ساسة العراق يختلفون في أربيل .. صفحة الموصل الجديدة من سيكتبها ؟
صفحة جديدة ولاعودة الى ما قبل 2014 هي ما اتفقت عليه اراء القادة السياسيين عند طرح موضوع مستقبل الموصل ما بعد داعش ونجاح القوات العراقية بمسمياتها المتعددة في طرد الجماعات المسلحة من المدينة مؤكدين على ضرورة البدء بمشروع سياسي جامع ومصالحة مجتمعية . لكن الخلاف يبرز واضحا بين القادة السياسيين بمختلف انتمائتهم السياسية والقومية حول ما ينبغي ان يكتب في هذه الصفحة الجديدة ومن يتولى عملية التدوين وكيف !! رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري الذي قال ان القضيتين العراقية والسورية وقعتا تحت رهانات ومراهقات إقليمية أزهقت أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء والمدنيين، قال ان داعش لن تبقى على نمطها القديم بعد أن تهزم في الموصل قريبا ، بل انها، كما يرى ، ستفكر بأساليب جديدة وتنتج جيلا جديدا من الإرهاب قد يكون أكثر قدرة على التعاطي مع ظروف المرحلة ومواجهة التحديات. قراءة الجبوري، والتي يتفق فيها مع الكثير من المحللين والمراقبين ، هذه نابعة فيما يبدو من خشية العودة الى السياسة التي كانت تنتهجها الحكومة المركزية في “مدن المواجهة” مع التنظيمات الارهابية ومنها نينوى . وقال الجبوري ان “الحروب محطة موجعة وليست خيارنا ولكنها قادرة على صنع التغيير والخارطة لن تعود الى ما قبل عام 2014 فالظروف تفرض علينا الكثير من التغييرات الصادمة”، مضيفاً أن “خطر داعش سيظل قائماً حتى بعد طرده من العراق فما يحصل في المنطقة يؤكد عجز العالم عن انشاء شرق أوسط جديد رغماً عن ارادة الشعوب”. ويبدو ان الصفحة البيضاء لدى الجبوري مهيئة لرسم حدود جديدة وخرائط مختلفة عما كانت عليه قبل دخول داعش ، فهل هو يشير هنا الى فيدرالية نينوى ام الاقليم السني او الاقاليم السنية المتعددة ؟ ولعل هذا ما يقصده عندما قال ان “وحدة العراق لا تتقاطع مع الأنماط الفدرالية ، وان السلم الأهلي أهم من كل اعتبار ، وان تحقق ذلك ضمن إطار جديد “. رئيس التحال الوطني السيد عمار الحكيم الذي ينظر باعجاب الى دخول الجيش العراقي اليوم الى ساحات القتال عبر كردستان وقتاله مع البيشمركة للمرة الأولى، قال ان “لا ضير من الفخر بالانتماء الطائفي او المذهبي ولكن قمع خصوصية الآخر أمر غير مقبول ونحن لسنا مع الاغلبية العددية بل مع الأغلبية العابرة للمكونات . الحكيم يريد ان يقدم رؤية التحال فالتي تؤكد على وحدة الاراضي العراقية ورفض اي تقسيم ومن هنا اشار الى انه يجب أن يعي السنة والشيعة والكورد بأن قيمة وجودهم الاقليمي نابعة من بقائهم ضمن العراق الموحد. وقال الحكيم ان ظهور داعش في الموصل لم يكن لاسباب أمنية بحتة والمعالجة لا تتم من خلال سبل أمنية فقط فالالاف من مسلحي داعش سيحلقون لحاهم وسيتحولون الى خلايا نائمة، مؤكداً على ضرورة ” فتح صفحة جديدة ومشروع سياسي جامع ومصالحات اجتماعية في الموصل وكل العراق وكذلك الى استراتيجيات امنية وسياسية جديدة فضلا عن معالجات اقتصادية”. السياسي الكردي برهم صالح ورغم اتفاقه مع الحكيم على إن “تعاون البيشمركة والجيش العراقي والحشد الشعبي خلال معركة الموصل أمر ذو دلالات بليغة”، الا انه اشار الى هذه ” مرحلة حسم الكثير من الملفات العالقة “. وقال ان ان على الكرد أن يحسموا قرارهم بالاستقلال أو البقاء ضمن الدولة العراقية وان يكون “قرار البقاء او الاستقلال كردياً بعيداً عن الصراعات السياسية أو التدخل الاقليمي وبغداد ستبقى مهمة للكورد وحسم قرارنا مرتبط بالحوار معها”. واشار الى ان “العراق تحول الى ساحة للصراع الاقليمي وعلينا ان نسأل انفسنا اذا ما كنا نريد جعل العراق ساحة لتوافق الأجندات وليس للصراع”. رئيس حكومة إقليم كوردستان نجيرفان بارزاني الذي قال انه يجب النظر بواقعية للسياسة في العراق، فالسنة متخوفون من المستقبل، والشيعة متخوفون من الماضي، والكورد متخوفون من الماضي والمستقبل معاً، اكد على ان ضرورة البدء بالحوارات بين جميع المكونات في الموصل للإطمئنان على مستقبل الموصل”. لكنه كشف عن انه عندما جاء الى بغداد لم “يلمس اهتمام” من بغداد بشأن إدارة المدينة مستقبلا. المحافظة السابق لنينوى ، والمطلوب القبض عليه ، لديه ايضا رؤية لما بعد تحرير المدينة وكيف سيتم التعامل معها ، وهي رؤية تعبر عن خشية وخوف من الجهات المتعددة المشاركة في عملية التحرير . النجيفي ينتقد ما يسميه النهايات السائبة ، ويتساءل عن ماهو دور كل هذه القوى المشاركة ؟ فهو يرى ان “الجميع يريد ان يحصل على حسم سياسي من نتيجة الحسم العسكري “، ويقول ان كثير من الجهات لاتريد التوصل لإتفاق لانها تريد ان تتخذ من النصر العسكري حسم سياسي لصلاحها “. وهذا خطر كبير على المدينة، برأي النجيفي ، لان “الغائب الاول ضمن هذه المعادلة هم اهل الموصل”، هكذا يقول . فالنجيفي يرى ان ان هذه فقط المرحلة الاولى ، تتبعها المرحلة الثانية وهي مرحلة بناء الموصل السياسي والاداري، وهي مرحلة في كما يقول ” خطرة جدا لان اغفالها يعني عدم الاتعاض بتجربة 13 سنة والسبب الحقيقي الذي انهار الامن في الموصل وظهرت داعش في الموصل ، يجب ان نفكر بأن هناك منظومة عمل خاطئة انا اشبهها دائما بمن لديه اطار سكة عاطلة ويريد يبدل السائق او يصلح القاطرة فاذا كانت السكة عاطلة فلن يتحرك القطار “. ودعا الى اعادة نظر في هذه المنظومة . ويرى النجيفي ان المشاريع المطروحة في مرحلة مستقبل الموصل السياسي تتلخص في اربع رؤى وواحدة من هذه الرؤى ، رؤية تحملها بعض القوى المركزية في بغداد التي “هي ان يعود الوضع الى ماكان عليه قبل 2014 يعني يتم التعامل مع محافظة نينوى بدون النظر الى خصوصياتها بدون النظر الى تعقيداتها الدخلية الموجودة فيها كما يتم التعامل مع اي محافظة عراقية اخرى”.