اخبار العراق الان

العراق | السيد عادل العلوي يكشف عن سبب تسمّية الشیعة أبنائهم بعبد علي وعبد الزهراء

العراق | السيد عادل العلوي يكشف عن سبب تسمّية الشیعة أبنائهم بعبد علي وعبد الزهراء
العراق | السيد عادل العلوي يكشف عن سبب تسمّية الشیعة أبنائهم بعبد علي وعبد الزهراء

2017-01-31 00:00:00 - المصدر: بلاد نيوز


وكالة بلاد نيوز، العراق، الكاظمية، الثلاثاء 31 كانون الثاني/يناير 2017

نشر الموقع الرسمي لاية الله العلامة السيد عادل العلوي اجابه لسؤال او شبهة مفادها "ان العبودية لا تكون إلّا لله وحده، يقول سبحانه وتعالى: ﴿ بَلْ اللَّهَ فَاعْبُدْ ﴾(الزمر: 66)، فلماذا يتسمّى الشيعة بعبد الحسين وعبد علي وعبد الزهراء وعبد الإمام؟! ولماذا لم يسمّ الأئمة أبنائهم بعبد علي وعبد الزهراء؟ وهل يصح أن يكون معنى عبد الحسين (خادم الحسين) بعد إستشهاد الحسين رضوان الله عليه؟ وهل یمکن أن یخدمه بأن يقدّم له الطعام والشراب ويصبّ له ماء الوضوء في قبره!!! حتى يصير خادماً له؟".

 

وجاء في جواب اية الله العلامة السيد عادل العلوي مانصه: ان الجواب الصائب: 

 

أولاً: لا شك ولا ريب أن العبودية لله خالصاً ومخلصاً، ومن أشرك مع الله سبحانه بشرک جليّ فإنّه يحبط عمله، وهذا ما قام عليه الأدلة القاطعة العقلية والنقليّة من الكتاب والسنة ومنهاج الأئمة الأطهار إلّا أنّ للفظ العبد في اللغة معان عديدة كما سيتضح، ولابّد في القياس البرهاني أن يتكرر الحدّ الوسط بنفس المعنى كما في علم المنطق.

 

وثانياً: لاشك ولا ريب أيضاً أنه في صدر الإسلام في الفتوحات وأخذ الأسراء من الرجال والنساء كان الرجال رقاً وعبيداً بين حصّة المجاهدين، والنساء اماء وجواري يقع عليهم البيع والشراء، كما كان قبل الإسلام، فأقرّه الإسلام لظروف خاصة، إلّا أنه جعل في أكثر من 25 مورداً للعتق والتحرير، كمن يعلّم عشرة أنفار من المسلمين يكون حرّاً، أو من أفطر متعمداً في شهر رمضان فإنه يعتق رقبة، وهكذا في موارد كثيرة، أضف إلى إستحباب العتق في نفسه، وأنه  من مصاديق الصدقة في سبيل الله سبحانه.

واضاف العلوي "ان المقصود من طرح هذا الموضوع أن العبودية صار بمعنى آخر، ففي الناس صار سوق النخاسين ووجود الموالي والعبيد كما أنّ في عبادة الله هو المولى جلّ جلاله  والناس عباده، وفي اللغة جعل فرقاً بين عبادة الله وبين شراء العبد وبيعه، فإنّه في الأول يجمع لفظ العبد على العباد، وفي الثاني على العبيد، كما جاء في (مفردات) الراغب الاصفهاني «عبد: العبودية إظهار التذلّل، والعبادة أبلغ منها، لأنها غاية التذلّل ولا يستحقها إلّا من له غاية الافضال وهو الله تعالى، ولهذا قال ﴿الّا تعبدوا إلّا إياه﴾ والعبادة ضربان: عبادة بالتسخير وهو كما ذكرناه في السجود وعبادة بالإختيار وهي الندوي النطق وهي المأمور بها في نحو قوله (اعبدوا ربكم، واعبدوا الله) والعبد يقال على أربعة أضرب:

الأول: عبد يحكم الشرع وهو الإنسان الذي يصّح بيعه وابتياعه نحو (العبد بالعبد) (وعبداً مملوكاً لا يقدر على شيء) 

والثاني: عبد بالإيجاد وذلك ليس إلّا لله وإياه قصد بقوله (إن كل من في السموات والأرض الا آني الرحمن عبداً) 

والثالث: عبد بالعبادة والخدمة والناس في هذا ضربان: عبد لله مخلصاً وهو المقصود بقوله: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ﴾ ﴿إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً ﴾ ﴿ نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾ ﴿عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَةة﴾ ﴿لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾﴿فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً﴾ ﴿فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا﴾ وعبدٌ للدنيا وأعراضها وهو المعتكف على خدمتها ومراعاتها وإياه قصد النبي: (تَعسَ عبد الدرهم تعس عبد الدينار) وعلى هذا النحو تصبح أن يقال ليس كل إنسان عبد الله فإنّ العبد على هذا بمعنى العابد، لكن العبد أبلغ من العابد والناس كلهم عباد الله، بل الأشياء كلها كذلك، لكن بعضها بالتسخير - أي في عالم التکوین- وبعضها بالإختيار، وجمع العبد الذي هو مسترق ـ أي أخذ رقّاً وعندنا في الفقه كتاب الرق ويقسم الرّق إلى أقسام فراجع ـ وجمع العبد الذي هو العابد عباد، فالعبيد إذا أضيف إلى الله أعم من العباد، ولهذا قال (وما أنا بظلّام للعبيد) فننبّه أنه لا يظلم من يختص بعبادته ـ وهم عباد الله ـ ومن إنتسب إلى غيره من الذين تسموا بعبد الشمس وعبد اللات ونحو ذلك.

ونتيجة القول: إنّ العبادة بمفهومها العام بمعنى اظهار التذلّل ولازمهن الإطاعة، فإن كان الإظهار في غاية منتهاه كالسجود والطاعة على نحو الإطلاق ومن دون قيد بالذات والإستقلال عقلاً ونقلاً فهو من عبادة الله ويختص به دون غيره، وجمع العبد حينئذٍ عباد، وإن كان مجرد اظهار التذلل مع الطاعة المطلقة بالإمكان والتبع فهي لغير الله إلّا أنه للأنبياء والأوصياء، وحينئذٍ من أطاعهم مطلقاً يطلق عليهم عبيدهم في مقام التذلّل لهم وإطاعتهم، ومن هذا المنطلق ما ورد في زيارة الأئمة الأطهار حينما يقول الزائر: (عبدكم) وإن كان إظهار التذلّل مع الطاعة المشروطة، فإنه يطلق على المطيع عبد للمطيع له أيضاً، كما يقال الولد عبد لأبيه، والتلميذ عبد لأستاذه ومن هذا المنطلق: ورد في الحديث الشريف عن علي:من علّمني حرفاً فقد صيّرني عبداً، وهذا معنى آخر للفظ العبد.

وهو يدل على منتهى عظمة التعليم والتعلّم في الإسلام، فإنه جعل الإسناد والمعلّم والمربّي بمنزلة المولى والقادر والمالك والتلميذ والمتعلم بمنزلة العبد الذي لا يقدر ولا يملك لنفسه شيئاً فإنّ العبد وما في يده لمولاه، كما ورد في الأثر".

وتابع "وحينئذٍ لمّا كان الرسول الأعظم وفاطمة الزهراء والأئمة الأطهار معلمي البشرية وهداتهم (ويزكيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة) وهذا لا يختص برسول الله بل لأوصيائه  الأطهار كذلك فإنهم يعلموّن الناس ويقومون بتربيتهم وتزكية نفوسهم، فكانوا المعلمين حقاً. وكانت البشرية، وكل من كان في مدرستهم من تلامذتهم وأتباعهم بمنزلة العبيد لهم.

وحينئذٍ مع وجود هذا المقتضى وعدم المانع، أي إشكال في أن يسمى الرجل ولده بعبد الرسول أي تلميذاً لرسول الله أو يسميه بعبد علي أو عبد الحسين ذلك الذي بثورته الخالدة علّم البشرية كيف تعيش بحرية وكرامة، وأنّ الحياة مع الظالمين برماً، وهيهات منّا الذلة، فهذا الأسم و(عبد الحسين) يذكّر الناس بثورة الإمام الحسين وبأهداف نهضته الكبرى والمقدسة، ويكون عبداً خالصاً يذكر مآثر وسيرة مولاه وسيده، فهل في مثل هذا المفهوم الرائع إشكال.

 

وثالثاً: ثم لماذا هذا التضليل والملابسات، وتحريف الكلم عن مواضعها جهلاً أو تعصباً أو حقداً أو حسداً، فإنّه من الواضح أنه لا يقصد من عبد الرسول أنه يعبد الرسول كما يعبد الله سبحانه، وإذا القول لرسول الله| الآن: (سيدي يا رسول الله) أو يطلق عليه (سيدنا الحبيب المصطفى) عند كل المسلمين على إختلاف مذاهبهم، فإنه عندما يطلق عليه| سيّدي، يعني أنا خادمه، فهل الخادم عندكم لابدّ أن يخدمه في حياته بتقديم الأكل والشرب وما شابه حتى تقول متعجباً: (هل يصح أن يكون معنى عبد الحسين (خادم الحسين) بعد إستشهاد الحسين رضوان الله عليه؟ وهل يعقل أنه يقدم له الطعام والشراب ويصب له ماء الوضوء في قبره!! حتى يصير خادماً له..؟! كلّا لا يعقل ذلك ولكن يعقل ومن الحق الحقيق أن يكون خادماً له في نشر أفكاره ومبادئه وثورته في العالم، في كل مصر وعصر، بأن يحيي ثورته بإقامة العزاء الحسيني والمآتم والشعائر الدينيّة، فهذا أيضاً من أجلى وأتمّ مصاديق الخدمة، فإنّ الخدمة لا تنحصر في تقديم الأكل والشرب، كما يشهد على ذلك العرف والوجدان وما ورد في اللغة والأدب والقرآن.

 

ورابعاً: في مدرسة أهل البيت وبتعليم منهم كما في زياراتهم كزيارة أمير المؤمنين علي نقول في إذن الدخول: ونخاطب أمير المؤمنين علي (عبدك وإبن عبدك وإبن أمتك جاءك زائراً) وهذا لا يعني أنه نعبد علي بن أبي طالب كما نعبد الله سبحانه، بل بالمعاني الأُخرى للفظ العبد كما ورد في اللغة وهذا واضح لا غبار عليه، فإنّه من أي شيعي زائر تسأل أنه عندما يخاطب أمير المؤمنين علي هل تعتقد بألوهيته وأنه تعبده كما تعبد الله؟ سيقول لك من دون تأمل: كلّا ثم ألف كلّا، فإن علي إبن أبي طالب قال: أنا عبد من عبيد محمّد، فنقصد من كوننا عبد  لأمير المؤمنين من هذا الباب أي باب العبيد لا من باب العباد ـ كما مرّت الإشارة إلى الفرق بينهما من مفردات القرآن الكريم للراغب الإصفهاني ـ نعم رسول الله إنّما نشهد له بالعبودية لله وأنه قبل الشهادة بالرسالة نشهد بالعبودية في قولنا (أشهد أن محمداً عبده ورسوله) فهو من باب العباد لا من باب العبيد، فلابّد من ملاحظة المعاني والمقصود أي واحد منها في إطلاق اللفظ المشترك بين معاني مقصودة، كلفظ (العين) فإنّه يطلق على سبعين معنى كالباصرة والجاسوسية والذهب والفضة والتابعة وغيرها، وإنّما يعرف المعنى المقصود من القرائن الحالية والمقامية واللفظيّة، فمن الواضح عندما يقال عبد الحسين ليس المقصود أنه يعبد الحسين وأنه من عباده كما يكون من عباد الله، بل من عبيده كالموالي العرفية الذين لهم عبيد يخدمونهم، ثم خدمتنا لأهل البيت بأتباعهم وإطاعتهم ونشر معارفهم وأخلاقهم وأهدافهم ورسالتهم بين الناس، وحينئذٍ ليس كل مسلم هو عبد من عبيد الإمام الحسين سواء سمّى نفسه بذلك أو لم يسّم، وأليس كل مسلم ومسلمة يفتخر أن يكون عبداً لرسول الله وللقرآن الكريم والعترة الطاهرة.

 

وخامساً: ورد عن أهل البيت: (نحن صنائع الله والخلق صنايعنا) وذكر علماء الحديث لهذا الخبر الشريف معان متعددة، ومنها: أنه نحن من تربية الله وصنيعته ومنّا تربية الخلق، فهم واسطة الفيض بين الأشرف والوضيع، بين رب الأرباب وبين الخلق والتراب ـ وهذا ثابت في محلّه بالأدلة العقلية، والنقليّة السمعية من الكتاب والأحاديث الشريفة ـ فالخلق آتى الرحمن عبداً خاضعاً متذللاً، كما يأتي إلى واسطة الفيض متذللاً، فيكون عبداً دون عبودية الله، وأنه من الطاعة التي هي في طول طاعة الله ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ فالعبد هو المطيع فيكون المطيع لله عبداً له، ثم في طول طاعة الله يكون مطيعاً لرسوله فيكون عبداً له، فإنه حينئذٍ يكون عبد الرسول هو عبد الله، ثم إطاعة أولي الأمر من إطاعة الرسول فمن كان مطيعاً لهم على الإطلاق ويختص ذلك بالأئمة المعصومين، إذ لو كان غير معصوم فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فلابّد أن يكون معصوماً حتى تتحقق الإطاعة المطلقة، ومن ثمَّ من كان مطيعاً لأولي الأمر مطلقاً كان مطيعاً لله ولرسوله، ومن كان عبداً لعلي وفاطمة والحسن والحسين ولأهل البيت كان عبداً لله ولرسوله، مع ملاحظة وحفظ معنى العبودية في الله والعبودية في الرسول فإن جمع العبد لله عباد وجمع العبد لرسول الله وأهل البيت عبيد، وكم فرق بين العبادتين كالفرق بين السماء والأرض، فإنّ عبادة العبيد وإطاعة مواليهم في الأرض، وعبادة الله وإطاعته في السّماء.

 

وبمثل هذه الأدلة القاطعة يفتي الفقهاء العظام بعدم الإشكال في تسمية الأولاد بعبد الرسول وعبد علي وعبد الحسين وعبد الزهراء وعبد المهدي وعبد القائم وغير ذلك، وأمّا المتحجر في أفکاره والمتقوقع في جمود ذهنه المعلق والمتخلف والهزيل: والذي لا يميز بين المعاني المشتركة في اللفظ الواحد، ويخلط الحابل بالنابل والغث بالسمين فإنه يتولّد عنده الشبهة، وتكون لمرض في قلبه وسلاحه الذي يدعو به شباب الشيعة إلى ما عنده، ويحسب أنه الحق، ولا يدري أنه الباطل ومن الجهل المرکب وتسویل وتزيين الشيطان الرجيم، ولكن مهما كانت غيوم الجهل السوداء فإنّ  شمس الحقيقة تشرق وتبرز وتزيل الغيوم السوداء، وهذا من سنة الله التي لن تجد لها تبديلاً ولا تحويلاً.

 

 

© Bilad-News Agency 2017