الجزء الاول : مجلس الإعمار العراقي لعام ١٩٥٢
خاص / NEN عراق
في النصف الاول من القرن الماضي ( القرن العشرون ) لم يكن للعراق موارد الا القليل مما يجنيه من ضرائب محلية في الوقت الذي كان يعتبر من الدول النفطية المهمة في العالم وكانت شركات النفط الأجنبية مسيطرة على نفطه دون دفع أية عائدات من النفط له أسوة بايران (الدولة المجاورة ) والتي لم يكن مخزونها الاستراتيجي من النفط مايقارب ماكان يستخرج في العراق .
وفي أوائل الخمسينات حدث انقلاب في إيران مصدق الذي اجبر شركات النفط على دفع نسبة معينة لإيران من عائدات النفط غير ان الانقلاب لم يدم طويلا وعاد الشاه إلى إيران بعد أن قام الجنرال زاهدي بإعادة الشاه إلى سلطته غير أن اتفاق شركات النفط على دفع العائدات إلى إيران مستمر مما أدى إلى مطالبة العراق بحصته من عائدات النفط أسوة بجارتها إيران وقد استجابت الشركات إلى هذا المطلب.
كان مجموع ما استجابت له الشركات هو (مبلغ سبعون مليون دولار سنويا) وارتاءت الحكومةً آنذاك تعزيز ميزانيتها بجزء من هذه العائدات لما يعادل ٣٠٪ منه أو مايساوي (٢٠ مليون دولار) اما بقية العائدات فأرتات الحكومة استغلالها في تطوير وضعية البلاد التي كانت تفتقر إلى كل شيء عدا الحالك الزراعية .
كان العراق يفقتر إلى الطرق الرئيسية المعبدة بين المدن الرئيسية، العراق كان بحاجة إلى سدود مائية لخزن الفائض من مياه الفيضانات المدمرة التي كانت تحتاجه لتعزيز مياه الأنهر التي كانت تشح في موسم الصيف ، افتقر العراق الى شبكة كهرباء لنقلها إلى المدن الكبرى وإيصالها إلى النواحي والأقضية ويفتقر العراق الى مصانع النسيج وغير ذلك كما كان العراق بحاجة إلى مشاريع ري متكاملة مع مبازلها هذه بعض احتياجات العراق الاساسية ، عهد الى شركة (ktam) تبيت ،أبوى ومكارثي) وهي شركةً عالمية أميركية المنشاء لدراسة العراق وتقديم خطة وخطط بديلة لتحسين وضعية العراق ,فقدمت الشركة تقريرا ضخما ” احتوى على خطط بديلة لتحسين وضعية العراق، قدمت الشركة تقريرا ضخما احتوى على خطط بديلة لينتهجها العراق عن طريق تنفيذه لهذه المهمة .
وبالنظر لقلة المهندسين وافتقار البلد إلى الخبرة في تنفيذ الاعمال الكبيرة فقد ارتئ مجلس الامة الآتي :-
١- تشكيل هيئة تنفيذية للمشاريع المخطط لها في تقرير شركةً(ktam) والتي تغير اسمها إلى شركة (tams) فيما بعد تدعي مجلس الإعمار في عام ١٩٥٢ وهذا المجلس يقوم لتنفيذ المشاريع ضمن حدود ميزانية معينه تخضع لرقابة مجلس الامه ومنح المبالغ اللازمةًلمجلس الإعمار ، لتنفيذ بعض المشاريع من قبل وزارات الحكومة وحسب طلبها ومعزز بتقرير يثبت إمكانية تلك الدائرة على التنفيذ.
٢- يتكون مجلس الإعمار المقترح من رجال سبق لهم كانوا وزراء او روؤساء وزارات سابقة ويرأس المجلس رئيس وزراء سابق مع نائب له بنفس الوجه .
٣- ينضم إلى المجلس خبيران احدهما بريطاني والثاني أميريكي الجنسية كأعضاء دائميين .
أ- ينفذ المجلس مشاريعه عن طريق اعلان مناقصات لمقاولات رئيسية .
ب_ لم يكن في العراق آنذاك مقاولون من ذوي الخبرة في تنفيذ المقاولات الكبيرة لذلك أحيلت الاعمال الى مقاولين اجانب من ذوي الخبرة ويحق المقاول الرئيسي ان يمنح مقاولين ثانويين لبعض الاعمال التي تعتبر روتينية .
ج_يساعد المجلس في تنفيذدمهامه أربعة هيئات فنية وبالاختصاصات التالية :-
١- الهيئة الفنية الاولى :- يكون اختصاص الهيئةً مشاريع الري ومشاريع البزل ومشاريع المياه الجوفية ومن مهام الهيئة ان يقوم كادرها الفني ( بالاستعانة بالاستشاريين احيانا) بدراسة المشاريع المقرر تنفيذها وتهيئة التصاميم والمناقصات لتنفيذ هذه المشاريع بطريقة المقاولات براءس هذه الهيئة خبير من جنسية اميريكية يساعده رئيس مهندسين أميريكي ورئيس مهندسين هولندي الاول للري والثاني لمشاريع البزل ، تحتوي الهيئة على عدد من المهندسين العراقيين(رغم قلتهم) ومهندسين اجانب حسب الاختصاص .
٢-الهيئة الفنية الثانية:- يكون اختصاص الهيئة مشاريع الطرق والجسور ،يرأس الهيئة خبير بريطاني الجنسية يساعده كادر فني مختص بتنفيذ مشاريع الطرق والجسور وماينطبق على هذه الهيئة جميع نتذكر في الهيئة الفنية الاولى .
٣-الهيئة الفنية الثالثة :- يكون اختصاص هذه الهيئة الصناعية ومشاريع الكهرباء ،يرأس هذه الهيئة خبير فرنسي يساعده رئيس مهندسين أميريكي مع كادر عراقي وأجنبي وحسبدمتطلبات الاختصاص .
٤-الهيئة الفنية الرابعة :- واختصاصها المشاريع الزراعية الإشراف على تنفيذ المشاريع الزراعية آنذاك حيث كانت مؤهلة لتنفيذ المشاريع التي كانت تعهد اليها من قبل مجلس الإعمار .
كما كان للمجلس سكرتارية تنظيم مواعيد الاجتماعات ومنهاج الجلسات والمقررات التي تصدر عن المجلس وتوجيه هذه المقررات إلى الجهات واجبة التنفيذ ،كما كان لقرارات مجلس الإعمار بحكم القوانين ولم يكن هناك مجال لتغيرها حتى ولو احتوت اخطاء وممكن تصحيح ذلك بقرارات تالية تصحيح هذه الأخطاء ان وجدت فأن احد الأسباب لذلك عدم إعطاء المجال لتأويل بعض هذه القرارات كي لايسرب الفساد إلى المجلس أو إلى منفذي قراراته .
٥-أضيفت هيئة فنية خامسة لهيئات المجلس الفنية وهي :-
الهيئةً الفنيةً الخامسة :- اختصاصها مشاريع الإسكان كما تعاقدت مع شركة يونانية هي شركة (دوكيادس) التي قامت بإنشاء قرية بموجب مبادىء وفلسفة خاصة،ولم تنجح تجربتها لكونها لم تتجاوب مع تقاليد المجتمع العراقي .
٦- بعد سنة واحدة من قيام المجلس ارتأى أن تشارك الحكومة في إدارة الهيئات الفنية فقد شكلت على آثر ذلك وزارة سميت (وزارة الإعمار) وأعيد تشكيل مجلس الإعمار بإضافة وزير الإعمار و وزير المالية ،كما خضع موظفي الهيئات الفنية في تحديد رواتبهم وخدمتهم إلى تعليمات وزارة المالية ، كانت هذه أول انتكاسة تعرض لها مجلس الإعمار مع أنه استمر في تنفيذ ما أوكل اليه من مشاريع مستفيدا من عملية الاستمرارية وأن سبب الانتكاسة هو ارتباط المجلس بالحكومة وسياستها وتعليمات وزارة المالية التي كانت السبب الاول في انشاء هذه الهيئة المستقلة .
وعند قيام ثورة الرابع عشر من تموز والغاء النظام الملكي تم إلغاء مجلس الإعمار و وزارة الإعمار ونقل موظفيها حسب اختصاص المشاريع الى الوزارات الاخرى مع انتقال المشاريع غير الكاملة منها الى الوزارات ذَات العلاقة لغرض إكمال المشاريع .
لقد كان قرار إلغاء مجلس الإعمار من القرارات الكارثية التي اصابت العراق وساوافيكم في حلقة اخرى قادمة انجازات مجلس الإعمار العراقي ١٩٥٢ ولغاية إلغائه عام ١٩٥٨ من إنجازات عظمية في إعمار العراق وسنرى شتان بين الامس واليوم .
د.حميد العقابي / رئيس الاتحاد الدولي لرجال الاعمال في العراق
مرتبط