مابعد داعش : هل سيحقق العراق التوازن الاقتصادي بموزانة 2017؟
يبدأ العراق مرحلة جديدة من المباحثات الداخلية والخارجية، لتمويل العجز الجاري في موازنته للعام المقبل، التي تبدأ مطلع 2017، بعد إقرارها من جانب مجلس الوزراء.
ويشكل تراجع أسعار النفط فضلا عن تكاليف الحرب على تنظيم داعش وإعادة بناء ما يسببه من خراب في المدن العراقية، فضلا عن عبء الديون وفوائدها ثلاثي يحاصر بقوة الموازنة العراقية ويزيد من دائرة العجز فيها.
وقدرت قيمة الموازنة العراقية التي تنتظر موافقة مجلس النواب، بـ102 تريليون دينار (85 مليار دولار)، بينما بلغت قيمة العجز الجاري فيها للعام الحالي، بعد تنفيذ تقشف في النفقات، بـ32 تريليون دينار (26.6 مليار دولار).
وتزامن ارتفاع العجز المالي الجاري في مشروع الموازنة المقبلة، مع استمرار الحرب على تنظيم “داعش” للعام الثالث على التوالي، فيما تواصل أسعار النفط الخام تسجيلها مستويات متدنية.
وتراجعت أسعار النفط الخام بنسبة 65% في الوقت الحالي، عما كانت عليه منتصف 2014، نزولاً من 120 دولاراً للبرميل إلى أقل من 47 دولاراً اليوم.
وصعدت صادرات العراق من النفط الخام لتوفير السيولة المالية المطلوبة لمواجهة النفقات الجارية للحكومة العراقية، التي تعاني أزمة مالية نتيجة تراجع أسعار الخام بنسبة 60٪ عما كانت عليه منتصف 2014.
ويعتمد العراق على مبيعات النفط لتوفير أكثر من 85% من إيرادات الدولة المالية.
وارتفعت صادرات النفط العراقية بنسبة 0.82% في أغسطس/ آب الماضي، مقارنة مع يوليو/تموز، إلى 100 مليون و 130 ألف برميل صعوداً من 99 مليونًا و300 ألف برميل، وفق وزارة النفط العراقية.
وتكافح الحكومة التي يقودها حيدر العبادي، من أجل معالجة عجز مالي يشكل 30% من اجمالي الموازنة العامة عبر الإقتراض الداخلي من البنوك الحكومية وخارجياً من بنوك ومؤسسات دولية.
ويقول مظهر محمد صالح مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون السياسات المالية، إن “العجز في موازنة العام المقبل هو ثلث الموازنة. إنه عجز مخطط لكنه كبير.. سيتم اللجوء للاقتراض الداخلي عن طريق وزارة المالية والبنك المركزي، والخارجي عن طريق صندوق النقد الدولي”.
وأضاف صالح إن “الجزء الأكبر من عملية الاقتراض ستكون داخلية وتشكل نسبة (60% – 70%) من عملية الاقتراض، وتتضمن إصدار حوالات خزينة وسندات عن طريق وزارة المالية وتتداول في السوق”.
ولفت المسؤول العراقي إلى أن “النسبة المتبقية لتغطية العجز ستكون عبر الاقتراض الخارجي، عن طريق البنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية، إضافة الى مصادر أخرى (لم يحددها)”.
ولجأت بغداد خلال الاشهر الماضية الى توريد أسلحة ومعدات قتالية من دول مختلفة، بطريقة الدفع بـ”الآجل”، كما طلبت من الكويت لعامين متتاليين تأجيل سداد نحو 4.6 مليار دولار قيمة تعويضات الغزو العراقي للكويت عام 1990 بسبب الأزمة المالية.
ومن المقرر ان يتسلّم العراق نحو ملياري دولار قبل نهاية العام الجاري، من صندوق النقد الدولي ضمن القرض المالي الذي اتفق على منحه لبغداد والبالغ 5.3 مليار دولار، بنسبة فائدة 1.5% على مراحل بعد أن تسلّم الدفعة الأولى والبالغة 634 مليون دولار يوليو/تموز الماضي.
ووفقاً للبنود الواردة في مشروع قانون الموازنة الاتحادية، فأن البنك المركزي العراقي سيتكفل بتصدير سندات مالية بقيمة 12 تريليون دينار (نحو 10 مليارات دولار) لتغطية العجز.
وقالت ماجدة التميمي عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي”، إن “العجز المالي كبير في الموازنة، وسيكون هناك ضغط كبير على المصارف الحكومية الرئيسية في البلاد (الرافدين، الرشيد، المصرف العراقي للتجارة)”.
واضافت أن “البنك المركزي العراقي سيصدر سندات مالية بقيمة 12 تريليون دينار لتغطية العجز المالي”، مشيرة إلى أن “الارقام في الموازنة غير قابلة للتغيير عند مناقشتها في البرلمان، لكن ذلك لا يعني إمكانية إضافة مبالغ أخرى للموازنة ضمن ملحق”.
ورغم نجاح بغداد في يوليو/تموز الماضي في الحصول على نحو ملياري دولار من مؤتمر المانحين الذي انعقد في العاصمة واشنطن، مخصصة لإعادة إعمار المناطق المحررة من قبضة تنظيم “داعش”، لكن التميمي تقول إن حجم الأضرار يتطلب مبالغ مضاعفة.
وخصصت الحكومة العراقية في موازنة العام المقبل 24 تريليون دينار (نحو 20 مليار دولار) موازنة استثمارية لتمويل مشاريع قطاع النفط، والأمن، والكهرباء، وهي الأقل في الموازنات السنوية حسب المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي.
ويضيف الهنداوي للأناضول، أن “وزارة التخطيط لديها 4.5 ألف مشروع مستمر (يحتاج إلى تمويل مالي سنوي)، وأمام الازمة المالية، وضعنا ثلاثة خيارات لمواصلة العمل بالمشاريع، هي عرضها كفرص استثمارية، ومشاركة القطاع الخاص، والتنفيذ بطريقة الدفع بالآجل”.
وأوضح المسؤول العراقي أن “الدفع بالآجل (الاقتراض) حددت له آليات وضوابط تمثلت بأن لا تزيد نسبة الفائدة على 6% سنوياً، وأن يبدأ سداد الديون بعد مضي 3 سنوات من إنجاز المشروع، وتكون عملية الدفع نصف سنوية”.
المصدر / الاناضول
شارك هذا الموضوع: