سعد بطاح الزهيري يكتب: ذي قار شجاعة بطعم الحضارة
في الجهة الجنوبية الشرقية من العراق،وعلى خط طول 45 درجة شرق خط كرينج، وعلى دائرة عرض 12 درجة شمال خط الاستواء ،تقع بلاد سومر في العصور الوسطى ،ثم بلاد واسط في أيام الدولة الأموية، ثم البطائح في العهد العباسي ،فالمنتفق في العهد العثماني، وحالياً تسمى محافظة ذي قار . في بدء الخليقة ،واقتضاء حكمته تعالى، أن يختار الأرض التي هي قطرة في بحر الكون الهائل، لتكون محط لثقل النبوة ومهبط الوحي والتنزيل،فالتاريخ يشير إلى أن نزول أبو البشرية ادم عليه السلام ،أول مهبط له هنا في ذي قار ، فيها محل ولادة أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، ولا تزال آثار بيته وعنوانه شاهدة إلى اليوم ، لم تكن ولادة للنبي إبراهيم فحسب بل كانت في أرضها بداية للرسالة الحنفية، والتي منها انطلقت الرسالات إلى العالم ( اليهودية ،المسيحية ،والإسلامية ). ذي قار وقبل أكثر من 6000 سنة، عرفت أول حضارة عرفتها البشرية، الحضارة السومرية، من هنا انطلق الكلم والكتابة، منها عرف الخط والتدوين"الخط السومري". أول من عرف السياسة، أول نظام سياسي سمي"النظام السومري"، أول نظام تعليمي انطلق من سومر "نظام التعليم السومري ". أقدم حضارات العالم إنطلقت من وحي ذي قار"سومر،أور، لكش،أريدو"، وغيرها الكثير وإلى اليوم لم يتم التنقيب بشكل دقيق عن آثارنا الغنية والحافلة بالتاريخ . وصف جيمس مارس عالم الآثار (إن مجموع ما أخترعه وابتكره السومريون،لا يصل إليه مجتمعنا المعاصر، وبالتالي يجب أن نتسائل من أين جاءوا بهذه الأفكار ؟). ذي قار كانت سباقة في إنجاب الأفكار والمنجزات، فمنذ القدم عرفنا بالكرم والشجاعة، كنا سابقين في كل شي ،وقدمنا الكثير ليكون بصمة في قلب التاريخ. ظلمت كثيرا حيث صادرت في الزمن الغابر تراثها، وهربت آثارها، ساهم النظام العفلقي بشكل مبرمج لتهريب آثار العراق ، وبيعها في السوق السوداء دون اي رادع . كانت ذي قار محط فخر وسباقة في البطولات، لازالت قصبات الاهوار تشهد منجزات الذي قاريون، في مجابهة الطاغي والظالم ،سطرت أروع منجز للأبطال ،في إنتفاضة صفر والانتفاضة الشعبانية المباركة. الاهوار كانت الحاضنة الكبرى لكثير من الحركات والأحزاب الإسلامية،المناوئة للحكم العفلقي والمعارضة لنظام صدام، لازالت ذي قار تدفع ثمن تصديها و أيوائها إلى المجاهدين ،غيبت في الزمن الغابر من إدارة الدولة، واليوم تعيش نفس الحرمان والتهميش ، رغم أننا نعيش في زمن التجدد !، لازالت البطالة تكتسح الشباب ،والأعمار في تردي وإنكسار، والزراعة من ميناء مصدر لجميع المحافظات ،إلى سوق مستورد إلى أبسط الخضروات والفواكه. رغم كل ذلك تحديدنا الصعاب و لبينا النداء المرجعي ،عندما هتكت الأعراض و أغتصبت الأراضي، فتوى المرجعية في الجهاد الكفائي ،وتشكيل الحشد الشعبي لم يغب عن رجال وأبطال ذي قار ،حيث الآن في الصدارة يتوجون قادة تلو القادة، لخبراتهم القتالية وإيمانهم في حب الوطن والذود عنه . سابقاً وحاضرا ومستقبلا لنا تاريخ مشرق و مزدهر، فمن نبي الله ابراهيم انطلاقتنا، إلى الحبوبي الذي سطر اروع ملامح الانتصار في ثورة العشرين ،إلى مجاهدي الأهوار والانتصار ،إلى ذي قار التي رحبت بقدوم المجاهد الأكبر، محمد باقر الحكيم الذي ابى الدخول للعراق إلا من فجر الحضارة وبوابة الجنوب أهوار الجبايش، لنا في المجد عنوان تحت مظلة الحشد الشعبي شهداء وقادة أبطال.
سعد بطاح الزهيري