ميلاد نينوى ... مسيحيون بين أجراس التحرير وناقوس المستقبل
ميلاد نينوى ... مسيحيون بين أجراس التحرير وناقوس المستقبل
الكاتب: AB ,AR ,HAA
المحرر: AB ,AR
2016/12/24 17:18
عدد القراءات: 59
المدى برس/بغداد
مع ذكرى ميلاد السيد المسيح التي تتألق هذا العام بأجراس كنائس صمتت لأكثر من عامين في مناطق استبحاها داعش في محافظة نينوى، ما زالت مآسي مسيحييها شاخصة يترجمها خراب طال منازلهم وورشهم ودور عبادتهم، فيما يبقى مستقبلهم مجهولا يترواح بين النزوح والخوف من العودة، حيث شبح التطرف ما زال ماثلا.
ويقول المُهجر عمار البالغ من العمر 47 عاماً وهو اب لثلاثة اولاد، حيث يقطن حاليا في مخيم للاجئين المسيحيين في عين كاوة في اربيل في حديث لمؤسسة ايرن السويسرية المعنية بمتابعة الظروف الانسانية، إن "العودة الى الموصل مرة أخرى غير ممكن، حتى بعد القضاء على داعش، حيث باتت تمثل خرابا لي ولاسرتي".
عمار يروي أحداث ليلة العاشر من حزيران 2014، التي سيطر فيها داعش على مدينة الموصل المدينة، حيث استقل برفقة اسرته مركبة متوجها الى عين كاوة في اربيل، التي تضم 50 الف مسيحي هربوا من تنظيم داعش، ليواجه نقطة تفتيش للتنظيم مثلت لحظات مرعبة له ولاسرته بعد أن أقدم عناصرها على سلب أموال ومجوهرات الاسرة ولم يسلم من بين مقتنياتهم سوى هاتف نقال غاب عن اعينهم متواريا بجوراب يرتيده عمار.
وبنبرة حزينة يستذكر المواطن الموصلي أيام مدينته حيث كان يمتلك ورشة لتصميم وتصنيع لوحات اعلانات المحال التجارية، ومنزلا وسيارتين، فقدها جميعا خلال لحظات، مؤكداً أن "المسيحيين فقدوا كل شيء ولم يعد لهم مستقبل في العراق، حيث بتنا نتمنى بلوغ الموت هربا من مما يحصل لنا".
مؤسسة ايرن السويسرية ذكرت في تقريرها، إن "مدينة الموصل باتت خالية من الكنائس والاديرة بعد أن عمد تنظيم داعش الى تدميرها بشكل شامل، وسرقة محتوياتها من نفائس وموجودات وحرقها ونهب محتويات ونبش مقابرها بحثا عن حلي ذهبية قد تكون مدفونة مع رفات الموتى".
التقرير استعرض أيضا شهادة ميشيل بولص وهو أحد عناصر الشرطة المحلية من الطائفة المسيحية، والذي كان مكلفا بحراسة كنيسة في برطلة، القرية ذات الغالبية المسيحية والتي يقطنها اكثر من 20 الف مسيحي والواقعة في اطراف الموصل، حيث يقول، إن "التنظيم قام بحرق الكنيسة وتدمير محرابها ومقاعدها الخشبية".
بولص يعبر عن سعادته الغامرة بعد أن تمكن من دخول الكنيسة لأول مرة بعد فراق دام لاكثر من عامين بعد تحرير القرية، الا انه يبدي حزنه لما اصابها من خراب، لكنه يعتقد أن بالامكان اصلاح ما قد افسده التنظيم، مؤكدا أن "المسيحيين هم أهل هذه الأرض منذ قرون وسيعودون لها يوما، بعد أن حاول تنظيم داعش اجبارهم على تغيير معتقداتهم، ما أجبرهم على الرحيل".
ويشير بولص، الى أن "الكثير من منازل المسيحيين قد تم تدميرها او تفخيخها بالعبوات الناسفة ويخشى أصحابها العودة اليها، حيث يشعر اهالي برطلة بالخوف نتيجة فقدانهم الامل بمستقبل آمن"، مشددا على ضرورة "تبديد مخاوفهم ببذل الجهود لاعادة الثقة لهم تمهيدا للعودة".
الشابة المسيحية نعيمة ذات الـ26 عاما والمتخصصة في طب الاسنان من اهالي قره قوش (30 كم جنوب شرق الموصل) وتعيش في اربيل، تقول بحسب التقرير، إن "الخشية من تكرار ما تعرضت له مناطقنا والوضع الامني الذي ما يزال غير مطمئن، يحول بيننا وبين العودة"، مبينة أن "تنظيم داعش سرق ونهب واحرق منزلهم ومنازل خمسة من اقاربهم في قرة قوش بعد ان غادروها من دون ان ياخذوا اي شيء معهم".
بدوره يقول القس جورج جاهولا من قرة قوش، إن "نحو ثلث اهالي المدينة البالغ تعدادهم 50 الف شخص قد غادروا العراق منذ عام 2014 سعيا للحصول على لجوء في دول اخرى"، موضحا أن "العودة الى مناطقه الاصلية ما تزال غير ممكنة بسبب نسبة الدمار التي تعرضت لها تلك المناطق"، عادا أن "ذلك يمثل تهديدا للوجود المسيحي في العراق الذي يعتبر من اقدم المكونات المسيحية في العالم".
يذكر أن المسيحيين في العراق يواجهون ظروف غاية الصعوبة بعد العام 2003 خاصة بعد تعرض بلداتهم ومدنهم وكنائسهم الى سيطرة داعش في نينوى في حزيران العام 2014 وهجرة اكثر من 150 الف مسيحي الى مدن كردستان وبلدان المهجر.