الاقتصاد العراقي خلال عام 2016 ..عجز واقتراض واتفاق نفطي قد ينعش البلاد
الاقتصاد العراقي خلال عام 2016 ..عجز واقتراض واتفاق نفطي قد ينعش البلاد
الكاتب: AB ,ASJ
المحرر: AB
2016/12/31 11:52
عدد القراءات: 32
المدى برس / بغداد
مع نهاية عام 2016 فإن الاقتصاد العراقي هو الآخر يقترب من نهاية نفق انهيار أسعار النفط المظلم والذي تسبب بتعثر كبير في عمل الحكومة العراقية على مستوى الخدمات والمشاريع، ما أثر سلباً في السوق العراقية وسط مخاوف من كابوس عدم قدرة بغداد على توفير رواتب موظفيها، واضطرارها الى الاقتراض الخارجي، بعد أن لاحت بارقة ضوء اتفاق "أوبك" على تخفيض الانتاج النفطي، على أمل أن يسهم بتعافي أسعار النفط ليغطي عجز الموازنة العامة للبلاد، في حين تستمر الدعوات لتنشيط القطاعات الاقتصادية الأخرى دون جدوى.
عجز مالي واقتراض مقابل شروط
عام 2016 الاقتصادي بدأ مشواره سيئاً بموازنة مالية بأكثر من 105 ترليونات دينار عراقي وبعجز بلغ نحو 30 تريلون دينار، بعد أن استمر تراجع اسعار النفط، التي قدرت الحكومة العراقية سعر برميله في موازنتها بـ 45 دولاراً، لكن تلك الأسعار لم تكن واقعية، ما دفع الحكومة الى اللجوء الى الاقتراض الخارجي.
شهر أيار من العام 2016، شهد موافقة صندوق النقد الدولي، على إقراض العراق 15 مليار دولار لسد حاجته المالية وعلى مدى خمس سنوات، وحصل العراق على جزء من هذه القروض بلغت كمرحلة اولى 6.5 مليارات دولار، من المفترض أن تصرف للتقليل من العجز للمشاريع الخدمية الحيوية الضرورية.
لكن تلك القروض لم تكن دون شروط حيث رأت عضو اللجنة المالية النيابية ماجدة التميمي في حديث الى (المدى برس)، في حينها أن "لجوء العراق الى الاقتراض الخارجي سيحتم عليه اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتخفيض النفقات في الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2016 بمبلغ 13 ترليون دينار واتخاذ الاجراءات الكفيلة بتسوية مستحقات الشركات النفطية وعدم السماح بتراكمها، فضلاً عن إخضاع كامل الراتب والمخصصات لكبار موظفي الدولة والدرجات الوظيفية العليا والخاصة لضريبة الدخل".
حيث أشارت التميمي الى أن "ضريبة الدخل ستتراوح ما بين 7.5% - 15% من إجمالي الراتب والمخصصات"، مبينة أن "تلك الاجراءات تتضمن أيضاً إعادة تأهيل أو إعادة هيكلة الشركات العامة الممولة ذاتياً، فضلاً عن العمل الجاد على رفع كفاءة أداء الأجهزة المالية والرقابية في البلد وعلى جميع المستويات وفرض رقابة صارمة على أبواب الصرف لهذا القرض، واطلاع صندوق النقد الدولي على صافي الصرف الحقيقي للعراق خلال عام 2015".
النفط ... مورد مالي يتيم
بغداد واصلت خلال 2016 جهودها لرفع انتاجها النفطي بهدف تعويض تدهور الاسعار بما يؤمن رواتب موظفيها واحتياجات البلاد الاساسية، حيث تشهد بقية القطاعات الاقتصادي ركوداً وتعطلاً شبه تام، وخاصة قطاعي الصناعة والزراعة.
وزارة النفط ذكرت في تشرين الثاني الماضي، إن صادراتها من النفط الخام سجلت رقماً قياسياً وصل إلى أربعة ملايين و51 ألف برميل، مشيرة الى أن الصادرات النفطية من المنافذ الجنوبية سجلت ارتفاعاً كبيراً، حيث بلغت ثلاثة ملايين و407 آلاف برميل يومياً، فيما كشفت أن صادرات نفط كركوك بلغت 64 ألف برميل، بينما بلغت معدلات التصدير من حقول كردستان إلى 580 ألف برميل يومياً.
وشهد عام 2016 أيضاً، إدخال تشكيلات الوزارة والشركات الاستثمارية آبار جديدة إلى الخدمة ومن استصلاح آبار أخرى.
تصدير الغاز ... "انجاز" اقتصادي "متأخر"
على الرغم من ما يمثله من أهمية اقتصادية وما يشكله من ضرورة تحتاجها البلاد، الا أن الغاز العراقي ظل مهدوراً لمدة طويلة، لتأتي خطوة تصديره كـ"انجاز اقتصادي" بحسب وصف خبراء ومختصين حتى مع كونه "متأخراً".
وزارة النفط العراقية اعلنت في (20 من آذار 2016) تصدير أول شحنة من الغاز المكثف (السائل) من إنتاج شركة غاز البصرة عبر مرفأ تصدير الغاز في شركة غاز الجنوب، بشحنة بلغت 10 آلاف متر مكعب وبواقع 7 آلاف طن، مؤكدة أن تصدير الغاز المكثف يتم من دون الحاجة إلى تعاقدات لوجود طلب على المادة.
الوزارة أكدت في تموز الماضي، أن أن إنتاج العراق من الغاز سيتضاعف في اطار الخطة التنمویة السادسة للوزارة، مبينة أن إنتاجها من الغاز سيصل الى نحو 1.2 مليار متر مكعب، في حين أعلنت في تشرين الثاني الماضي تصدير الشحنة الـ 12 من مادة "المكثفات" عبر ميناء أم قصر وشحنة جديدة من الغاز السائل، مؤكدة استمرارها بعمليات تصدير الغاز السائل و"المكثفات" لرفد خزينة الدولة بالإيرادات المالية، فيما صدرت الشحنة الـ 13 من مادة المكثفات عبر ميناء خور الزبير قبل بضعة أيام.
الصناعة ... مبادرات "خجولة" يحطمها المستورد
ظل قطاع الصناعة يعاني "شللاً" شبه تام خلال عام 2016 على الرغم من تعهد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي وفق برنامجه "الاصلاحي" الذي قدمه في شهر اذار الماضي، بـ"إيلاء تنشيط القطاعين الصناعي والزراعي بشكل خاص والقطاعات الاقتصادية الأخرى (السياحة والتمويل والتأمين والتجارة والخدمات) بشكل عام اهتماماً استثنائياً"، مشيراً الى أن ذلك الاهتمام سيشمل القطاع الخاص لـ"أخذ موقعه الصحيح في حركة الاقتصاد العراقي"، فيما اشترط حينها أن "تعمل الكابينة الوزارية بروح فريق العمل الواحد لضمان تكامل العمل لتحقيق هذا الهدف المهم".
وزير الصناعة والمعادن وكالة محمد شياع السوداني، عزا في تشرين الأول الماضي، أسباب فشل وتلكؤ الشركات في الوزارة الى إدارة الوزراء السابقين لها، وأشار الى أن عدد الشركات المتلكئة في الوزارة وصل الى 55 شركة، فيما أتهم بعض الوزارات بعرقلة ملف استثمار معمل الحديد والصلب في البصرة.
وعلى الرغم من بعض المبادرات "الخجولة" لتنشيط بعض قطاعات الصناعة الوطنية كالسمنت حيث أعلنت وزارة الصناعة والمعادن في حزيران الماضي، عن تحقيق الشركة العامة للسمنت العراقية تطوراً كبيراً في مستوى الانتاج والمبيعات، وبيّنت أن مبيعات السمنت العراقي خلال 5 أشهر بلغت 71 مليار دينار عراقي، الا أن المنتجات الوطنية على "تواضعها" تواجه تحديات كبيرة منها المنافسة التي تفرضها المنتجات المستوردة وسط غياب لتشريعات تحميها.
الزراعة ... قطاع لا يغني ولا يسمن من "جوع"
القطاع الزراعي لم يكن بأحسن حالاً من نظيره الصناعي حيث لاتزال المحاصيل والمنتجات الحيوانية لا تغطي حاجة البلاد، فضلاً عن منافستها من المنتجات المستوردة، حيث طالبت الوزارة مطلع عام 2016، بحماية منتجاتها، فيما أشارت الى اطلاق قروض بقيمة تريليون و650 مليار دينار قدمها البنك المركزي بواسطة المصرف الزراعي التعاوني، مقابل استمرار معاناة الفلاحين وابرزها تأخر مستحقاتهم عن محاصيلهم.
حاجة العراق من المنتجات الحيوانية في عام 2016 بلغت بحسب تقديرات الوزارة، 250 الف طن خلال 2016 فيما بلغ الانتاج المحلي 84 الف طن فقط، وفي حين أعلنت عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من التمور هذا العام بانتاج نحو 850 الف طن خلال هذا العام، أصدر الجهاز المركزي للإحصاء تقريراً توقع خلاله أن يبلغ محصول الحنطة 2881 ألف طن للموسم الشتوي 2016 بارتفاع قدر نسبته بـ 9% عن الإنتاج الفعلي للموسم الماضي للمحافظات المشمولة حيث قدر بـ 2645 ألف طن.
البنك المركزي ... احتياطي متراجع و"شبهات" بيع العملة
دور البنك المركزي العراقي في مواجهة الأزمة المالية التي واجهت البلاد وسياساته ما زالت محل جدل ونقاش، حيث انتقد مختصون وسياسيون ادارة المصرف وعدّوها "غير رصينة وسببت هدراً للمال العام" خاصة فيما يتعلق بسياسات صرف الدولار التي عدّت "نافذة للسراق والفاسدين ومكاناً لهدر المال وتسريب الرصيد العراقي عبر مافيات غسل الاموال"، داعين الى شمول إدارته بالإصلاحات التي أقرها مجلس النواب.
البنك باع نحو 312 مليار دولار منذ استحداث مزاد بيع العملة ذهب 80% منها الى الخارج "مضحياً" بالعملة الصعبة التي تدخل البلد مقابل بيع النفط، بحسب عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية برهان المعموري، فيما كشفت اللجنة المالية في مجلس النواب أن احتياطي البنك المركزي تراجع الى أقل من 50 مليار دولار.
في حين عدّت إدارة البنك المركزي تلك النافذة "وسيلة لضمان واستقرار" سعر صرف الدينار لتلبية متطلبات الاقتصاد العراقي، مشيراً الى "إعطاء دور أكبر" للمصارف الحكومية لبيع وشراء الدولار وتطوير وتدقيق مصادر الأموال المستخدمة لأغراض شراء العملة الصعبة، فيما أكد محافظه علي العلاق، التزام العراق بالتعهدات التي قطعها لصندوق النقد الدولي بتوقيتاتها المحددة، لاسيما أنها تنسجم مع توجهاته وأهدافه، مبيناً أن الصندوق "تفاجأ" بـاحتياطات العراق من العملة الأجنبية.
البنك المركزي العراقي، أكد أن مبيعاته للمصارف من الدولار انخفضت هذا العام بنحو 11 مليار دولار مقارنة بالعام الماضي، حيث بلغت منذ بداية العام الحالي 30 ملياراً و880 مليوناً و28 الفاً و32 دولاراً، فيما بلغت خلال العام الماضي 41 ملياراً و833 مليوناً و293 الفاً، و902 دولار، مشيراً الى اطلاق عدد من انظمة بهدف دعم العمليات المالية كنظام المقسم الوطني والامتثال الضريبي فضلاً عن اطلاق مشروع توطين رواتب الموظفين.
سوق العراق للأوراق المالية
عام 2016 شهد تداول تريلون سهم بقيمة 522 مليار دينار بارتفاع بنسبة 67% مقارنة بعام 2015، بحسب ما أعلنه سوق العراق للأوراق المالية، حيث أكد تنظيم 234 جلسة تداول خلال هذا العام، مشيراً الى تسجيل تفاوت في مؤشراته منذ نهاية العام الماضي وحتى تشرين الثاني من 2016.
السوق بيّنت أن التغيير شمل الشركات المدرجة حيث بلغت في نهاية كانون الاول، من العام الماضي 98 شركة في حين بلغت حتى نهاية تشرين الثاني الماضي 97 شركة، وفي حين تراجع عدد الشركات المتداولة من 82 شركة إلى 74، فإن القيمة المتداولة قد انخفضت بنسبة 16.16 % حيث بلغت في العام الماضي 495 مليار دينار، أما في العام الحالي فقد بلغت 415 مليار دينار.
إيرادات المنافذ الحدودية
على الرغم من تطبيق نظام التعرفة الكمركية إلا أن واردات المنافذ الحدودية لا تزال دون الحد الأدنى من المستويات المقبولة، فيما يعزو مختصون ذلك الى ضعف الرقابة على تطبيق نظام التعرفة وتنفيذه في منافذ دون أخرى، فضلاً عن الفساد الإداري والمالي.
في كانون الأول، أعلنت مديرية المنافذ الحدودية في وزارة الداخلية، أن قيمة الإيرادات المالية لها بلغت أكثر من 161 مليار دينار خلال 10 شهور من العام الحالي، مبينة أن تلك الواردات استوفيت من منافذ سفوان والشلامجة والشيب وزرباطية ومندلي المنذرية، فضلاً عن مطاري البصرة والنجف.
موازنة 2017
نجح مجلس النواب، في الـ7 كانون الأول 2016، بإقرار قانون الموازنة العامة لعام 2017 المقبل بقيمة نحو 100 ترليون دينار وبعجز بلغ 21 ترليون دينار، قبل أن ينهي فصله التشريعي الأول.
وقدرت إيرادات الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية /2017 بـ 79.11 ترليون دينار، بإجمالي عجز بلغ 21 ترليوناً و659 ملياراً و739 مليوناً و790 الف دينار، ويغطى هذا العجز من الاقتراضين الداخلي والخارجي ومن مبالغ النقد المدورة في حساب وزارة المالية الاتحادية ونسبة من الوفرة المتوقعة من زيادة اسعار بيع النفط الخام المصدر أو زيادة صادرات النفط الخام، كما نص قانون الموازنة.
واحتسبت الإيرادات المُتحققة من تصدير النفط الخام على أساس معدل سعر قدره 42 دولاراً لبرميل النفط ومعدل تصدير قدره 3 ملايين و750 الف برميل يومياً بضمنها 250 الف برميل عن كميات النفط الخام المنتج في إقليم كردستان و300 الف برميل، على أن تقيد جميع الإيرادات المتحققة فعلاً إيراداً نهائياً لحساب الخزينة العامة للدولة، فيما خصص 17% من الموزانة لإقليم كردستان.
"أوبك" ... تختم عام "تقشف" وتنعش الآمال
نفق العام الاقتصادي للعراقي الذي كان شبه مظلم وتسبب بعدة تعثرات للحكومة العراقية على مستوى الخدمات والمشاريع ألقت بظلالها بشكل ملحوظ على الشارع العراقي، الذي يكمن أسوأ كوابيسه في عجز الحكومة عن توفير رواتب الموظفين، رأى بارقة أمل مع خواتيمه بتعافي أسعار النفط بعد اتفاق اعضاء منظمة "أوبك" على تخفيض الإنتاج النفطي لأول مرة منذ عام 2008، في الـ 30 في تشرين الثاني 2016.
اتفاق الدول المنتجة للنفط، كان من أبرز الأحداث الاقتصادية العالمية، ونص تخفيض الانتاج بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً للدول الأعضاء، كما توصلت "اوبك" لاتفاق مع 11 دولة من منتجي النفط من خارج المنظمة على خفض إنتاجها من النفط بمعدل 558 ألف برميل يوميا، وذلك بدءاً من الأول من كانون الثاني 2017.
وبموجب اتفاق أوبك فإنه يتعين على العراق، وهو ثاني أكبر منتج في المنظمة، خفض إنتاجه بنحو 210 آلاف برميل يومياً إلى 4.351 ملايين برميل يومياً، فيما أكد العراق من جانبه التزامه بالاتفاق في مسعى لدعم أسعار النفط.