قانون هيأة الحشد الشعبي
Mon, 28 Nov 2016 14:48:47
ظهور الحشد الشعبي، جاء بدافع المسؤولية الدينية والوطنية، للدفاع عن العراق بشكل عام والمقدسات الشيعية، خاصة سامراء، وإيقاف زحف داعش تجاه بغداد.
في الوقت الذي تشن فيه - ولا زالت - نوافذ الإعلام الغربية والعربية هجماتها المتكررة والموجهة، نحو العام والخاص، لربط الحشد بإيران والتشيع، والمقاتل الشيعي المسلم المتشدد، وتقديم الصورة الأحادية أو المزيفة، بدل الصورة الحقيقية، وتصوير كل فصائل الحشد الشعبي على أنها لا تتفق والقانون والدستور العراقي، وخاصة تلك الفصائل التي تتخذت من الولي الفقيه مرجعا دينيا لها، والتي تقدمها في صورة الإرهاب والخروج على القانون.
وتلك النوافذ الإعلامية تحاول صناعة من صورة مقاتل الحشد الشعبي مقاتلا متوحشا بربريا يرفض الحضارة المدنية والحداثة والديمقراطية، بصور مؤثرة، تشل مَلَكة التفكير والنقد لدى المتلقي العامي والمثقف، حتى يغدو يقبل كلَّ ما يقدَّم له من قِبل هذه النوافذ على أنها الحقيقة الكاملة والمطلقة، التي لا تشوبها شائب.
إنها بحق تقوم بعملية غسل الدماغ بخطاب موجه ومدروس بعناية وإتقان إلى اللاوعي المواطن العراقي خاصة، والعالم عامة. إن طريقة التشويه التي تنادي بها النوافذ الإعلامية، المبنية على القومية والطائفيّة، والتي نجم عنها أزمة وطنيّة وطائفية، لم يسبق لها في مثيل في تاريخ العراق ما بعد 2003، نتيجة عدم الفصل بين الانتهاكات المحدودة وبين التضحيات اللامحدودة للحشد الشعبي.
استطاع التحالف الوطني أن يمرر قانون الحشد الشعبي بحضور ٢٠٨ نائبا في البرلمان، وهو في ذلك يجيب عن الإشكالية التي طرحها اتحاد القوى السنية، فلماذا يتم إظهار الحشد الشعبي بشكل مغاير في نوافذ الإعلام، بينما لا يتوجه ذلك الإعلام إلى الدواعش بالطريقة نفسها.
القوى المعترضة على تشريع قانون الحشد الشعبي تعي جيداً خطورة أهمال فصائل الحشد الشعبي وتركهم بدون قانون ينظم لهم وجودهم ويعرفهم بحقوقهم واجباتهم..من يهتم ويتخوف على مستقبل العراق فهماً ودراسة ودراية وتطبيقاً عليه أن يكون منصفا عن دور هذه المنظومة.
ابناء العشائر الذين سوف يعملون تحت منظومة الحشد الشعبي، لم ولن يقبلوا بهذه الأعتراضات السياسية وخاصة تلك التي نادى بها اتحاد القوى السنية، ما دام داعش أو الإرهاب موجوداً على ارض العراق. وإذا ما أحسوا بالضغط أو المواجهة من قِبِل أيٍّ كان لفرض نمط معين من الضغط المخابراتي او السياسي عليهم، خارج القانون والدستور، فإنهم تلقائياً وبدون مقدمات يلزمهم قانونيا القيام بمهمة القتال بالضد من وكلاء تلك الجهات الضاغطة.
العشائري الحشدي لا يتعدى على الغير ولا ينبغي له ذلك، ولكن في حالة تعرض مدينته لتهديد غير قانوني، يلزمه الدفاع عنها، لأن التعدي يخلق فوضى عسكرية وإنسانية...ومن هنا يمكن أن نفهم أهمية تشريع قانون الحشد الشعبي بكل مكوناته الشيعية والسنية والاقليات، باعتباره قانونا لتنظيم عدد المنتسبين ونسبة كل مكون وأقلية، ونزع السلاح، والانضباط العسكري، وجغرافية المهام والانتشار، والقيادة العسكرية التي سوف تكلف بقيادة وادارة وتطوير سياسات هيأة الحشد الشعبي.
أن الفكرة السائدة بأن الحشد الشعبي الشيعي لا يحترم حقوق الإنسان يجب أن تُزال، فهي أمر مفترى ومقيت. فمع أن الحشد الشعبي عشرات الآلاف فالانتهاكات الفردية غير الممنهجة هي قليلة، وبالقانون الجديد سوف يتم محاسبة من يقترفها، والحشد الشعبي في غرب الموصل يلعب دوراً حاسماً وأكبر بكثير مما يجري على يد بعض القوات النظامية، فالدفاع عن نينوى حق مشروع لكل عراقي، في كل مكان، حتى ضمن الجغرافية السنيّة الصافية.
لأن قانون الحشد الشعبي الجديد يمتلك من القوة والمضمون ما يكفي لإزالة أسباب التفرقة والطائفية، إن كانت الكتل السياسية جادة في مشروع مصالحة مجتمعية حقيقي، والعراقيون أياً كانوا لهم الحق الديمقراطي في الدفاع عن العراق طبقاً لقواعد الدستور.
ولذا فقانون الحشد الشعبي وجوده ضروري وحتمي، وذلك لسد الثغرة العسكرية والأمنية في الوقت الحاضر والأيام القادمة.
ومن نافلة القول ان تعاون ١٠ نواب من اتحاد القوى السنية في تشريع هذا القانون له ما يبرره من اثمان: مطالبة بزيادة نسبة الحشد السني ووقف حشد "حرس نينوى" المدعوم تركيا بقيادة النجيفي، وتقديم دعم عسكري حكومي اضافي لابناء العشائر، وقبول الحكومة ضمنيا لتواجد قوات سنية مسلحة في جغرافية متأزمة.
ان استمرار قادة اتحاد القوى السنية في تثبيت خطوطهم الحمراء فيما يتعلق بقانون الحشد الشعبي لن يؤخر ما تم أقراره، والأولى بهم التوصل الى تسوية ما تضم عناصر صالحة للخدمة ضمن هذا القانون، والاقلاع عن فكرة الخوف من تعدد الأجهزة الامنية والعسكرية، والرضوخ لحقيقة أن البرلمان قد صوت للقانون.
في حال نجاح تنفيذ قانون الحشد في تخفيض عديد المقاتلين كما هو منصوص عليه، ستطرأ تعديلات هامة على هيكلية هيأة الحشد ومهامها العسكرية برمتها.
اذ من المستبعد انخراطها مجددا في حروب تتطلب مشاركة قوات عسكرية كبيرة لفترات زمنية مفتوحة.
وتستدعي الضرورة خفض سقف العمليات الى مهام قصيرة الاجل تشبه عمليات افواج الرد السريع والطوارئ.
وأشارت ورقة السيد مقتدى الصدر الى فقرات تنظيمية هامة وهي تعطي أولوية حق المشاركة الواسعة لقوات عشائرية عسكرية محلية في المهام القتالية، بينما يقتصر دور هيأة الحشد الشعبي على مهام الدعم اللوجستي والتطويري والتدريبي والاستخباري، كما يجري حاليا مع حشد ناحية العلم وحشد الضلوعية وحشد الجيسات وحشد جميلة وحشد البوعيسة وحشد الچغايفة وحشد البونمر.
واظن ستتراجع معظم القيادات السياسية السنية عن اعتراضاتها بعد الوصول الى حالة تسوية حول النسب العددية والانتشار الجغرافي والمشاركة بالقيادة، وتبقى جميع القوات التي يشملها قانون هيأة الحشد جاهزة للتدخل في اي مكان بالعراق بحسب أوامر القائد العام للقوات المسلحة.
وأخيراً؛ فحاصل الكلام أننا أمام قانون عملي لا يُستغنى عنه ولا يمكن تعطيله، فهو فقرات ومواد قانونية موضوعية، توصَّل إليها بعد مفاوضات وحوارات سياسية وقانونية...وأن غير العراقيّين لا ينبغي لهم أن يخافوا من تنظيم وجود الحشد الشعبي بقانون عسكري، ولا من ابناء العشائر، بل على العكس يجب أن يكون لديهم كثير من العرفان بالجميل والتطلع بأمل نحو تطبيق ذلك القانون.الخيار الواقعي لتعامل المعترض على قانون الحشد الشعبي مبني على ضرورة اعتماد الطرق الديمقراطية واللجوء للمحكمة الإتحادية للأعتراض، لما لها من نفوذ واسع وفهم دقيق حول مجمل فقرات القانون ومصير فصائل الحشد الشعبي من المكونات والاقليات على السواء..
الكاتب / هشام الهاشمي