صحيفة "هآرتس": كارثة المروحيات أشد حادثة في تاريخ الجيش الاسرائيلي
عدد القراءات 1
صحيفة "هآرتس": كارثة المروحيات أشد حادثة في تاريخ الجيش الاسرائيلي
2017/2/4 10:30:22 PMالموجز/... سلّطت صحيفة "هآرتس" الضوء على حادثة تصادم المروحيتين الصهيونيتين اللتين كانتا في طريقهما الى جنوب لبنان، والتي تصادف ذكراها العشرين اليوم في الرابع من شهر شباط، واصفةً إياها بأشد حادثة عسكرية في تاريخ الجيش "الاسرائيلي"، توالت على إثرها ردود فعل متسلسلة قادت الى الانسحاب "الاسرائيلي" من جنوب لبنان عام 2000، وذلك بعد حدوثها بثلاث سنوات.
وأضافت الصحيفة "خلال عدة سنوات تحول رأي الأقلية الى رأي الغالبية، بتأثير كارثة المروحيتين، وحادثين قاسيين آخرين: عملية انصارية في أيلول 1997، ومقتل العميد ايرز غرشتاين، قائد وحدة الارتباط في لبنان، جراء انفجار تشريكة عبوات زرعها حزب الله بالقرب من حاصبيا في شباط 1999. في تلك السنة، أعلن ايهود باراك الذي كان ينافس بنيامين نتنياهو على رئاسة الحكومة، تأييده للانسحاب، وبفضل ذلك فاز في الانتخابات ونفذ وعده في أيار 2000".
بدوره، الكاتب الصحفي متاي فريدمان -الذي هاجر الى "اسرائيل" في سنوات التسعينيات، وتجنّد لوحدة "ضد الدروع" في لواء "ناحل" في لبنان خلال السنوات الفاصلة بين كارثة المروحيات والانسحاب- أصدر كتاب "الدبشة، موقع واحد في لبنان" يروي فيه حكاية أحد المواقع المتقدمة في المنطقة الأمنية، منذ منتصف سنوات التسعينيات وصاعداً، ويشير الى مقتل عشرة جنود من سلاح الهندسة في لواء "ناحل" على متن إحدى المروحيتين.
ويجيد كتاب "الدبشة" تحديد الفجوة بين رؤية الشرق الاوسط الجديد التي أطلقها شمعون بيرس على خلفية عملية "أوسلو"، وبين ما أسماه "القتال العنيف، وغير المجدي، الذي جرى في تلك السنوات في جنوب لبنان". ويلفت الكتاب الى "أن حرب لبنان في ذلك الوقت، كادت تغيب عن ذاكرة جمهور الإحتلال، رغم أنها خلفت بصمات عميقة على كل من شارك فيها، وفي الوقت نفسه، بلورت المفاهيم العسكرية لغالبية ضباط القيادة العامة الحالية، الذين خدموا في المنطقة الأمنية كقادة للكتائب والفرق العسكرية" وفق الكتاب.
وفي هذا الصدد، تكتب "هآرتس" "لقد أقيمت المنطقة الأمنية في عام 1985، كنتيجة متأخرة للحرب المضللة، حرب لبنان الاولى، التي ورط فيها ارييل شارون ومناحيم بيغن "اسرائيل" قبل ذلك بثلاث سنوات. الصراع ضد الفلسطينيين المسلحين، رجال منظمة التحرير الفلسطينية، سرعان ما استُبدل بحرب "عصابات" أدارتها منظمة أكثر مهارة، منظمة حزب الله. لقد كانت حرب استنزاف، افتقدت الى الحسم والانتصارات البطولية" حسب قول الصحيفة.
وتابعت الصحيفة "في حادث اصطدام المروحيتين في الجليل الاعلى، أثناء توجههما الى موقع "الدبشة" وقلعة الشقيف، فقد الجيش "الاسرائيلي" عدداً من الجنود يساوي خسائره البشرية طوال أربع سنوات من الحرب في المنطقة الأمنية. فريدمان يعمد الى تصوير الاجواء في تلك الفترة، من تظاهرات اربع امهات على مفترقات الطرق، وحتى الصور الجماعية التي كان يلتقطها الجنود قبل خروجهم لكمين. تلك الصور التي حرص فيها الجنود على ترك مسافة فاصلة بين رأس ورأس، من أجل تسهيل مهمة المصممين الذين سيقومون بتحديد وجوه القتلى في الصور التي ستنشر في الصحف في اليوم التالي" وفق سرد فريدمان .
ويعرض فريدمان كيف أن الحرب التي عايشها هو ورفاقه في جنوب لبنان، كانت في الواقع أول حرب في القرن الحادي والعشرين، ومقدمة للمعارك الواسعة التي خاضتها الجيوش الغربية في أفغانستان والعراق بعد 11 أيلول.
وأضافت "هآرتس" " لقد بقيت تداعيات حرب لبنان مسيطرة على الجيش والجمهور في "اسرائيل"، حتى في سنوات ما بعد الانسحاب. مفاجأة الحرب مع حزب الله في عام 2006، عرّت الجيش الذي ضبط غير مستعد، وتقوده قيادة سياسية غير مبلورة وتفتقد الى المسؤولية. لقد حدث ذلك لعدة أسباب: الردع المتبادل بين "اسرائيل" وحزب الله، المعرفة المتزايدة بالقدرة على الحاق الضرر بالعدو، وغياب المصلحة الواضحة في الصدام. وبشكل تدريجي انضمت، ايضا، معايير استراتيجية أخرى: ايران، راعية حزب الله، فضلت الحفاظ على قوة التنظيم كتهديد لإسرائيل في حال قررت مهاجمة منشآتها النووية، ومنذ عام 2012 وصاعدا، استثمر حزب الله، غالبية جهوده في الحرب من اجل الحفاظ على سلطة بشار الأسد في دمشق" حسب تعبير الصحيفة.
من جهته، معلّق صحيفة "هآرتس" للشؤون العربية سابقاً د. دانئيل سوبلمان، رأى في تحليل نشره في مقالة هذا الاسبوع في النشرة الاكاديمية "الامن الدولي" التي تصدر عن جامعة هارفارد وMIT "أن معادلة الردع التي تبلورت بين "إسرائيل" وحزب الله خلال العقد الاخير نجحت بإملاء الاستقرار النسبي، تماما حيث فشل التوازن قبل الحرب" حسب قوله.
وتابع سوبلمان "رغم التفوق العسكري "الاسرائيلي" الواضح، الا أن الردع أصبح متبادلا. هذا يحدث لأن الاطراف غيرت من توجهها، وفي حالة حزب الله، يبدو ان قادة التنظيم درسوا حتى العمق، كل الادبيات النظرية التي كتبت في هذا المجال وتصرفوا بما يتفق معها. حزب الله يعمل "حسب الكتاب" ويمكن تفسير كل ما فعله وقاله قادته خلال العقد المنصرم وفق مصطلحات نظرية الردع. الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله، تحدث عن ذلك بنفسه، بشكل مفصل، في عشرات الخطابات" على حد تعبير المتحدث.
وحسب سوبلمان، فإن "التفسير الاساسي لعقد من استقرار الردع هو ان كلا اللاعبين تعلما كيفية تبني استراتيجية ردع التزمت الشروط النظرية للنجاح التي حددتها الكتب المهنية. من المؤكد أن هناك تفسيرات كثيرة، لكن الطرفان يبذلان الجهود من أجل الامتناع عن حرب اخرى" وفق قوله.
وأضاف سوبلمان "إنّ الأمر المثير بشكل خاص في هذه القصة هو ليس بالذات مستودع الأسلحة المثير الذي يملكه حزب الله، وانما شكل تجنيد هذا المستودع على المستوى النفسي من أجل ردع اسرائيل وإفهامها مسبقاً ما هي الابعاد المتوقعة للحرب الشاملة".
وتطرق سوبلمان الى "الرد العلني الذي طوره حزب الله على نظرية الضاحية التي عرضها رئيس الأركان غادي ايزنكوت (حين كان قائدا للمنطقة الشمالية) في عام 2008"، قائلاً " أمام قدرات التدمير "الاسرائيلية"، التي تم التعبير عنها في قصف الضاحية الجنوبية خلال الحرب الاخيرة، عرض حزب الله قدراته على جباية الثمن من "اسرائيل"، على الجبهة الامامية والجبهة الداخلية. في الوقت الذي تكتفي فيه "اسرائيل" بالتهديد العام، بإعادة لبنان سنوات الى الوراء، يركز السيد نصرالله بشكل أكبر، الى حد التهديد بإصابة مواقع معينة. لقد استغل السيد نصرالله حتى قتال منظمته في سوريا، لإقناع "اسرائيل" بأن منظمته تراكم خلال تلك المعارك تجربة عسكرية هجومية" وفق المتحدث.
من وجهة نظر سوبلمان، فإن "جهود الرد لدى حزب الله مدروسة حتى السنتيمتر الأخير"، وهنا يستطرد قائلاً "انا لا أدعي أن هذا الردع سيصمد الى الابد. ولكن، من المحتمل في حال اندلاع مواجهة، ان ترتدع "اسرائيل"، في لحظة الحقيقة، عن تحويلها الى حرب شاملة. هذا يعني انه يمكن للردع أن يصد التدهور ويطرح سقفا لمستوى النيران والضربات المتبادلة".
ولفتت "هآرتس"" الى "أنّ ضابطاً رفيع في الاركان العامة، سُئل عن استنتاجات بحث سوبلمان، فأعرب عن تأييده المبدئي لنظرياته، قائلاً "إنّ حزب الله يفضل الامتناع عن الحرب ويتمسك بسياسة ادارة المخاطر. الخطر الأساسي المتبقي هو التدهور كنتيجة لسلسلة من الحسابات المضللة، حين يقرأ كل جانب العدو بشكل خاطئ" وفق زعمه.
وقد جرى عرض استطلاع للرأي خلال المؤتمر السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي الذي عقد الاسبوع الماضي في تل أبيب، وأفاد بأن 86% من الجمهور "الاسرائيلي" ادعى بأن جيش العدو سينجح بشكل جيد بمواجهة هجوم مزدوج من قبل حزب الله و"حماس". ..انتهى 2