ما بعد معادلة زيدان مع الريال لرقم جوارديولا مع البرشا …هل باتت المقارنة جائزة بينهما
حقق نادي ريال مدريد فوزه الرابع على التوالي في الدوري الاسباني لهذا الموسم بعد أن فاز على اسبانيول بهدفين مقابل لاشيء في اللقاء الذي جرى بينهما على أرضية ملعب باور في مدينة برشلونة ليتصدر الملكي لائحة الترتيب بالعلامة الكاملة متقدماً على جميع منافسيه وأبرزهم برشلونة بطبيعة الحال. الانتصار هو السادس عشر لريال مدريد على التوالي بقيادة زين الدين زيدان كمدرب ليتعادل النجم الفرنسي مع مدرب برشلونة الاسطوري بيب جوارديولا بعدد الانتصارات المتتالية وإن كان بيب قد حققها في موسم واحد ، فهل بات من الممكن مقارنة غوارديولا بزيدان ، وهل يمكن القول أن الفرنسي هو مشروع مدرب أسطوري لريال مدريد ؟
بداية ماذا قدم زيدان للحظة مع ريال مدريد
حتى اللحظة لم يقدم لنا زين الدين زيدان ما يثبت أنه مدرب من العيار الثقيل رغم الفوز بالأبطال في الموسم الماضي والانتصارات الأربعة المتتالية في الدوري المحلي والفوز المتأخر على لشبونة في دوري الأبطال هذا الموسم . حيث أن كرة القدم التي يقدمها الفريق ليست ممتعة كالتي قدمها جوارديولا مثلاً مع برشلونة ، كما أننا لم نر الكثير اللمسات التكتيكية الساحرة التي تقلب اللقاء التي كان يملكها مثلاً من أنشيلوتي، لكن زيدان بالتأكيد قد قدّم لنا فريقاً شخصية قوية للغاية على أرضية ملعب تسمح له بالتحكم باللقاء والعودة إليه متى شاء في حال التأخر ، كما أظهر النجم السابق حسن توظيف عال لعناصر التشكيلة التي يمتلكها حتى اللحظة بدليل قدرته على تعويض غياب أبرز نجومه ونتحدث هنا طبعاً عن رونالدو وبيل بشكل رئيسي.
بناء على ما تقدم نستطيع القول أن زيدان بالتأكيد ليس أفضل المدرب على الصعيد التكتيكي والفني على الساحة حالياً، لكنه بالتأكيد من أفضل المدربين تعاملاً مع بيئة ريال مدريد الصعبة والمعقدة والتي تتداخل فيها نجومية اللاعبين مع ضغوطات الإدارة والصحافة والجمهور على السواء. ومفتاحه الأساسي معرفته الكبيرة بهذه البيئة وفهمه لها أولاً وشخصيته القوية ثانياً التي تستطيع أن تضبط غرفة الملابس وتريح لاعبيه بنفس الوقت.وسر نجاح هذا التعامل فهمه الكبير للاعبين النجوم وغير النجوم بسبب تاريخه الكبير كأسطورة كروية ، وبالتالي فهو يعرف متى يمنح الثقة للاعب ومتى يحجبها عنه بما يضمن تحفيزة ودفعه لتقديم أفضل أداء ممكن .وهو حتى اللحظة لا يلجأ إلى تكتيكات معقدة لا حاجة لها بقدر منحه للاعبيه الحرية المطلوبة ضمن إطار تكتيكي مناسب ليقدموا أفضل ما عندهم على أرضية الملعب، وحتى اللحظة يبدو هذا الأسلوب ناجحاً إلى حد كبير .
هل تجوز مقارنته بجوارديولا ؟
منذ أن استلم زيدان تدريب الريال وهو موضع مقارنة مع بيب جوارديولا كما سبق وتحدثنا عن ذلك في مواضيع سابقة . والسبب يعود أن كليهما من تاريخ الفريق الذي دربه وكلاهما في نفس العمر تقريباً (بيب ٤٥ عاماً وزيدان ٤٤ عاماً) . رغبة عشاق ريال مدريد الشديدة في أن يقدم زيدان مع فريقهم ماقدّمه بيب مع البرشا في ظل المنافسة الحادة بين قطبي اسبانيا تجعل للمقارنة أكثر إغراءً وإلحاحاً خصوصاً مع معادلة زيدان لرقم جوارديولا كما ذكرنا في بداية الحديث.
لكن هذه المقارنة لا تجوز حالياً لعدة أسباب، أولها أن زيدان لا يزال في بداية مسيرته كمدرب لفرق الصف الأول مقارنة بجوارديولا الذي أمضى حتى اللحظة سبعة أعوام في عالم تدريب الكبار (أربعة مع برشلونة وثلاثة مع البايرن ) .كما لا تجوز أيضاً مقارنة كرة القدم الذي قدمها بيب مع البرشا بكرة القدم التي يقدمها زيدان مع ريال مدريد لاختلاف المدارس التي نهل منها كلا المدربين ، حيث أن جوارديولا هو تلميذ كرويف النجيب وابن بيئة برشلونة واسبانيا التي تعتمد الاستحواذ واللعب الجمالي فلسفة أساسية ، وحتى لعبه مع روما وبريشيا في إيطاليا وتدربه على يد كابيلو لم يؤثر على إيمانه الكبير بهذه الفلسفة بل سمح له بتكريس أسلوب الاستحواذ عبر تعلمه الدفاع العالي واستخلاص الكرة من المنافس في مناطقه. وعلى النقيض تماماً فإن زيدان قد نهل أكثر من المدربين الذين يعتمدون أسلوب اللعب المباشر والفعال سواء كلاعب مع اليوفنتوس عندما دربه ليبي وأنشيلوتي أو مع الريال عندما درّبه ديل بوسكي وأيضاً مع المنتخب الفرنسي تحت إدارة مدرب فرنسا الأسطوري إيميه جاكييه وخلفه روجيه لومير .
أما كمدرب مساعد فقد تعلم زيدان من أنشيلوتي وأيضاً من جوزيه مورينيو عندما كان مديراً للفريق ،وبالتالي من الطبيعي أن تكون كرة القدم التي يقدمها زيدان أقل إمتاعاً وأكثر فاعلية ومن الظلم مقارنة أسلوب اللعب بين الاثنين لاختلاف خلفيات كل منهما ، لكن هذا لا يعني أن المقارنة غير جائزة بالمرة .
إذا متى تجوز المقارنة ؟
ومع تشابه خلفيتهما كلاعبين (وإن كان زيدان أنجح بكثير ) وتطابق كونهما ابني بيئتيهما في برشلونة وريال مدريد (مع التنويه أن جوارديولا هو ابن بيئة برشلونة أكثر بكثير من زيدان الذي نشأ في فرنسا ثم انتقل إلى إيطاليا قبل أن يحط الرحال في اسبانيا) فإن الإطار العام للمقارنة موجود ومدعوم بالمنافسة الكبيرة بين قطبي اسبانيا .لكن المقارنة تصح فقط على صعيد النتائج والنجاح مع الفرق التي يدربانها وضمن إطار زمني موحد،حيث يمكن مقارنة أول موسم لزيدان مع أول موسم لجوارديولا أو أول أربع سنوات لزيدان مع أول أربعة أعوام لجوارديولا. كما تجوز المقارنة أيضاً بالتدخلات الفنية خلال اللقاء التي تكشف الكثير من ذكاء المدرب وحنكته. عدا عن ذلك فإن المقارنة غير جائزة بل حتى ظالمة بحق زين الدين زيدان الذي بدأ متأخراً عن جوارديولا كما أسلفنا .
في النهاية وحدها الألقاب تجعل من المدرب أسطورياً ، وقد بدأ زيدان مسيرته بأهم لقب للريال وهو دوري الأبطال مما يجعل مسيرته أصعب والمطالب منه أكثر ، لكن النجم الفرنسي يمتلك كل المؤهلات ليكون مدرباً أسطورياً للريال من خلال حسن استعماله للأدوات الكثيرة التي يمتلكها والخبرة والفهم الذين يمتلكها عن الريال وبيئته ، وبالتالي نستطيع القول أن زيدان يسير في الطريق الصحيح حتى الآن، وبعد زمن معين ستجوز مقارنته بشكل دقيق مع بيب في برشلونة .
لقراءة مقالات أخرى للكاتب اضغط هنا:
صفحة الكاتب على الفيسبوك وتويتر :