اخبار العراق الان

المعركة الاصعب تبدأ في الموصل: مفاتيح التحرير: الجغرافيا والسكان والخطة العسكرية

المعركة الاصعب تبدأ في الموصل: مفاتيح التحرير: الجغرافيا والسكان والخطة العسكرية
المعركة الاصعب تبدأ في الموصل: مفاتيح التحرير: الجغرافيا والسكان والخطة العسكرية

2016-11-02 00:00:00 - المصدر: نقاش


حبس العالم أنفاسه مع المحاولة الأولى للقوات العراقية لاقتحام الموصل، هذه المدينة أشبه بحقل ألغام كبير كل حركة فيها يجب أن تكون محسوبة ومدروسة، وللمعركة الحاسمة معادلة معقدة عناصرها المدنيون و"داعش" واعتبارات جغرافية وسياسية وعسكرية.

 

في كانون الأول (ديسمبر)2014 نشرت "نقاش" تقريرا تحت عنوان "كل الطرق لا تؤدي إلى الموصل" لكننا اليوم في واقع مختلف تماما، فالقوات العراقية تتحرك نحو المدينة من خمسة محاور وقد أصبح بعضها يقف على بعد 4 كم عن حدودها.

 

أطراف داعش وقلبه النابض 

 مجرى العمليات العسكرية يعتمد كثيرا على الطبيعة الجغرافية، فالموصل ثاني اكبر مدينة عراقية بعد بغداد، مساحتها نحو (1800 كم2) ومعظمها أحياء سكنية تزيد عن ستين حياً، وهناك أيضاً مساحات تشغلها مقار حكومية وعسكرية وأبنية عامة استولى عليها "داعش" ، فضلا عن المناطق الصناعية والأسواق.

 

المدنيون المحاصرون يعقدون الأمر كثيرا، التقديرات تشير الى وجود نحو مليون ونصف المليون نسمة داخل الموصل (مركز محافظة نينوى) وهناك من يرفع سقف التوقع الى مليونين بسبب موجات النزوح التي توالت عليها من مناطق شهدت عمليات عسكرية داخل المحافظة او من محافظات كركوك والأنبار وصلاح الدين.

 

 يمر نهر دجلة في الموصل ويقسمها الى جانبين؛ أيسر يضم الجهتين الشمالية والشرقية ويشغل نحو 60% من المدينة وفيه احياء سكنية حديثة ، فضلا عن مناطق صناعية صغيرة ومراكز تجارية.

 

وفيه غابات تمتد على مساحة (250) هكتارا تقريبا، استغلها التنظيم مبكرا عندما انشأ فيها اول معسكراته التدريبية وما زال لديه بعض المقار فيه، هذا المكان مهم لعناصر داعش فالأشجار تحول بينهم وبين طائرات الاستطلاع التي تحلق على مدار 24 ساعة في سماء الموصل منذ بدء العمليات في 17 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، وقد يلجأون إليها لمنع تقدم القوات العراقية اذا ما أرادت العبور نحو الجانب الأيمن، لاسيما وإنها تشكل مع النهر حاجزا طبيعيا يفصل بين الجانبين.

 

 إذا كانت أطراف داعش في الأيسر فإن قلبه النابض في الجانب الأيمن أي الجهتين الجنوبية والغربية، وتأتي أهميته الإستراتيجية والعسكرية من اتصاله بالمنطقة الصحراوية الشاسعة التي تربط نينوى بسوريا، وسنسميها مجازا "مثلث برمودا" الذي كان المعقل الرئيس لعناصر "الدولة الإسلامية" منذ عام 2006، إذ فشلت جميع حملات القوات الأميركية والعراقية في القضاء عليهم  آنذاك حتى خرجوا منها  في حزيران(يونيو) 2014 واحتلوا الموصل.

 

إضافة الى ان الجزء الأيمن يضم مركز المدينة واهم المواقع العسكرية والمنشآت الحيوية، كمعسكر الغزلاني الذي يحتل موقعا مهما عند البوابة الجنوبية للمدينة والمطار ومحطة القطار والمراكز التجارية الرئيسة، فضلا عن المنطقة الصناعية الكبيرة التي تقع غربي المدينة ويستغلها التنظيم لتصنيع المفخخات والعبوات الناسفة.

                             

أين يكمن ثقل داعش؟

الموصل تعيش تعقيدات كثيرة اجتماعية وسياسية وأمنية لا يمكن فهمها جيدا إلا بالتعرف على طبيعة تركيبتها السكانية.

 

في الجانب الأيسر الكثافة السكانية اقل لان اغلب أحيائه حديثة نسبيا والمنازل ذات مساحات واسعة وزعتها الدولة العراقية للموظفين والمتقاعدين (الطبقة الوسطى) خلال العقود الستة الماضية، بينما الثقل السكاني يوجد في الجانب الايمن حيث الأحياء الشعبية الكبيرة والمدينة القديمة ذات المنازل الصغيرة المتراصة والازقة الضيقة التي لا تكفي لمرور السيارات، ما قد يعرقل حركة القطعات العسكرية.

 

يضاف الى ذلك التنوع، معروف ان العرب السنة يشكلون أغلبية مطلقة في الموصل بنسبة كانت تصل الى 80%، وفي عهد داعش ارتفعت الى نحو 90%  بسبب تهجير المسيحيين والشبك والتركمان الشيعة، ونزوح نسبة كبيرة من الكرد الى اقليم كردستان العراق، والتركمان السنة الى تركيا.

 

القوميات غير العربية تتركز أساساً في الجانب الأيسر القريب جغرافيا من إقليم كردستان، بينما استقبل الجانب الايمن موجات نزوج واسعة من القرى العربية في المناطق الغربية والجنوبية، اخرها كانت من ناحية القيارة فبحسب قائممقام الموصل حسين علي حاجم الذي يمارس مهامه من خارج المدينة فان تنظيم داعش هجّر نحو (20) ألف قروي الى الموصل بعد تقدم القوات العراقية وقد توجه اغلبهم الى الجانب الأيمن.

 

ولا شك ان روح القتال موجودة في مجتمع القرية والأحياء الشعبية اكثر من مجتمع الطبقة الوسطى، عليه فان هذه الاسباب مجتمعة تفسر الى حد ما سبب وجود عدد كبير من عناصر داعش المحليين في الجزء الأيمن.

 

محاور الاقتحام وخطة التطويق

القوات العراقية يدعمها طيران التحالف الدولي، تطوق الموصل ما عدا القوس الغربي والجنوبي الغربي الذي ينفتح على الصحراء وصولا الى سوريا ، الذي ما زال سائبا.

 

التقدم يتم من خمسة محاور، أربعة منها في الجهتين الشمالية والشرقية وتضبطها قوات الجيش العراقي ومكافحة الإرهاب والبيشمركة وحرس نينوى بقيادة المحافظ السابق اثيل النجيفي المدعومة من تركيا.

 

المحور الأصعب حتما هو الغربي والجنوبي الغربي والذي تقاتل فيه قوات الرد السريع والشرطة الاتحادية وانضم إليها مؤخرا الحشد الشعبي الذي لا يسعى لدخول المدينة انما التوجه الى مدينة تلعفر (60 كم غرب الموصل) التركمانية لان نحو نصف سكانها من الشيعة الذين فروا منها بعد سيطرة داعش عليها.

 

الخطة العسكرية لاقتحام الموصل تعتمد على تقسيم المدينة الى قطاعات ليسهل السيطرة عليها، خاصة وان داعش يجيد حرب الشوارع في مدينة مأهولة بالسكان ما يقيد كثيرا القصف الجوي والمدفعي الذي كان حاسما في التخوم المفتوحة، لذا هناك من يعتقد ان تنظيم "داعش" يريد جر القوات العراقية الى داخل المدينة لاسيما الجانب الأيمن ، إذ لم يقاتل بشراسة في المحور الجنوبي كما فعل في المحاور الأخرى.

 

ثمة إشارات إلى عدم رضا التحالف الدولي على مشاركة الحشد الشعبي وسعيه للوصول إلى تلعفر ومحاولة قطع الطريق بين الموصل وسوريا، فمنذ التحضير للمعركة تقرر عدم تطويق الموصل بالكامل لفسح المجال أمام عناصر داعش للخروج من حيث دخلوا (الجنوبي الغربي) دون الاضطرار للقتال حتى الموت.

 

معركة المدينة صعبة جدا وهي أمر لا بد منه، لكن الكثير من التغيرات قد تحدث على الأرض، فحساب الحقل يختلف عن حساب البيدر.