اقتصادي برأي واحد
الكاتب / ميثم لعيبي
لعل كلمة البطالة من بين اكثر الكلمات المشتركة التي يتم تداولها في الاقتصاد والسياسة والاجتماع على حد سواء، لكنها ايضا من بين اكثر الكلمات مثارا لسوء الفهم والتأويل لدى كل منهم. السياسي عادة ما يستخدمها كنوع من (البضاعة) الانتخابية، التي يروجها (لشراء) اصوات الناخبين، فيما يتعامل معها المهتم في الاجتماع بصفتها معطى (جماهيرياً) للمناداة بـ (العدالة الاجتماعية) بين طبقات المجتمع.
المصيبة فينا نحن (الاقتصاديين)، اذ نستخدم هذا المصطلح من زوايا متعددة. في مرة، اشار الرئيس الاميركي ترومان الى معضلة الاقتصاديين هذه، حين قال: (كل الاقتصاديين الذين يعملون لدي يقولون: من جهة كذا… ومن جهة اخرى كذا وكذا…) في اشارة منه الى ان الاقتصادي محير، ويعطي الفكرة ونقيضها في آن واحد ، واضاف (اعطوني اقتصاديا من جهة واحدة one hand ecomist) .
وهذا امر سليم، فهناك عدم اجماع على نوع التشغيل الذي نريده، وذلك لخفض بطالتنا، اذ يستخدم هذا المصطلح في غير محله كثيرا. في ندوة حضرتها قبل يومين، أشارت المحاضرة الى ان الشركات النفطية التي تعمل بموجب جولات التراخيص لا توظف الكثير من العراقيين فيها، ويبدو انها تتغاضى عن بداهة ان قطاع النفط كثيف رأس المال ولا يسهم الا بنسب متواضعة في التوظف، وان ايرادات النفط هي التي لا بد ان تستثمر في حل مشكلة البطالة. يرى اخرون ان كل من لا يعمل في الحكومة عاطل عن العمل، وان كان يحصل على اجور كبيرة في القطاع الخاص. البعض يرى ان يوظف كل خريج واي مهني في الدولة بغض النظر عن قياسات الانتاجية والعدالة والحاجة، واخرون يبررون ان يمارس الموظفون الحكوميون اعمالا اخرى اثناء ساعات الدوام، والطامة ان ثمة من يعتقد ان من حقه ان يحصل على اكثر من مرتب في الموازنة.
(الاقتصادي ببعد واحد) يتطلب توحيد الرؤى في مجال البطالة، وعلى هذا الاقتصادي ان يدرك اننا وصلنا في القطاع العام الى حدود التخمة، وان جسد الحكومة يعاني من اعراضها، وقرارات مثل ايقاف التوظف وحصره في حدود، والاحالة للتقاعد، ومنح اجازات طويلة براتب اسمي، هي نتاج سنوات سابقة من سياسات فتح الحبل على الغارب امام التعيينات. هذا الاقتصادي عليه ان يصل لحقيقة ان القطاع الخاص المستدام هو المستوعب الاكبر لاجيال قادمة من الباحثين عن العمل. واخيرا، فانه اذ تنسب طرفة (اقتصادي ببعد واحد) الى الرئيس ترومان، ينسبها البعض “من جهة اخرى” الى شركة جنرال موتورز حين اصدرت اعلانا تقول فيه: (شركة كبرى بحاجة الى اقتصادي برأي واحد).
المصدر/ الصباح
مرتبط