اخبار العراق الان

المالكي VS الصدر: صراعات شيعيّة مبكرة لتغيير مجالس المحافظات

المالكي VS الصدر: صراعات شيعيّة مبكرة لتغيير مجالس المحافظات
المالكي VS الصدر: صراعات شيعيّة مبكرة لتغيير مجالس المحافظات

2017-01-08 00:00:00 - المصدر: نقاش


 الشهر الماضي أجرى رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي زيارة الى محافظات جنوب العراق (ميسان والبصرة والناصرية)، ولكنه تفاجأ بآلاف المتظاهرين ضده من أتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، واقتحم العشرات منهم احدى القاعات التي كان ينوي المالكي إلقاء كلمته فيها، واضطرت قوات الامن الى الغاء الاحتفالية، وبعدها هدد المالكي أنصار مقتدى الصدر بعملية عسكرية لتأديبهم.

 

الخلاف الجديد بين الغريمين يعكس صراعا سياسيا خفيا على مجالس المحافظات التسعة التي تأسست عام 2013 على وقع اول انقسام شيعي رسمي في العملية السياسية منذ 2003، اذ انقسمت الاحزاب الشيعية الاساسية الى فريقين، الأول يضم ائتلاف "دولة القانون" بزعامة المالكي، والثاني يضم الزعيمين الشابين عمار الحكيم ومقتدى الصدر ويمثلان الجيل الجديد من الإسلام السياسي الشيعي.

 

وفي أول رد من المالكي على الصدر بسبب الاهانة التي تعرض لها على يد المتظاهرين جنوب البلاد، أوعز الى أعضاء حزبه داخل مجلس محافظة بغداد باستجواب المحافظ علي التميمي العضو البارز في التيار الصدري، وبعدها ظهرت حملة تشويه لسمعة محافظ ميسان علي دواي وهو أيضاً عضو في التيار الصدري.

 

فاضل الشويلي عضو مجلس محافظة بغداد ينتمي إلى التيار الصدري، يقول لـ "نقاش" إن "استجواب محافظ بغداد في الوقت الحالي سياسي وليس مهنياً، أين كانوا في الشهور الماضية؟، ولماذا في هذا التوقيت يريدون استجواب المحافظ".

 

ويضيف ان "التحالف بين التيار الصدري وباقي الكتل الأخرى ما زال قويا ويمتلك الغالبية داخل مجلس المحافظة ولن يستطيع "دولة القانون" إقالة المحافظ من منصبه".

 

ولكن عضو "دولة القانون" سعد المطلبي الذي يقود عملية الاستجواب ضد المحافظ، يؤكد لـ "نقاش" ان "عملية استجواب المسؤولين دستورية وقانونية، وإذا كان التيار الصدري متأكداً من مهنية المحافظ فلماذا يخشى الاستجواب؟".

 

ويستند الاستجواب على عدد من التهم ضد المحافظ، منها فساد إداري ومالي في مشاريع عدة بينها مشروع لإنشاء منظومة أمنية لمراقبة حركة السيارات في العاصمة، ولكن المشروع توقف عن العمل بعد جباية أموال من أهالي بغداد.

 

وجمع "دولة القانون" ومجموعهم (20) عضوا في مجلس المحافظة من أصل (58)، ويحتاج الحصول على نصف عدد الأعضاء لإقالة المحافظ من منصبه.

 

بعد أيام قليلة تعرض محافظ ميسان علي دواي الى حملة تشويه من قبل أعضاء "دولة القانون"، واتهموه بتنظيم تظاهرات ضد المالكي خلال زيارته إلى المدينة مطلع الشهر الماضي ومنعه من تنظيم مؤتمر لشيوخ عشائر مؤيدين لـ "دولة القانون"، ولكن المحافظ علي دواي نفى هذه التهم، وأعلن رفع قضية لدى المحاكم ضد أعضاء في "دولة القانون".

 

الصراع السياسي انتقل أيضاً الى محافظة البصرة التي يقودها المحافظ ماجد النصراوي التابع الى "المجلس الأعلى الإسلامي" بزعامة عمار الحكيم، الحليف الأساسي للتيار الصدري ضد المالكي، اذ طالب رئيس اللجنة المالية في المجلس احمد السليطي وهو عضو في "دولة القانون"، المحافظ النصراوي بالكشف عن التعاقدات المالية التي أبرمتها المحافظة.

 

في المقابل رد التيار الصدري على محاولات "دولة القانون" بالطريقة ذاتها، اذ بدأ اعضاء حزب الصدر التحضير لاستجواب محافظ كربلاء عقيل الطريحي الذي ينتمي الى "دولة القانون" وهو احد المقربين من المالكي.

 

ويقول عضو مجلس كربلاء ماجد المالكي عن "دولة القانون" ان التيار الصدري يريد استجواب المحافظ للرد على عملية الاستجواب لمحافظ بغداد علي التميمي، وأضاف انه سيفشل في إقالة محافظ كربلاء من منصبه لانه لا يمتلك العدد الكافي من الاصوات داخل المحافظة.

 

صراعات شيعية - شيعية

بالعودة الى الوراء قليلا، فان الاحزاب الشيعية التي انخرطت في تحالف موحد بعد عام 2003 لضمان الحصول على السلطة، بدأ بالانهيار عام 2013 بعد الانتخابات المحلية، وتشكلت مجالس المحافظات الشيعية التسعة وسط وجنوب البلاد (البصرة، ميسان، الناصرية، المثنى، كربلاء، النجف، واسط، القادسية، بابل) بين فريقين متخاصمين، المالكي من جهة، والصدر والحكيم من جهة ثانية.

 

وفي السنة اللاحقة تجدد الخلاف بين الفريقين في الانتخابات التشريعية عام 2014 عندما تحالف الصدر مع الحكيم والاحزاب السنية ضد المالكي، ونجحوا في إبعاده من السلطة لصالح زميله في الحزب حيدر العبادي رئيس الوزراء الحالي.

 

والآن تنشغل الأوساط السياسية المحلية والدولية حول الإجابة على سؤال خطير، ما مستقبل الصراع داخل البيت الشيعي بعد الانتهاء من تنظيم "داعش"؟.

 

ساهمت الحرب ضد المتطرفين طيلة العامين الماضيين في توحيد الأحزاب والفصائل الشيعية، ولكن اقتراب هذه الحرب من نهايتها يثير القلق حول مصير مئات الآلاف من المقاتلين الشيعة الذين سيعودون الى مدنهم جنوب البلاد وهم يتبعون الى أحزاب متصارعة في الميدان السياسي.

 

وخلال السنوات الماضية ساهمت الانتخابات في حصر الصراع بين الاحزاب الشيعية عبر صناديق الاقتراع، وبموجب الدستور العراقي فان الانتخابات المحلية المقبلة يجب أن تعقد بعد أربعة أشهر، أي في نيسان (ابريل) 2017، ولكن مفوضية الانتخابات أعلنت عدم استطاعتها إجراء الانتخابات لأسباب لوجستية وسياسية.

 

الرئاسات الثلاث في العراق (الجمهورية، الحكومة، والبرلمان) اتفقت على تأجيل الانتخابات الى عام 2018 بسبب سيطرة "داعش" على مدن لن يستطيع سكانها المشاركة في الاقتراع، بالإضافة إلى ملايين النازحين عن مدنهم لن يتمكنوا من الانتخاب، وكذلك انشغال الحكومة في المعركة ضد المتطرفين.

 

ولكن تأجيل الانتخابات قد يؤدي إلى صراعات عنيفة بأدوات غير ديمقراطية هذه المرة وربما تصل الى حد استخدام العنف، ويسعى ائتلاف "دولة القانون" القريب من قوات "الحشد الشعبي" الى تغيير مجالس المحافظات الحالية قبل الانتخابات، بينما يسعى التيار الصدري و"المجلس الاعلى الاسلامي" للحفاظ على الأوضاع الراهنة، وهم أيضا يمتلكون آلاف المقاتلين.

 

والتطور الجديد في المشهد الشيعي إن الفصائل المسلحة التي تشكلت بعد عام 2014 لمحاربة "داعش"، وخاضت معارك شرسة وخسرت مئات المقاتلين ونجحت في تحرير العديد من المدن باتت تمتلك نفوذا شعبيا وطموحات سياسية، وأصبحت منافسا للأحزاب الشيعية التقليدية التي تراجعت شعبيتها كثيرا، اذ يحمّل الناخبون الشيعة هذه الاحزاب مسؤولية الفقر والبطالة في مدنهم بعد 2003.

 

الشيء المؤكد ان الانتخابات المقبلة ستكون الأكثر أهمية وخطورة منذ عام 2003، فهو اول اقتراع سيجري بعد "داعش"، كما ان التنافس على مقاعد المحافظات سيكون أقسى من التنافس على مقاعد البرلمان لان العراق مقبل على نظام لا مركزي عبر قانون المحافظات الذي سيمنح السلطات المحلية صلاحيات امنية وسياسية وإدارية واقتصادية أوسع من الحكومة في بغداد.