدد من الاشخاص أفواجا عشائرية مقاتلة من دون غطاء رسمي تحت ذريعة محاربة "داعش"، واستغلوا الفراغ الأمني الذي حدث في المدينة بعد تحريرها وقدموا أنفسهم باعتبارهم  قوة أمنية تساعد الجيش المنهك من المعارك لحماية المدينة.

 

الهجوم الذي شنه "داعش" على المدينة تم عبر المناطق التي ينتشر فيها مقاتلو العشائر المشبوهون وخصوصا في منطقة البكر شمال المدينة، ويقول النمراوي ان "هؤلاء المقاتلين الوهميين المتعاونين مع المتطرفين انسحبوا من أماكنهم وتمكن داعش" من الهجوم عليها.

 

نجح الجيش في السيطرة على الوضع وتمكنوا من اجبار "داعش" على الانسحاب من المناطق التي احتلوها، ولكن الضباط أصبحوا اكثر حذرا من التعامل مع بعض مقاتلي العشائر المتورطين بالعمل مع "داعش" وفق معلومات تصل الى القوات الأمنية عبر السكان والمسؤولين المحليين.

 

الطبيعة القبلية في الأنبار والارتباط الوثيق داخل العشيرة التي تدافع عن أعضائها في بعض الاحيان حتى وان كان يعمل مع المتطرفين احد المشكلات التي تواجه هذه المدينة في المستقبل، بينما هناك عشائر قريبة من الحكومة بدأت توجه تهماً كاذبة الى عشائر منافسة لها لأجل الحصول على منافع شخصية.