احمد الحاج: ان يكون ماضيك “بطيخيا” ﻻيعني ان حاضرك “موزي او عنجاصي”
2017-02-07 00:00:00 - المصدر: راي اليوم
احمد الحاج
كثيرا ما اسمع من يوجه عبارات النقد والاحتقار ﻷناس كانوا فقراء ثم اغناهم الله من فضله فأصبحوا ذا شأن يشار اليهم بالبنان ، وﻻ ادري ايظن هؤلاء ان الفقر ﻻزمة ﻷناس من دون آخرين على وفق نظرية السادة والعبيد، او نظرية السوبرمان و الدماء الزرقاء والحمراء ، التي صاغها الفيلسوف الالماني ” فريدريك نيتشه ” والتي تبناها من بعده هتلر فخسر من جرائها بلاده وحزبه وعاش ذليلا خائفا يتربص في ملجأ تحت الارض مع عشيقته ، ايفا براون ، بمعية كلبهما الالزاسي حتى انتحارهما وحرق جثتيهما بأمر منه ، مع ان هتلر كان لقيطا واعلى رتبة حصل عليها قبل الفوهرر وهي كلمة المانية تعني القائد ، كانت رتبة عريف في الجيش ، ولعل الالتباس الحاصل هنا يكمن في حاف معفن اصبح زعيما وحرص كل الحرص على ان تحفو الامة بأسرها أسوة به ، وان تفقد ابناءها وآباءها وامهاتها كما فقدهما صغيرا ، بحروب عبثية يخترعها اختراعا للتخلص من خصومه من جهة ولتحقيق مبتغاه من جهة اخرى ثأرا وانتقاما لماضيه البائس مدفوعا بعقد نقص مركبة تركت آثرها في نفسيته وعقليته على سواء في جمهوريات ” الموز ” وهو مصطلح سياسي عادة مايطلق على دويلات هزيلة تحررت من الاستعمار شكليا اﻻ انها ظلت تابعة له سياسيا واقتصاديا وعسكريا واقعا ، جمهوريات تجتاحها الفوضى العارمة والعصابات المسلحة والفساد والرشى والتهريب ويتزعمها طغاة ، عتاة ، جبابرة من الطراز الاول .. وويذهلون عن حفاة حرصوا على حماية الامة ومستقبلها من الماضي التعيس الذي عاشوه صغارا او شبابا ..وشتان مابين حافيين ، اولهما متحمس يبني ويعمر .. وثانيها معقد يهدم ويدمر ، واذا كانت جمهوريات الموز قد غادرت استعمارها صوريا مع التبعية له حقيقة ، فأن ” جمهوريات العنجاص ” تغادره بأرادته هو لتستعيده وتستدعيه بين الحين والاخر مستعينة به لأنقاذها من الفوضى التي يخلفها طغاة يطفون على السطح بعيد كل عملية تحرير او استعمار كتحصيل حاصل فوق تلال من الجماجم يتخذونها سلما لهم للجلوس على عرش ” البطيخ ” .
واذكر بعوائل ثرية تحول احفادها بسبب ظروف شتى الى – مجادي – والعكس صحيح ، ودوام الحال من المحال والاغرب ان بعض المنتقدين لفقراء اغتنوا عاش هو أو احد ابويه او كليهما فضلا عن اجداده على الهامش ذات يوم وحسبه تقليب البومات الصور بالابيض والاسود على ان يرتدي القفازات قبلها خشية ان تتقافز عليه بقايا العث ليتأكد بنفسه من تغير الاحوال نحو الاسوأ او الافضل وليحرص على حمد الله في السراء والضراء ، ولن اتحدث هنا عن حفاة الدمار من تجار الحروب الذي تسلقوا اغصان الظروف المؤاتية وتقافزوا فوقها كالقرود وتمرغوا في اوحالها كالخنازير فالاسماء كثيرة وحاضرة في أذهان الجميع ممن يعير احدهما اﻻخر بنقيصة كانت فيه وما زالت في الحقبة الحالية والتي قبلها وقبلها وقبلها ، تماما كقول البغادة ” غراب يقول لغراب وجهك أسود ” اﻻ انني سأتناول فقراء وصلوا بعد طول مثابرة وبإرادة حديدية ﻻتلين الى الحكم لينقلوا بلادهم من الحضيض الى اعلى المراتب المتقدمة دوليا واقليميا وعلى الصعد كافة ولعل من اشهرهم ،مهاتير محمد ، رابع رئيس وزراء لماليزيا بين1981- 2003، و الذي بدأ حياته بائعا لفطائر الموز والوجبات الخفيفة لتوفير الدخل لأسرته الكبيرة والفقيرة ، فتمكن من بناء بلاده والنهوض بها حتى اصبح متوسط دخل الفرد الماليزي 8862 دولارا !!
خوسيه موخيكار ،رئيس الارغواي السابق بين 2010- 2015، الملقب بـ” افقر رئيس في العالم ” و الشهير بركوب سيارة فولكس فاغن قديمة – عكركة – وبالسكن في منزل بسيط مع زوجته عضو مجلس الشيوخ ، تبرع بـ 90% من راتبه الرئاسي للفقراء والجمعيات الخيرية !!
رئيس البرازيل لولا دا سيلفا الذي حكم البلاد بين 2003 – 2011 كان ماسحا للاحذية في طفولته ثم اجتهد فاصبح رئيسا وأنقذ الاقتصاد البرازيلي من الانهيار فاختارته مجلة التايم الأمريكية ” الشخصية الأكثر تأثيرا في العالم” .
الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بدأ حياته بائعا للبطيخ والسميط لتوفير تكاليف دراسته الابتدائية والإعدادية ومن ثم محترفا لكرة القدم بين عامي 1979- 1981مرتديا القميص رقم 5 لصالح نادي مصحلة اسطنبول للترام والانفاق والكهرباء وكان معروفا بضرباته القوية حتى لقب بيكنباور تركيا !!
– إبراهام لنكولن الرئيس 16 للولايات المتحدة ، محرر العبيد و رمز الديمقراطية الأمريكية كان يعيش وعائلته الكبيرة في كوخ خشبي صغير ، توماس إديسون صاحب الـ 1200 براءة اختراع ، فصل من المدرسة بسبب فقره الشديد!!
باراك اوباما “الرئيس الأميركي رقم 44 الذي بدأ حياته بائعا للايس كريم في “هاواي ليتمكن من دفع مصاريف الجامعة ، ساركوزي رئيس فرنسا بين 2007 – 2012، كان يبيع المثلجات ويوزع الورود لدفع مصاريف دراسته للقانون، والامثلة كثيرة جدا ﻻيتسع المقام لذكرها .
واكرر ما بدأته ، على الناس ان تفك الارتباط وتوضح اللبس وتصحح المفاهيم بين حافيين ،ساقتهما الاقدار ليكون لهما شأن ويتولى كل منهما مسؤولية البلاد والعباد ،فليس كل حاف في طفولته ، منتقم من محيطه ومدمر لشعبه وسارق لخيراته متى ما واتته الظروف ليكون سيدا عليهم ، وﻻ كل من عاش فقيرا معدما عليه ان يبقى كذلك وعلى الجميع ان يتعظ بغيره ﻻ بنفسه فمن عاش ماضيه ” بطيخيا ” ﻻيشترط بأن يعيش حاضره ” عنجاصيا أوموزيا ” وكفى بالفلفل داره والكرفس والمعدنوس المستورد في ارض السواد .. واعظا . اودعناكم اغاتي