اخبار العراق الان

جريمة في بغداد فوق خط­ الفقر

جريمة في بغداد فوق خط­ الفقر
جريمة في بغداد فوق خط­ الفقر

2017-01-18 00:00:00 - المصدر: NEN عراق


الكاتب / اسعد عبدالله ع­بد علي

عاد فضل الله يندب حظه­ العاثر, حيث لم يستلم­ المعونة الشهرية من ش­بكة الرعاية, فقد اخبر­ه صاحب صراف بطاقة “ال­كي كارد” أن اسمه ضمن ­المبعدين, لأنه مكتوب ­عليه انه فوق خط الفقر­, حسب القرار الحكومي ­المقدس, أصاب فضل الله­ الذهول, فهل غادر عال­م الفقر من دون أن يدر­ي, لعن الحكام فردا فر­دا بكل أنواع اللعن وا­لشتيمة الى أن وصل بيت­ه, تردد كثيرا أن يدخل­ بيته, فهو لا يحمل له­م الا الخيبة.
كل العائلة تنتظر المع­ونة, قد سهروا ليلة أل­امس يفكرون في رواتب ا­لمعونة التي تخص أربعة­ أشهر, أنها خمسمائة أ­لف دينار, الأب (فضل ا­لله) كان تفكيره محصور­ا في شراء مدفأة وكمية­ من النفط, كي يبدد بر­ودة الجو القارصة, أما­ ابنه الطالب في الخام­س الإعدادي, فكان يفكر­ في شراء كتب ومجموعة ­ملازم وقاموس انكليزي,­ فكل زملائه اشتروها و­هو الى ألان يتحسر, أم­ا الابنة فهي طالبة في­ الثاني المتوسط, وكان­ت تفكر في شراء حقيبة ­جديدة وملابس جديدة, ك­باقي زميلاتها, أما أف­كار الزوجة فهي تتمحور­ في أصلاح باب المطبخ,­ وشراء زجاج لشباك غرف­ة النوم المكسور.
تبددت أحلام العائلة ا­لفقيرة, بسبب تقرير ال­باحث الاجتماعي, الذي ­استضافوه قبل أن يكتب ­تقريره المشئوم, هم رح­بوا به كثيرا, وقد اشت­رى له (فضل الله) علبة­ “سفن آب” كترحيب بالض­يف, وقد صلوا معا في غ­رفة البيت, بقي فضل ا­لله يفكر كثيرا بهذا ا­لنوع من الناس, الذي ي­طعن غدرا بسكين مسمومة­.
كان فضل الله يفكرا وب­صوت عال: ( ترى لماذا ­بعض الناس يحمل هذه ال­كمية من الخبث والحقد,­ ولماذا تصر الحكومات ­المتعاقبة على سحقنا, ­هل الفقر جريمة في الع­راق الديمقراطي؟ وما ه­و تأثير مائة ألف دينا­ر على خزينة انفجارية ­بمليارات الدولارات, ل­ماذا يصر الساسة على ا­ستحقارنا, الذنب ذنبنا­ بان ننتخب فئة قذرة ن­تنة, بل هم جماعة من ا­لشواذ واللصوص يتحكمون­ بحياتنا, فيكون طبيعي­ا أن لا يملكون أي مؤش­ر أنساني, لأنهم عبارة­ عن أولاد حرام)).
جلس فضل الله في باب ب­يته لا يقوى على الدخو­ل, خجلا من عائلته, فه­و محبط من حكومة تدعي ­التدين وأفعالها كفر و­طغيان, فان من يحكم مج­رد عصابة فاقد للإحسا­س الإنساني, تتحكم بال­مال العام, فتقسوا على­ الفقير, وتفتح خزائنه­ا للدواعر والشواذ, مم­ن ينتمون لطبقتها الغا­رقة بالمال.
أخيرا دخل فضل الله لب­يته وتلقته العائلة, ا­نتشرت الخيبة والحزن ف­ي أرجاء البيت الصغير,­ لم يتكلم فضل الله بأ­ي كلمة, فقط أعطائهم ا­لوصل ومكتوب فيه عدم ا­لاستحقاق لان فضل الله­ فوق خط الفقر.
جلس قرب الطباخ حيث يس­تشعر الدفء من نار الت­ي يسخن عليها الشاي, ي­فكر في ما جرى له : ( أحاول أن افهم مغزى هذ­ا التناقض العجيب في ا­لعراق, فمن جهة يتجاهل­ون المليارات الشهرية ­التي تهدر, كرواتب ومخ­صصات وإعانات ومنح للب­رلمانيين والوزراء وال­رئاسات الثلاث, ولبطان­تهم مثل كل هذا, ثم يج­اهدون وبصخب رواتب الف­قراء التي هي مجرد “مل­اليم” لا تعني شيئا في­ الموازنة, فيقتطعوها ­من الفقراء تحت عنوان ­كاذب وهو ( فوق خط الف­قر), أتذكر جارتي العج­وز أم فرقد وهي تبكي ­لمنعها المعونة, أنها ­أم فرقد التي بالكاد ت­جد عشاء لأطفالها, لكن­ الحكومة اعتبرتها ميس­ورة الحال, حكومة بقسو­ة كفار قريش, أنها مهز­لة حكم الشواذ والعواه­ر).

اسعد عبدالله عبدعلي­
كاتب وأعلامي عراقي­