فيلق المستشارين وأخطاء المسؤولين
الحرة حدث...
تجاوزت اعداد المستشارين في مؤسسات الدولة العراقية نظيراتها في جميع دول العالم، على الرغم من توقف انشطة الانتاج والتطويرفي تلك المؤسسات وفي المؤسسات الجديدة التي استحدثت بعد سقوط الدكتاتورية، وبالرغم من ترهل الجهاز الحكومي العراقي بكل مستوياته بنسب فاقت كل التوقعات وخرجت عن المألوف محلياً وعالمياً، للحد الذي لم تعد الايرادات كافية لتغطية الرواتب والالتزامات الحكومية الاخرى، من دون اقتراض خارجي !.
اذا كانت العناوين الوظيفية الكبيرة للمسؤولين قد أخفقت في التخطيط والتنفيذ للعبور بالبلاد الى فضاءات مستقرة سياسيا واقتصادياً وأمنيا ً، نتيجة تناحرها السياسي وتعدد ولاءاتها الخارجية على حساب المصلحة الوطنية العليا، فأن ذلك كان وسيبقى من اولى مهام (فيلق) المستشارين المنتشرين في جميع مؤسسات الدولة ودوائرها الفرعية وعلى جميع المستويات، من الرئاسات الى مدراء البلديات ..!.
لكن ذلك لم ولن يحدث، لأن هؤلاء المستشارين في الاغلب الاعم غير مؤهلين علمياً ولاعملياً لشغل مناصبهم الحساسة التي تكلف الدولة ارقاماً فلكية من المال العام، وقد جرى تعينهم لاسباب متعددة ليس من بينها ابداً تقديم الاستشارة للمسؤول لانهم من (صنفه ومستواه)، وماحدث ويحدث يومياً من أخطاء جسيمة وغير مؤلوفة في مكاتب المسؤولين الكبارالا دليلاً دامغاً على ذلك .
فقد (صادق) رئيس الجمهورية على قرار(سحب الثقة) من وزير الدفاع دون مسوغ دستوري، لان صلاحيات الرئيس محددة بالمصادقة على القوانين ولاعلاقة له باقالة وزراء، اما رئيس مجلس النواب فقد قرر(مضاعفة) غياب النواب المتسببين بعدم اكتمال نصاب جلسة البرلمان الاخيرة، وتبين لاحقاً بأن ذلك ليس من صلاحياته، هذان مثالان فقط عن اخطاء دستورية وقع بها الرؤساء، وعلى منوالها عدد لايحصى من اخطاء المسؤولين بكل مستوياتهم خلال الاعوام الماضية، ولم تنفع معهم سنوات الممارسة السابقة ولااعداد مستشاريهم المكتضة بهم المكاتب وبكل الاختصاصات .
لقد تحولت تلك الاخطاء الى ظاهرة، لانها لاترتبط بالمسؤولين الكبارفقط، بل بالغالبية العظمى من القائمين على مواقع القرار، وكذلك تمتد الى بقية الموظفين الحكوميين ممن تم تعينهم نتيجة الولاءات الحزبية على حساب الكفاءة في كل دوائر الدولة، وقد اصبح واقع حال يواجهه العراقيون خلال مراجعاتهم للدوائرالرسمية، عندما تصدمهم (أمية) الموظف الذي لايعرف المطلوب منه لاكمال معاملة المواطن فيتحجج بنقص فيها ويراوغ للابتزاز، ناهيك عن الاخطاء اللغوية الجسيمة في الكتب الرسمية وتداخل الصلاحيات والطلبات الغير مشروعة، التي تفرضها (عصابات) الرشوة علناً كأنها واجبات ..!.
لقد انتهكت (مفاهيم) المناصب الرسمية والعناوين الوظيفية بشكل صارخ وغير مسؤول، بالرغم من كونها مواقع عمل عام وليس شخصي، وهي تفرض واجبات وضوابط محددة بالقوانين الرسمية لايجوز تجاوزها، لكننا لم نشهد اي اجراء رسمي وقانوني بحق المخالفين للقوانين الدستورية ( أوعلى الاقل اعتذاررسمي) بالرغم من تكرارها، وبالرغم من (توفير)اعداد كبيرة لهم من المستشارين المفترض ان ذلك من اختصاصهم، وهي مخالفة دستورية كذلك يتحملها المسؤول (رفيع المستوى) الذي يفترض انه القدوة في النظم الديمقراطية .