اخبار العراق الان

مراسلون بلا حماية: رصاص معركة الموصل يطال الصحفيين بالجملة

مراسلون بلا حماية: رصاص معركة الموصل يطال الصحفيين بالجملة
مراسلون بلا حماية: رصاص معركة الموصل يطال الصحفيين بالجملة

2016-10-25 00:00:00 - المصدر: نقاش


 في فجر السابع عشر من الشهر الحالي انطلقت معركة استعادة الموصل وهو الحدث الأهمّ الذي ينشغل به العراقيون والعالم، وكان من الطبيعي ان تشهد المعركة اكبر تغطية إعلامية عبر مئات الصحفيين والإعلاميين المحليين والأجانب.

 

ولكن بعد أيام توالت الأخبار المحزنة من المعارك، قتل صحفيان واصيب عشرة اخرون بجروح بعضها بليغة، وهو امر متوقع فالصحفيون العراقيون لا خبرة لديهم في وسائل تغطية الحروب ويتصرفون وكأنهم جنود في المعركة.

 

مصور قناة "السومرية" علي ريسان قتل برصاص قناص لأحد مقاتلي تنظيم "داعش" عند ضواحي بلدة الشورة جنوب الموصل حيث تجري معارك طاحنة بين قوات الشرطة الاتحادية والمتطرفين على ارض خطيرة زرعها المتطرفون بالعبوات الأرضية الناسفة.

 

وايضا قتل الصحفي احمد هاجر اوغلو مدير قسم الأخبار في قناة "تركمان ايلي"، خلال تغطية الاشتباكات المسلحة بين قوات البيشمركة وبين المئات من عناصر "داعش" الذين اقتحموا المدينة فجأة وسيطروا على عدد من المباني الحكومية لثلاثة أيام، بعدها تمكنت قوات الأمن من احتواء الهجوم.

 

مركز "ميترو" للدفاع عن حقوق الصحفيين، اعلن في بيان رسمي ان عشرة صحفيين آخرين تعرضوا لجروح خلال تغطية معركة الموصل بينها إصابات خطيرة وهم كل من هيمن قادر، بريار بختيار، دلير كاوة، ئاريان برواري، راستي خالد، ئاري جلال، بشتيوان حسين، يونس محمود، هجر برواري، وياسر عبدالرحمن.

 

أسباب كثيرة وراء سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا بين صفوف الصحفيين اثناء ستة ايام فقط من المعركة، فالصحفيون العراقيون ليست لديهم خبرة في تغطية المعارك، كما ان المؤسسات الإعلامية لا تكترث بحياة مراسليها، إضافة الى قلة ورش التدريب في العراق الخاصة بإجراءات السلامة خلال التغطية في أماكن النزاعات المسلحة.

 

حتى عام 2014 لم يعرف الصحفيون العراقيون ووسائل الاعلام ماذا تعني وظيفة المراسل الحربي لان التغطيات الأمنية كانت خاصة بالتفجيرات التي تقع في مراكز المدن، ولكن بعد هجوم "داعش" على البلاد اندلعت معارك برية ضد المتطرفين، وعندها بدأ الصحفيون يرافقون القوات الامنية لتغطية الأحداث في الجبهات.

 

وسارعت الصحف والوكالات الاخبارية المحلية والقنوات التلفزيونية لتخصيص احد مراسليها للقيام بمهام المراسل الحربي إذ يقوم بمرافقة القوات الامنية لتغطية المعارك بين الجيش والمتطرفين، والان لا توجد وسيلة إعلامية عراقية لا تمتلك على الاقل مراسلا حربيا واحدا، وعلى ما يبدو فإن هذه الوظيفة الجديدة تحتاج الى خبرات طويلة.

 

رحمن غريب مدير مركز "ميترو" لحماية الصحفيين، يقول لـ "نقاش" إن "المؤسسات الإعلامية المحلية تتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية الضحايا بين الصحفيين في المعارك، إنهم لا يوفرون للصحفي مستلزمات الحماية من الدروع وخوذ الرأس، وورش التدريب الضرورية".

 

ولكن المسؤولية تقع ايضا على الصحفي العراقي كما يقول غريب، "عندما ننظم ورش تدريب لسلامة الصحفيين نجد أن بعضهم يريد ان يكون بطلا في المعركة، يتجاهلون بأنهم صحفيون ينقلون الحقيقة، ولكنهم يسبقون الجنود على السواتر الأمامية الخطيرة، انها مشكلة حقيقية يجب الانتباه اليها".

 

في الواقع إن غالبية المراسلين المحليين الذي يخرجون على القنوات التلفزيونية من ارض المعركة يتحدثون وكأنهم جنود او موظفون لدى القوات الامنية لا صحفيون، إنهم يتحدثون عن الاخبار الايجابية وفي بعض الاحيان يبالغون فيها، بينما يمتنعون عن نقل الأخبار السلبية ضد الجيش والبيشمركة، وربما هناك ضغوط تمارس عليهم من قبل قوات الأمن.

 

مراسل قناة السومرية علي الموسوي وهو زميل المصور القتيل علي ريسان وكان برفقته لحظة تعرضه الى رصاص قناص في بلدة الشورة جنوب الموصل، قال في حديث تلفزيوني بعد الحادثة "نحن اقوياء يموت صحفي واحد هناك ألف صحفي آخر، ونحن سنكون في الخط الامامي للمعركة، لن نرجع حتى نحرر آخر شبر من ارض العراق من داعش".

 

 

ولكن الكثير من الصحفيين والمنظمات يلقون بالمسؤولية على القوات الأمنية لعدم امتلاكها خبرة في مرافقة الصحفيين وحمايتهم، وتسمح لهم بالتجوال على خطوط الجبهات الأمامية الخطيرة دون اكتراث بحياتهم.

 

بعد مرور ساعات على مقتل المصور علي ريسان قال قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت في لقاء تلفزيوني ان "الاسرة الاعلامية مقاتلون وهم مع إخوانهم من الجنود عند الخط الامامي للمعركة والدليل هو الشهيد علي ريسان، نسال الله ان يساعدنا للثأر له".

 

&feature=share

 

"مرصد الحريات الصحفية" وهواحدى المنظمات المختصة برصد الانتهاكات ضد الصحفيين اصدر بيانا اتهم فيه قوات الشرطة الاتحادية بالمسؤولية وراء قتل المصور علي ريسان، وأكد في بيان رسمي ان "قوات الشرطة تتحمل المسؤولية لأنها تضع الصحفيين في خطوط المواجهة مع مقاتلي داعش".

 

عدد الضحايا الكبير بين الصحفيين أجبر قوات الجيش على اعادة النظر في اجراءاتها لحماية الصحفيين، المتحدث الرسمي باسم الوزارة العميد يحيى رسول قال في بيان انه "تم اتخاذ تدابير سريعة بعدم السماح للمراسلين الحربيين والمصورين ان يكونوا في الخطوط الامامية وخطوط المجابهة مع تنظيم داعش".

 

ولكن هناك مشكلات اخرى يعاني منها الصحفيون في تغطية معركة الموصل كما يقول الصحفي مازن الجنابي الذي يعمل لإحدى وسائل الاعلام الاجنبية ويتواجد في احد معسكرات الجيش في بلدة القيارة جنوب الموصل.

 

يقول الجنابي لـ "نقاش" "عندما وصلنا الى المعسكر المخصص لاقامة الصحفيين وجدنا غرفاً سيئة لا تصلح للنوم ولا يوجد طعام لنا، وهو عكس ما ابلغتنا به القوات الأمنية من ان المعسكر مجهز بالمساكن المناسبة".

 

ويتواجد العشرات من المراسلين والصحفيين في قاعدة القيارة العسكرية جنوب الموصل التي اصبحت مركزا إعلاميا لعقد المؤتمرات الصحفية واستقبال المراسلين، اضافة الى مركز صحفي اخر في بلدة مخمور عند ضواحي اربيل ويعقد فيه المتحدث العسكري الرسمي للجيش والبيشمركة مؤتمرات صحفية يومية عن نتائج المعركة، ويبلغ عدد الصحفيين الذين يغطون المعركة نحو 500 صحفي كما قالت اللجنة الإعلامية للجيش.

 

الجنابي وعدد من زملائه كادوا يخسرون حياتهم اثر انفجار عبوة ناسفة على الرتل العسكري الذي كان يرافقهم عند الخطوط الامامية للمعركة في بلدة الشورة جنوب الموصل، ويقول "تبين ان الطريق كان مزروع بالمتفجرات تماما".

 

اما الصحفي جواد كاظم الذي يعمل في احد الصحف المحلية، أبدى استياءه من التمييز في التعامل بين الصحفيين المحليين والاجانب، يقول لـ "نقاش" ان "القوات الامنية تعامل الصحفي الأجنبي بشكل أفضل وتوفر له الحماية كما ان القادة العسكريين يفضلون اعطاء التصريحات الإعلامية لهم".

 

ويقول كاظم ايضا "قبل ايام طلبنا من الوحدة العسكرية الذهاب إلى جولة ميدانية قرب الجبهات ولكنهم رفضوا، بعد ساعات جاء صحفي أجنبي يعمل في محطة تلفزيونية عالمية، وطلب منهم ذلك ووافقوا بسرعة دون تردد".

SqeQRPnBg30