وقت العمل وانتظامه مقياس صحتك المستقبلية
الكاتب / ندى علي
كم يبذل الإنسان من الجهود العضلية والفكرية لكي يضمن مصدر رزق يمنحه قدرة على إعالة نفسه وعائلته، والحصول على حياة مرفّهة وعيش كريم، بل في حالات هي الأكثر والأعلى في العالم، أن كثرة هذه الجهود التي قد تعرض حياة الإنسان الى خطر الموت، ربما لا تحقق له ما يحلم به من حياة مرفهة ورغيدة.
فكثير من الأعمال والوظائف والمهن التي تتطلب جهدا عضليا وفكريا مضنيا، ربما لا تحقق للعامل او الموظف سوى مورد بالكاد يسد رمق عائلته، فهناك مخاطر حقيقية في المجال الصحي تنتج عن طبيعة العمل او الوظيفة التي يقوم بها الرجل او المرأة، كما أن السن له دخل في هذه الأمراض والأخطار.
في هذا الحيز قالت دراسة جديدة إن أماكن العمل التي تشجع على أسلوب الحياة الصحي يقل فيها عدد العاملين الشباب الذين يعانون من السمنة. ووجد الباحثون أن نحو 17 في المئة من الموظفين الشباب في أماكن العمل التي تشجع على الممارسات الخاصة بأسلوب الحياة الصحي يعانون من السمنة مقابل 24 في المئة تقريبا في أماكن العمل التي لا تهتم بهذا الأمر.
وفي اليابان التي تعد نموذجا للدول الأخرى في مجال الوظائف والعمل هناك من يمرض او يموت بسبب العمل حيث تشهد اليابان عددا قياسيا من طلبات التعويض عن الوفيات بسبب الإجهاد في العمل أو ما يعرف باسم (كاروشي) وهي ظاهرة ارتبطت في السابق بموظفي الشركات الذين يتكبدون العناء للحصول على رواتبهم التي هي مصدر دخلهم الوحيد لكنها أصبحت تؤثر بشكل متزايد في الموظفين الأصغر سنا والموظفات.
ومن الغريب حقا أن لا تطبق دولة مثل اليابان نظاما لتحديد ساعات العمل في اليوم الواحد او في الأسبوع، فهذه الدولة المتطورة لا تطبق حدا قانونيا على ساعات العمل لكن وزارة العمل تقر بوجود نوعين من (كاروشي) الأول هو الوفاة بسبب أمراض القلب المرتبطة بالإجهاد في العمل والثاني هو الانتحار بسبب ضغوط عقلية لها علاقة بالعمل.
كذلك هناك أخطار قد ترافق العمل في الليل اكثر منها في النهار كما نلاحظ في النتائج التي أظهرتها دراسة حديثة تقول إن الأشخاص الذين يعملون أحيانا في نوبات ليلية ربما تزداد لديهم قليلا مخاطر الإصابة بأمراض القلب. وزادت مخاطر إصابة الممرضات اللاتي شملتهن الدراسة وكن يعملن في ثلاث نوبات ليلية على الأقل شهريا بمتاعب في القلب خلال الأعوام الأربعة والعشرين التالية مقارنة بممرضات يعملن دوما في نوبات بالنهار.
وكلما ازدادت ساعات العمل أصبح العامل أقرب من غيره الى الإصابة والتعرض للخطر، حيث أشارت نتائج دراسة حديثة الى ان ساعات العمل الطويلة التي تصل الى 55 ساعة أسبوعيا مرتبطة على نحو كبير باحتمال الإصابة اللاحقة بالسكتة الدماغية وذلك بالمقارنة بمن يعملون من 35 الى 40 ساعة أسبوعيا. وكان نفس هذا الفريق البحثي قد ربط في السابق بين طول ساعات العمل وزيادة احتمالات الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.
ومن الجدير بالذكر أن العمل غير المنتظم بتوقيتات منتظمة وثابتة، يكون فيها العامل او الموظف أكثر عرضة لخطر الإصابة الصحية، نلاحظ ذلك في النتائج التي أظهرتها دراسة فنلندية جديدة تؤكد أن العمل وفق نظام (الورديات) أي التوقيت المتقلب قد يؤدي إلى سوء التغذية وممارسة قدر غير كاف من الرياضة وهما عاملان مسؤولان على الأقل عن تزايد المخاطر الصحية بين من يعملون وفق مواعيد عمل متنوعة أو في ورديات ليلية بشكل منتظم.
فيما تكون الحركة والرياضة والمشي سببا قويا لمنع الإصابة، كما تأكد ذلك في قول علماء مختصين بأن ممارسة رياضة المشي السريع لمدة ساعة يوميا خلال يوم العمل تقلص خطر الموت المبكر المرتبط بالعمل المكتبي. جاء ذلك في إطار دراسة وتحليل بيانات النشاط البدني لأكثر من مليون شخص نشرتها مجلة لانسيت بالتزامن مع الأولمبياد. وكشفت الدراسة أن مشاهدة التلفزيون أسوأ من الجلوس لفترات طويلة على مكتب، ولعل ذلك بسبب العادات المرتبطة بالمشاهدة مثل تناول الوجبات الخفيفة.
وقد تأكد الدور المهم جدا للرياضة في حماية الإنسان من مخاطر المرض المفاجئ حيث أوصت الإرشادات الحالية لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا “NHS” بممارسة تمارين باعتدال أسبوعيا لمدة 150 دقيقة. ويزيد عدم ممارسة النشاط الرياضي من خطر الإصابة بأمراض مثل مرض القلب والسكري وبعض أنواع السرطان. ويرتبط عدم ممارسة الرياضة بوفاة 5.3 مليون شخص سنويا على مستوى العالم، مقارنة بـ 5.1 مليون شخص يموتون بسبب التدخين.
العمل باليابان يضاعف من الوفيات
في هذا السياق تشهد اليابان عددا قياسيا من طلبات التعويض عن الوفيات بسبب الإجهاد في العمل أو ما يعرف باسم كاروشي وهي ظاهرة ارتبطت في السابق بموظفي الشركات الذين يتكبدون العناء للحصول على رواتبهم التي هي مصدر دخلهم الوحيد لكنها أصبحت تؤثر بشكل متزايد في الموظفين الأصغر سنا والموظفات.
والطلب على العمل في اليابان هو الأعلى منذ 1991 بمعدل 1.28 وظيفة لكل طالب وظيفة الأمر الذي سيساعد رئيس الوزراء شينزو آبي على مواجهة تداعيات انكماش عدد السكان لكن التراخي في تطبيق قوانين العمل يجعل بعض الشركات ترهق الموظفين للحصول على المزيد من إنتاجيتهم مما يخلف آثارا مأساوية في بعض الأحيان بحسب رويترز.
وارتفعت طلبات التعويض عن كاروشي إلى عدد قياسي بلغ 1456 في العام المنتهي في نهاية مارس آذار 2015 وفقا لبيانات وزارة العمل إذ تركزت الحالات على قطاعات الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والشحن والبناء التي تعاني جميعها من نقص مزمن في العمالة. وقال هيروشي كاواهيتو السكرتير العام للمجلس الوطني للدفاع عن ضحايا كاروشي إن العدد الفعلي ربما يكون أكبر من ذلك عشر مرات لأن الحكومة لا تريد الاعتراف بمثل هذه الحالات.
وأضاف كاواهيتو وهو محام يتعامل مع قضايا كاروشي منذ الثمانينيات أن 95 بالمئة من الحالات التي ترد إليه كانت لموظفي شركات في منتصف العمر لكن نحو 20 بالمئة من حالات الوفاة بسبب الإجهاد في العمل أصبحت لسيدات. ولا تطبق اليابان حدا قانونيا على ساعات العمل لكن وزارة العمل تقر بوجود نوعين من كاروشي الأول هو الوفاة بسبب أمراض القلب المرتبطة بالإجهاد في العمل والثاني هو الانتحار بسبب ضغوط عقلية لها علاقة بالعمل.
البدناء أقل في أماكن العمل الصحية
فيما قالت دراسة جديدة إن أماكن العمل التي تشجع على أسلوب الحياة الصحي يقل فيها عدد العاملين الشباب الذين يعانون من السمنة. ووجد الباحثون أن نحو 17 في المئة من الموظفين الشباب في أماكن العمل التي تشجع على الممارسات الخاصة بأسلوب الحياة الصحي يعانون من السمنة مقابل 24 في المئة تقريبا في أماكن العمل التي لا تهتم بهذا الأمر.
وقالت أليسون واتس التي قادت فريق الدراسة وهي من كلية الصحة العامة في جامعة مينيسوتا في منيابوليس بالولايات المتحدة “جربت شخصيا مجموعة من أماكن العمل المختلفة التي أشعر أنها أثرت في عاداتي الغذائية ونشاطي البدني سواء ايجابيا أو سلبيا.” وأضافت لرويترز هيلث في رسالة بالبريد الالكتروني أن هذه العوامل بينها مساندة الزملاء ووجود دروس لليوجا في الوقت المخصص للغداء وتوفر الطعام.
واستخدم الباحثون بيانات عن 1538 شخصا أجابوا استبيانات بينما كانوا في المرحلة الاعدادية أو الثانوية عامي 1998 و1999. وبعدها بسنوات أجاب المبحوثون عن عشرة أسئلة أخرى. وفي مسح ثان كان متوسط عمر المشاركين 25 عاما. ومن بين العوامل التي ذكرها المبحوثون للباحثين أنظمتهم الغذائية المعتادة وتمارينهم الرياضية الأسبوعية وتفاصيل عن أماكن عملهم ومواقعها.
وكان أقل من نصف المشاركين يتناولون خمس حصص على الأقل من الفواكه والخضراوات يوميا ويشربون أقل من 27 في المئة مشروبا يحتوي على السكر ويتناولون 20 في المئة وجبات سريعة ثلاث مرات أسبوعيا على الأقل. وكان أكثر من النصف يمارسون التمارين الرياضية ساعتين ونصف الساعة أسبوعيا ويتنقلون سيرا على الأقدام أو بالدراجات.
وكانت المشروبات الغازية والوجبات الخفيفة المحلاة متوفرة في معظم أماكن العمل. وذكر أكثر من النصف أن تناول أطعمة صحية وممارسة النشاط البدني أمر سهل في العمل. وبصورة عامة كان 19 في المئة من المشاركين في الدراسة يعانون من السمنة لكن احتمالات الاصابة بالسمنة كانت تقل لدى من أبلغوا عن ثلاثة عوامل صحية أو أكثر في أماكن عملهم مقارنة مع من كانوا يعملون في اماكن أقل اهتماما بالعوامل الصحية.
وقالت واتس إن “الموظفين الشباب يواجهون الكثير من الضغوط مثل ضغط الوقت والمسؤوليات الشخصية والمهنية والموارد المحدودة.” وذكرت كارولاين دون رئيسة قسم خدمات الشباب والأسرة والمجتمع المحلي في جامعة نورث كارولاينا إن الدراسة تظهر أهمية البيئة المحيطة كعامل في الغذاء الصحي وممارسة النشاط.
العمل في نوبات ليلية يعرض القلب للخطر
وقد اكدت دراسة حديثة إن الأشخاص الذين يعملون أحيانا في نوبات ليلية ربما تزداد لديهم قليلا مخاطر الإصابة بأمراض القلب. وزادت مخاطر إصابة الممرضات اللاتي شملتهن الدراسة وكن يعملن في ثلاث نوبات ليلية على الأقل شهريا بمتاعب في القلب خلال الأعوام الأربعة والعشرين التالية مقارنة بممرضات يعملن دوما في نوبات بالنهار.
وقالت سيلين فيتر التي قادت الدراسة وهي من كلية هارفارد للطب ومستشفى (برايام آند ومين) في بوسطن “أظن أنها رسالة مهمة لأنها قد تكون عامل مخاطرة قابل للتعديل.” وخلال الدراسة استخدمت فيتر وزملاؤها بيانات من أكثر من 189 ألف سيدة شارك نحو 40 في المئة منهن في دراسة عن صحة الممرضات بدأت عام 1988. بينما شاركت المتبقيات في دراسة أخرى بدأت في 1989.
وكان سن المشاركات في الدراستين يتراوح بين 25 و55 عاما. وفي البداية لم تكن أي منهن تعاني من أمراض القلب والشرايين التي تنجم عن ضيق أو انسداد الشرايين التي تنقل الدم لعضلة القلب. وخلال فترة الدراسة أصيبت 7303 ممرضات في المجموعة الأولى بمتاعب مرض القلب التاجي مثل الأزمات القلبية وآلام الصدر والخضوع لجراحات تغيير الشرايين بينما بلغ عدد المصابات في الدراسة الثانية 3519.
وقال الباحثون في تقرير في دورية الجمعية الطبية الأمريكية إنه بشكل عام زادت مخاطر الإصابة مع زيادة السنوات التي عملت فيها الممرضات في نوبات عمل ليلية. ولم تعمل المشاركات في الدراسة الثانية في نوبات عمل ليلية بينما عملت الممرضات في الدراسة الأولى في هذه النوبات. وزادت احتمالات الإصابة بمرض القلب التاجي بنسبة 12 في المئة لدى من عملن ليلا لأقل من خمس سنوات وبنسبة 19 في المئة لدى من عملن ليلا لفترة تتراوح بين خمس وتسع سنوات و27 في المئة لدى الممرضات اللائي قضين عشر سنوات على الأقل في العمل خلال الليل بحسب رويترز.
ووجد الباحثون أن مخاطر الإصابة تراجعت مع توقف النساء عن العمل في النوبات الليلية أو مع تقاعدهن. ولم تفسر الدراسة الصلة لكن فيتر قالت إنها قد تتعلق بزيادة الالتهابات في الجسم أو المشكلات الاجتماعية الناجمة عن العمل في ساعات متأخرة. وأضافت أن النتائج قد تنطبق على الأشخاص الذين يعملون في نوبات صباحية مبكرة حيث يتعين عليهم الاستيقاظ خلال الليل. وتابعت قائلة إنه بمجرد أن يتوصل الباحثون لمزيد من البيانات يمكن تحديد مواعيد عمل صحية.
طول ساعات العمل يؤدي للسكتة الدماغية
وقد أشارت نتائج دراسة حديثة الى ان ساعات العمل الطويلة التي تصل الى 55 ساعة اسبوعيا مرتبطة على نحو كبير باحتمال الاصابة اللاحقة بالسكتة الدماغية وذلك بالمقارنة بمن يعملون من 35 الى 40 ساعة اسبوعيا. وكان نفس هذا الفريق البحثي قد ربط في السابق بين طول ساعات العمل وزيادة احتمالات الاصابة بداء السكري من النوع الثاني لكن داخل شريحة متدنية من الدخل الاقتصادي بالمجتمع.
وقالت ميكا كيفيماكي كبيرة المشرفين على الدراسة بكلية لندن الجامعية في رسالة بالبريد الالكتروني “ثمة علاقة بين طول ساعات العمل والاصابة بالسكتة الدماغية”. وجمع الباحثون بيانات من 25 دراسة جرت في أوروبا والولايات المتحدة واستراليا وتابعت 600 ألف من العاملين على مدى سبع الى ثماني سنوات في المتوسط ولم يكن لأي من المشاركين تاريخ إصابة بالسكتة الدماغية أو أمراض الشريان التاجي عند بدء المشاركة في البحث.
واجمالا اصيبوا بعدد 4768 أزمة قلبية و1722 سكتة دماغية. وتوصل الباحثون الى ان حالات الاصابة بالسكتة الدماغية زادت طرديا مع طول ساعات العمل بحسب رويترز. وأدى العمل 55 ساعة في الاسبوع الى زيادة حالات الاصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 33 في المئة بالمقارنة بالعمل المعياري وهو 40 ساعة اسبوعيا في دوام كامل حتى مع وضع السن والنوع والوضع الاقتصادي والاجتماعي في الاعتبار.
وفي الوضع الطبيعي تندر الاصابة بالسكتة الدماغية بين العاملين وبلغت هذه النسبة بينهم في هذه الدراسة 4.5 حالة لكل ألف شخص وستة في المئة لكل ألف شخص بين من يعملون ساعات عمل طويلة. وقالت كيفيماكي إن من بين العوامل التي تسهم في تفادي الاصابة بالسكتة الدماغية الحفاظ على المستويات الطبيعية لضغط الدم ومستوى الدهون وسكر الدم مع مزاولة تمرينات رياضية كافية وتناول الاطعمة والمشروبات الصحية وتجنب زيادة الوزن والاجهاد.
وفي السياق نفسه أظهرت دراسة فنلندية جديدة أن العمل وفق نظام (الورديات) أي التوقيت المتقلب قد يؤدي إلى سوء التغذية وممارسة قدر غير كاف من الرياضة وهما عاملان مسؤولان على الأقل عن تزايد المخاطر الصحية بين من يعملون وفق مواعيد عمل متنوعة أو في ورديات ليلية بشكل منتظم.
وتتبع الباحثون أسلوب حياة الموظفين العاملين في الخطوط الجوية في فنلندا وتوصلوا إلى أن من يعملون في نوبات عمل متنوعة ونوبات ليلية أرضية يستهلكون أطعمة دسمة أكثر وخضراوات أقل من الطاقم الأرضي الذي يعمل خلال نوبات صباحية والعاملين على متن الطائرات.
وقالت كاتري هميو خبيرة التغذية في المعهد الوطني للصحة والرفاه في هلسنكي الذي أجرى الدراسة إن “طاقم وحدة الرعاية الصحية المهنية لاحظ أن الكثير من العاملين في نوبات العمل المتنوعة هم عرضة لمخاطر صحية.” وأضافت “يعمل 70 في المئة من موظفي الخطوط الجوية وفق نظام الورديات ومعظمهم بشكل غير منتظم.”
وذكرت هميو والمشاركون في الدراسة في دورية الطب المهني والبيئي أن الأبحاث السابقة أظهرت أن العاملين من خلال الورديات هم عرضة لمخاطر متزايدة للإصابة بأمراض القلب والشرايين ومتلازمة الأيض والسكري من النوع الثاني. وأشار المشاركون في البحث إلى أن العاملين في نظام الورديات يميلون إلى اكتساب وزن أكثر كلما عملوا في نوبات عمل متنوعة في حين أن العاملين في النوبات الليلية ينامون ساعات أقل مما قد يسبب مشاكل في عملية الايض وفي القلب والشرايين.
وشملت الدراسة الجديدة 1478 موظفا كانوا قد شاركوا في برنامج لتشخيص الأمراض المزمنة والوقاية منها بين موظفي الخطوط الجوية بين عامي 2006 و2009 وكان أكثر من النصف بقليل رجالا. وسجل الموظفون الرجال الذين كانوا يعملون وفق نظام الورديات سواء على الطائرات أو في خدمة الزبائن ميلا أقل لتناول حصة واحدة من الخضار على الأقل في اليوم من زملائهم الذين يقتصر عملهم على النوبات الصباحية أو على متن الرحلات.
وتحصل النساء العاملات وفق ورديات على 12.6 في المئة من مجموع سعراتهن الحرارية اليومية من الدهون المشبعة مقارنة بنسبة 12.2 في المئة للنساء اللواتي يعملن خلال النهار. أما الموظفون الذكور العاملون وفق نوبات غير منتظمة فقد استهلكوا سعرات حرارية مصدرها الدهون والدهون المشبعة بنسبتي 33 بحسب رويترز.
و12 في المئة على التوالي أكثر من المجموعتين الأخريين. في حين استهلك الموظفون الذكور على متن الرحلات الجوية حصة أقل من السعرات الحرارية المأخوذة من الدهون ومن الدهون المشبعة بنسبتي 31.7 و11.6 في المئة من زملائهم العاملين وفق نظام الورديات.
وقالت هميو لرويترز هيلث “هناك نتيجة واحدة أدهشتنا .. لقد اكتشفنا أن المستوى التعليمي لم يؤثر على النتائج.. يبدو أن واقع العمل في النوبات يؤثر بقوة على العادات الغذائية للعاملين وفقه.” وتبين في الدراسة أن العاملات وفق نظام نوبات العمل كن الاكثر توترا وذوات أسلوب حياة خامل أكثر من الموظفات الأخريات.
وقالت هميو “الرسالة الأكثر أهمية للعاملين وفق نظام الورديات هو أنهم يجب أن يكونوا واعين للمخاطر المتزايدة لإصابتهم بالأمراض المزمنة وأن التغذية الصحية السليمة يمكن أن تخفف من هذه المخاطر.”
الرياضة تقلص خطر الموت المبكر
وقد قال علماء إن ممارسة رياضة المشي السريع لمدة ساعة يوميا خلال يوم العمل تقلص خطر الموت المبكر المرتبط بالعمل المكتبي. جاء ذلك في إطار دراسة وتحليل بيانات النشاط البدني لأكثر من مليون شخص نشرتها مجلة لانسيت بالتزامن مع الأوليمبياد. وكشفت الدراسة أن مشاهدة التلفزيون أسوأ من الجلوس لفترات طويلة على مكتب، ولعل ذلك بسبب العادات المرتبطة بالمشاهدة مثل تناول الوجبات الخفيفة.
وتوصى الإرشادات الحالية لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا “NHS” بممارسة تمارين باعتدال أسبوعيا لمدة 150 دقيقة. ويزيد عدم ممارسة النشاط الرياضي من خطر الإصابة بأمراض مثل مرض القلب والسكري وبعض أنواع السرطان. ويرتبط عدم ممارسة الرياضة بوفاة 5.3 مليون شخص سنويا على مستوى العالم، مقارنة بـ 5.1 مليون شخص يموتون بسبب التدخين.
ويقول بحث لانسيت إن الكلفة العالمية للرعاية الصحية وقلة الإنتاجية تصل إلى نحو 67.5 مليار دولار. ولرصد تأثير النشاط وعدم النشاط رجع الباحثون لمؤلفي 13 بحثا موجودا حاليا وطلبوا منهم تحليل البيانات. وتم تصنيف الأشخاص بناء على حجم نشاطهم – من الأقل نشاطا وهو الذي يمارس رياضة لأقل من 5 دقائق يوميا إلى الأكثر نشاطا وهو الذي يمارس من 60 إلى 75 دقيقة يوميا بحسب بي بي سي.
ورصد الباحثون عدد الذين توفوا خلال الفترة التالية ما بين عامين و14 عاما. وأفاد البحث بأن أولئك الذين جلسوا لمدة 8 ساعات يوميا ولكنهم يتسمون بالنشاط البدني يتعرضون لخطر الموت المبكر بدرجة أقل مقارنة بأولئك الذين يجلسون ساعات أقل يوميا ولكنهم لا يمارسون اي نشاط.
ويعد الجلوس لفترات طويلة فضلا عن عدم النشاط هو الخطر الأكبر.
ورأس البروفيسور أولف إيكيلوند، من الكلية النرويجية للعلوم الرياضية وجامعة كامبريدج، فريق البحث. وقال: “لا مفر للعديد من الناس من ركوب المواصلات للعمل والجلوس على مكاتب فلا مناص أمامهم من الجلوس لساعات طويلة.” وأضاف قائلا: “بالنسبة لهؤلاء الناس نشدد على أهمية التمارين سواء بالتمشية خلال استراحة الغذاء أو ممارسة العدو أو ركوب الدراجة للعمل.”
وتابع قائلا:” إن ساعة يوميا من النشاط البدني أمر مثالي، ولكن إذا صعب تحقيق ذلك فعلى الأقل ممارسة بعض التمرينات يوميا والتي ستقلص الخطر.” ولكنه اعترف بأن ” ممارسة ساعة من الرياضة المعتدلة يوميا أمر ضروري أكثر من التوصيات الحالية.”
وترتبط مشاهدة التلفزيون لأكثر من ثلاث ساعات يوميا بالخطر المتزايد للوفاة المبكرة لدى الجميع باستثناء الأكثر نشاطا. ويقول الباحثون إنه من المرجح أن يكون ذلك بسبب أن الناس ربما يتناولون وجبات خفيفة خلال المشاهدة أو لأنهم ربما يشاهدون التلفزيون بعد تناول العشاء مما قد يؤثر على عملية التمثيل الغذائي. وربما يكون ذلك مؤشر على نمط حياة غير صحي بصفة عامة.
ورصد البروفيسور بيدرو هالال من جامعة بيلوتاس البرازيلية تأثير الأولمبياد على معدلات النشاط العام. وقال: “لم يعد هناك تراث صحي للأولمبياد ولكنه الوقت الأمثل للحديث عن الرياضة.” وأكد العلماء أنه على الحكومات أن تضمن سياسات تشجع على النشاط البدني مثل برنامج للحافلات تكون فيه مواقفها بعيدة لتشجيع السير، ولابد على أصحاب العمل أن يسهلوا على العاملين ممارسة الرياضة خلال يوم العمل من خلال استراحات الغذاء المرنة وتوفير أماكن للاستحمام.
وأضافت ليزا يونغ، متخصصة النشاط البدني في مؤسسة القلب البريطانية قائلة:” رغم اعترافنا بالعلاقة بين سلوك الجلوس وضعف الصحة فإننا نشجع على مزيد من الدراسات في هذا المجال لوضع إحصائيات حول العلاقة بين أمراض القلب والوفاة.”
وعبر أنصار مبادرات توفير أماكن عمل صحية عن أملهم في ان تكون سنة 2015 هي عام المكاتب التي يمكن استخدامها في الوضع واقفا لاعادة تشكيل مكاتب الجلوس التقليدية. وتفيد السجلات التاريخية ان عددا من المشاهير العظام كانوا يفضلون هذا النوع من المكاتب منهم رائد فناني عصر النهضة الايطالية ليوناردو دافينشي وحتى الاديبة الانجليزية فرجينيا وولف.
وأفادت نتائج دراسة أجراها المركز القومي لبحوث الصحة واختبارات التغذية عام 2012 ان نسبة تتراوح بين 50 و70 في المئة من الناس يقضون ست ساعات أو أكثر يوميا وهم في وضع الجلوس.
ويقول خبراء اللياقة البدنية إن من يعملون في المكاتب معرضون بصورة أكبر عن غيرهم لما توصف الآن باسم “أمراض الجلوس”. وقالت جيسيكا ماتيوز خبيرة التمرينات النفسية بكلية ميرامار في سان دييجو “قال الباحثون إن الجلوس هو عادة التدخين الجديدة”.
وأضافت أن الجلوس لفترات طويلة يتسبب في مضاعفة مخاطر الاصابة بداء السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية والسمنة والوفاة في سن مبكرة فيما أظهرت نتائج دراسات طبية أن حتى من يتميزون بالنشاط ليسوا في مأمن من المخاوف الصحية الناجمة عن الجلوس لفترات طويلة.
وعرض المجلس الامريكي للتمرينات البدنية على العاملين به خيار المكاتب التي تستخدم في وضع الوقوف وذلك لفترة استمرت أكثر من عامين.
وقال سيدريك برايانت كبير المسؤولين العلميين بالمجلس الامريكي للتمرينات “قال كثير من الناس إنهم شعروا بقدر أكبر من الهمة والنشاط. يقينا إنه يساعد في الاستيعاب الذهني”. وقال برايانت الذي يعمل على مكتب مزود بمشاية للتمرينات الرياضية إن الوقوف ساعده على اكتساب قدر من اليقظة والتركيز مشيرا الى انه يرى أن أسعار هذه المكاتب معقولة.
وهناك أنواع عديدة من هذه المكاتب فمنها ما هو مخصص للعمل في وضع الوقوف الحر ومنها ما هو مثبت على مكتب عادي او طاولة. وكان جو نافزيجر المقيم في كاليفورنيا مديرا مبدعا باحدى الوكالات الاعلانية عندما ابتكر مكتبا للوقوف قابل لتعديل الأوضاع سعره 169 دولارا.
يقول نافزيجر البالغ من العمر 35 عاما الذي تباع المكاتب التي ابتكرها في اماكن بعيدة تصل الى استراليا وألمانيا واليابان “انني أحب ان تكون دوما على أهبة الاستعداد وألا تكون مجهدا وان تكون عضلات الساق على أشدها ومتوقد الذهن”. وأظهرت نتائج دراسة نشرت في دورية النشاط البدني والصحة ان الوقوف في يوم عمل لمدة ثماني ساعات يحرق 163 سعرا حراريا اضافيا بالمقارنة بوضع الجلوس.
وقال برايانت إنه لا الجلوس طوال اليوم بالامر الطيب ولا الوقوف لفترات طويلة لان كليهما يرتبطان وفقا للدراسات بزيادة مخاطر الاصابة بتصلب الأوعية الدموية والاصابة بدوالي الاوردة.
وقال “أبدأ بالوقوف نصف ساعة أو ساعة خلال ساعات العمل”. وأضاف ان ذلك يتيح للجسم التكيف مع الوضع الجديد.
والهدف هو كسر الروتين اليومي لتجنب الجلوس المستمر في حالة الثبات وهو ما يقوم به كثيرون في أماكن العمل. وقال “إنه أقرب ما يكون الى منهج ونمط حياة: العودة بعقارب الساعة الى الوراء الى ما كانت عليه الحياة في السابق قبل ان نستغني عن الحركة في أنماط حياتنا”.
التململ أثناء العمل عادة صحية مفيدة
كما ان الاشخاص الذين لا يكفون عن التململ والحركة اثناء ساعات العمل الطويلة قد يتوقفون عن محاولات التخلص من هذه العادة بعد ان خلصت دراسة الى ان كل حركات النقر بالاصابع والاقدام والاقلام قد تكون مفيدة للصحة.
وكتب الباحثون في الدورية الامريكية للطب الوقائي ان دراسات سابقة ربطت بين الجلوس لفترات طويلة سواء امام أجهزة الكمبيوتر او التلفزيون والمشاكل الصحية حتى بين من يمارسون الرياضة. وخلصت الدراسة الجديدة الى ان كثرة التململ والحركة لدى النساء اللاتي يجلسن خمس او ست ساعات في العمل ارتبطت بتقليص مخاطر الوفاة مقارنة بمن لا تتحركن من مقاعدهن.
وحللت جانيت كيد من جامعة ليدز البريطانية وزملاؤها بيانات أكثر من 12 الف امرأة عن اسلوب حياتهن ومنها الساعات التي يمكثنها جالسات بلا حراك والاوقات التي يتململن فيها وعاداتهن في ممارسة التدريبات الرياضية وفي المأكل والمشرب بحسب رويترز. وعلى مدى الدراسة التي استمرت 12 عاما ارتفعت مخاطر الوفاة بنسبة 30 في المئة لدى النساء الاقل تململا اللاتي يجلسن بلا حراك لمدة سبع ساعات على الاقل مقارنة بمن تجلسن خمس ساعات في اليوم.
المصدر / شبكة النبأ المعلوماتية
مرتبط