هل تقف معركة الموصل أمام خطة "باء" التركية؟
بغداد/ فيما أعلنت بغداد أن معركة الموصل لم تتوقف، وأعلن التحالف الدولي عن التوقف لترسيخ النجاحات المحرزة، قصفت طائراته موقعا للجيش العراقي، فقتلت وأصابت 13 جنديا شمال الموصل.
وفي حين أن المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول، قال إن "الأنباء التي تحدثت عن توقف العمليات العسكرية في قواطع العمليات ضد تنظيم داعش غير صحيحة"، صرح الكولونيل الأمريكي جون دوريان بأن "القوات العراقية توقفت، ونعتقد أن الامر سيستغرق قرابة يومين قبل استئناف التقدم نحو الموصل"، موضحا أن "هذا التوقف يدخل في مخطط التحالف".
كما أكدت مصادر عسكرية عراقية رفيعة المستوى في مقر قيادة عمليات الموصل، توقف عمليات جهاز مكافحة الإرهاب، الذي يرافقه مستشارون في الجيش الأميركي، على بعد نحو 5 كيلومترات عن أول أحياء المدينة، لمنح فرصة لباقي المحاور للتقدم بنفس المستوى لمعاودة الهجوم مرة أخرى.
وأشارت المصادر الى أن "اكتمال تحرير أقضية ونواحي الموصل يعني توقف تقدم قوات البيشمركة عند الحدود الفاصلة عن مركز المدينة، لتتولى القوات الحكومية مع أبناء العشائر مهمة اقتحام مركز المدينة، بموجب الاتفاق بين أربيل وبغداد".
وقد لفَّت البرودة غالبية محاور معركة الموصل مقارنة بالأيام التي سبقت، وتم نقل مقر عمليات الموصل من الخازر، التي تبعد 60 كيلومترا، إلى برطلة، على بعد 20 كيلومتراً شرق الموصل.
وبدا، وكأن مدينة تلعفر الواقعة إلى الغرب من الموصل والقريبة من تركيا، قد تكون هي اللغم الأخطر في جولة المعركة المقبلة، على خلفية استعداد الحشد الشعبي للدخول إليها.
وقد أعلن هذا الاستعداد أحمد الأسدي، المتحدث باسم قوات الحشد الشعبي، وقال إنها "على وشك أن تشن هجوما على غرب الموصل لمساعدة الجيش في حملته لاستعادة المدينة".
وفعلا صباح اليوم، انطلق الحشد الشعبي، في المحاور المرسومة له من اجل الوصول إلى تلعفر عبر تحرير مناطق غرب الموصل.
وبينما قال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، إن "الحشد غير مكلف بالدخول إلى مركز الموصل، وإن الوجهة المقبلة للحشد بعد معركة الموصل في الرقة ودير الزور"، قال ضابط رفيع المستوى في الجيش العراقي، إن "سليماني دخل على خط معركة الموصل، وعقد اجتماعات مع قيادات الحشد".
وقد تزامنت زيارة قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني إلى العراق مع جولات ميدانية قام بها قادة "الحشد" إلى محاور القتال في الموصل، أعقبها حديث عن وصول ألوف المقاتلين إلى مدينة تلعفر غرب الموصل، المختلطة عرقياً وطائفيا.
وأعلن محمد البياتي، رئيس اللجنة الأمنية في مجلس نينوى، عن مشاركة "حشد التركمان" التابع للحشد الشعبي، الذي يضم 7 آلاف مقاتل، كاشفا عن "مشاركة قوات من سرايا عاشوراء، وسرايا الجهاد والبناء، وقوات بدر.
ولكنَّ أنباءً أخرى قد تحدثت عن أن الحكومة قد تلجأ إلى تشكيل فصيل مختلط من السنة والشيعة داخل الحشد الشعبي ليدخل إلى تلك المناطق تفادياً للانتقادات المتوقعة.
ووصول سليماني واقتراب "الحشد" من تلعفر دَعَـوَا عضو "الجبهة التركمانية العراقية" محمد داود للقول إن "هجوم المليشيات المرتقب على تلعفر هو "انتقال الصراع من غير مباشر إلى مباشر بين تركيا وإيران".
في غضون ذلك، صرح وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو بأن بلاده ستتخذ تدابيرا أمنية في حال تشكيل قوات الحشد الشعبي، خطراً على أمن تركيا.
وأضاف: "نحن مصممون على حماية حقوق أشقائنا التركمان في تلعفر".
وفي الوقت الذي قد ينفجر فيه لغم تلعفر تحت أقدام الأطراف المتصارعة على اليوم التالي لداعش بما قد يُخرج الأمر عن الخطة الموضوعة والوضع عن السيطرة، وبعيدا عن ترسيخ النجاحات المتحققة كسبب معلن لتوقف المعركة، فإن توقف عمليات معركة الموصل وقصف طائرات التحالف الدولي موقعا عراقيا بـ"الخطأ" قد جاءا متزامنين ربما مع ورود معلومات عن رفض الجانب الأمريكي استمرار المعركة من دون مشاركة تركيا.
ومن هنا، قد يكون ضغط بغداد لمشاركة الحشد الشعبي في تلعفر، ووصول سليماني إلى هناك هو رسالة موجهة إلى الطرف الأمريكي لمنعه من المضي بهذا الاتجاه، أكثر من أن يكون نية مشاركة فعلية، وقد تمتنع تركيا عن المشاركة إذا امتنع الحشد عن دخول تلعفر.
وقد يساعد توقف العمليات في الموصل، الذي سبقته موافقة تركيا على إلغاء التأشيرة لحملة الجوازات العراقية الدبلوماسية والخاصة وجوازات الخدمة وتسهيل إجراء منح الفيزا لباقي الجوازات، في تهدئة الأجواء بين بغداد وأنقرة، بما قد يسمح بانطلاق حوار برعاية أمريكية قد يمهد لاتفاق ثنائي مماثل لاتفاق أربيل وبغداد يتيح لمشاركة تركية في معركة الموصل.
وإن هذا المسار وارد في ظل استجابة واشنطن لطلب تركيا بالانضمام إلى قوات التحالف الدولي ضد داعش في العراق من جهة، وهو أمر لا يمكن لبغداد أن ترفضه، مع إصرار كردي على المضي بموضوع الاستفتاء على استقلال كردستان، وهو ما لا ترتضيه تركيا وبغداد، ولا تسمح به المعطيات الدولية، وهو قد يساعد أيضا في التقريب بين بغداد وأنقرة.
أما إذا استمر الرفض العراقي لمشاركة تركيا من جهة، وأصرت بغداد على مشاركة الحشد الشعبي من جهة ثانية، ودخل حزب العمال الكردستاني على الخط من جهة أخرى، فإن تركيا قد تنتقل إلى الخطة "باء" و"جيم" في الموصل.
وخطة "باء" و"جيم"، كما تشير مصادر مطلعة، تتمثل في طلب إقليم كردستان أو "الحشد الوطني" (حشد النجيفي)، وفق المادة 51 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة تدخلا تركيا، كما فعل عبد ربه منصور هادي في اليمن، حين طلب تدخل السعودية بـ"عاصفة الحزم".