اشكالية الاغلبية بين الحشد والتسوية
حمزة مصطفى
جاء تمريرقانون الحشد الشعبي بالأغلبية التي راى قسم من الشركاء السياسيين “كتلة متحدون وقسم من تحالف القوى العراقية” بأنها طائفية بمثابة ضربة قاصمة لمشروع “التسوية التاريخية” الذي تبناه بالدرجة الأساس زعيم التحالف الوطني عمار الحكيم الذي يحظى بمقبولية كبيرة لدى الشركاء خارج البيت الشيعي. لكن حضور الحكيم شخصيأ الى مبنى مجلس النواب يوم التصويت على مشروع قانون الحشد الشعبي فهمه الشيعة على انه محاولة من السيد عمار الإنسجام أكثر مع محيطه الشيعي بعد ان بدا انه ابتعد كثيرا لجهة الدعوة الى الكتلة العابرة للطوائف ومن ثم مشروع التسوية خصوصا ما بدا انه محاولة لاستيعاب شخصيات مطلوبة للقضاء مثل رافع العيساوي وطارق الهاشمي وخميس الخنجر برغم ان الاخير ليس مطلوبا رسميا للقضاء برغم شخصيته الاشكالية التي اثارت ولاتزال تثير لغطا كبيرأ.
وفي المقابل فان السنة راوا في حضور الحكيم الى مجلس النواب لكي يضغط باتجاه التصويت بالاغلبية برغم عدم رضا طيف واسع من البيت السني على هذا القانون بمثابة قيامه بنفسه حبر قبر التسوية التاريخية ودفنها الى الابد. لكن فيما تلى من نقاشات وحتى من تصويت عدد كبير من النواب السنة بالاضافة الى نواب كرد ومن كتل اخرى ان القانون لم يمر باغلبية شيعية وان كان الشيعة هم من ضغط على تمرير القانون. ولعل هذا ماجعل صناع التسوية التاريخية يقللون من اهمية الاصوات التي ارتفعت بشان ما بات يطلق عليه “دكتاتورية الاغلبية” طبقا لتصريحات زعيم متحدون اسامة النجيفي او فرض سياسة الامر الواقع وبالتالي لا حاجة للجديث عن تسوية تاريخية الامر الذي جعل ممثل الامم المتحدة في العراق يان كوبيش يبدا جولة مكوكية جديدة بين المتخاصمين لتذليل العقبات وتبديد نقاط سوء الفهم.
وبصرف النظر عن كل مايثار من ملاحظات بشان تقنين “الحشد الشعبي” عبر قانون يحفظ حقوق منتسبيه ويبلور اطر المشاركة من خلال ارتباطه بالقائد العام لابقادة الفصائل المسلحة مثلما هو الان او مشروع التسوية التاريخية وبماذا تختلف عن المشاريع التي سبقتها مثل المصالحة الوطنية والمجتمعية فان الاشكالية الاكبر على صعيد النقاش هو فيما يتعلق بمفهوم الاغلبية في العراق. فالعراق مثلما هو معروف بلد تعددي يشكل فيه العرب الشيعة الاغلبية السكانية يليهم من حيث العدد العرب السنة والاكراد الذين هم في غالبيتهم سنة والتركمان ومن الاقليات الدينية والعرقية (المسيحيون, الأزيديون, الصابئة, الشبك). وبسبب المحاصصة الطائفية والعرقية فقد تم بناء العملية السياسية بعد عام 2003 على اساس المكونات لا على اساس البرامج السياسية التي تنشا بموجب احزاب عابرة للمكونات. وخلال السنوات الماضية اختلطت الرؤى والمفاهيم بشان الاغلبيتين .. السياسية ام الطائفية طالما ان كل من صعد الى مجلس النواب كان عبر انتخابات توصف دائما بالديمقراطية. لذلك فانه في الوقت الذي ترى فيه اطراف في البيت السني ان قانون الحشد الشعبي انهى عمليا مشروع التسوية التاريخية فان الاطراف الرئيسية في البيت الشيعي ترى ان لا صلة بين الاثنين. فقانون الحشد يضمن حقوق منتسبيه سواء كانوا شيعة ام سنة وبالتالي فهم مستمرون في المضي بمشروع التسوية لانها بين مكونات لا بين احزاب او قوى او شخصيات.
ولعل الخوف الاكبر لدى السنة او طيف واسع منهم هو انه في الوقت الذي يوجد لدى الاكراد جيش خاص بهم “البيشمركة” واصبح لدى الشيعة جيش خاص بهم “الحشد الشعبي” الذي يراه الكثيرون على انه نسخة مكررة من “الحرس الثوري” في ايران فان السنة يرون انفسهم انهم اصبحوا “السماء والطارق” بسبب فشلهم في تمرير مشروع “الحرس الوطني”. ولذلك فانه مالم تتم تسوية هذه الاشكاليات بما يطمئون لتوجهات شريكهم الاخ الشيعي الاكبر مع ملاحظة ان السنة باتوا ينظرون الى الجيش العراقي الذي يحرر مدنهم الان على انه جيش وطني ومرغوب فيه وان جهاز مكافحة الارهاب الذي كانوا يسمونه “الفرقة القذرة” صار يسمى الفرقة الذهبية والاكثر مقبولية في اية منطقة سنية في المحافظات الغربية.