لكل رئيس أميركي حربه
دونالد ترامب يعدّ العدّة لحربه الأولى ضدّ إيران، فهل ستمنعها روسيا؟
دونالد ترامب يعدّ العدّة لحربه الأولى ضدّ إيران، فهل ستمنعها روسيا؟
لم تمضِ سوى عشرة أيام على رئاسة دونالد ترامب حتى بدأت تفوح رائحة الحرب. الإدارة الأميركية بدأت هجومها السياسي الشرس على إيران حتى من دون انتظار جهوزية الخطة الجديدة لمكافحة الإرهاب التي ينتظر أن تكتمل نهاية شهر شباط / فبراير الجاري.مستشار الأمن القومي في الإدارة الجديدة مايكل فلين أصدر في 2 شباط/ فبراير "تحذيراً رسمياً" إلى إيران. فلين يتهم طهران بإعداد الهجوم الذي شنه "الثوار الحوثيون" على السفينة الحربية السعودية واختبار صواريخ باليستية متوسطة المدى (روسيا ترى أنها لا تتعارض مع التزامات إيران الدولية) وانتهاج "سلوك مزعزع للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
فلين نقل عن رئيسيه حرفياً: "ترامب يدين تصرفات إيران التي تقوض الأمن والاستقرار والازدهار في منطقة الشرق الأوسط وخارجها وتشكل خطراً على حياة المواطنين الأمريكيين". في اليوم التالي وعبر قناة "فوكس نيوز" علّق على كلام فلين نائب مستشار ترامب لشؤون الأمن القومي، سيباستيان غوركا قائلاً إنها "رسالة قاتلة وواضحة للخصوم والأعداء (في إشارة إلى إيران)... فهي (إيران) دولة راعية للإرهاب الذي يزعزع الاستقرار في المنطقة بأسرها". اللافت أنّ "فوكس نيوز" استخدمت على شاشتها عنوان "العدوان الإيراني" لدى تناولها حديث فلين وغوركا، أي تماما كما فعلت إبان إعداد الرأي العام الأميركي للحرب على العراق في الفترة بين عامي 2002 و 2003 وفي اليوم نفسه، أوعز الرئيس ترامب بتوسيع قائمة العقوبات ضد إيران لتشمل 13 شخصاً و 12 شركة. ومن ثم جاء تصريح وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الذي أعلن من طوكيو في 4 شباط/ فبراير أنّ "إيران هي أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم". وعلى ما يبدو فإن وزير الحرب الأميركي ناقش مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بكل من الصين وكوريا الشمالية، ناقش خفض مشتريات اليابان من النفط الإيراني التي ازدادت بعد مرور سنة على رفع العقوبات بنسبة 61% بالمئة.
يذكر أن ماتيس ادعى في وقت سابق أن "داعش هو مجرد ذريعة تستخدمها إيران للخداع والمراوغة". في غضون ذلك كانت تجري في مياه الخليج تدريبات "ذي ترايدنت" المشتركة بمشاركة كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا وفرنسا. أما أسطورة المناورات فهي المواجهة مع إيران. وبالتزامن مع هذه المناورات أعلن دونالد ترامب أنه يعتبر إيران "الدولة الإرهابية رقم واحد". ووفقا للرئيس الأميركي فإنّ إيران "لا تحترم بلدنا، وترسل المال والسلاح إلى كل مكان". وأضاف أن إيران "تقوم بتتبع طائراتنا وتحيط سفننا بقوارب صغيرة". نعم، القوارب الصغيرة التي تحيط في مياه الخليج بالطرادات الثقيلة والمدمرات وحاملات الطائرات على مسافة آلاف الأميال البحرية عن الشواطئ الأميركية، إضافة إلى عدم احترام الولايات المتحدة، يمكن أن تصبح ذريعة لإشعال فتيل الحرب.
ما هو هدف ترامب وصقوره من وراء الحملة على إيران؟
إيران تبقى الدولة الوحيدة التي لا تزال تنتهج سياسة مبدئية مستقلة عن واشنطن في الشرق الأوسط منذ ما يقرب الأربعين عاماً، ولا يمكن إخضاعها للإرادة الأميركية. كذلك فإن إيران هي أحد آخر المصدّرين الرئيسيين للمواد الخام كالنفط والغاز من الشرق الأوسط الذين لم يتم احتواؤهم والسيطرةُ على مقدراتهم. وإذا أخذنا بالاعتبار أنّ دفة الدبلوماسية الأميركية ستدار من قبل رئيس واحدة من أكبر شركات النفط في العالم (ريكس تيليرسون) فإن كل شيء سيكون في مكانه، إذ لا يوجد رجل نفط سابق. في موازاة ذلك، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن البيت الأبيض يبحث عن وسيلة لإفساد العلاقات بين روسيا وإيران. واستناداً إلى مصدر رفيع في البيت الأبيض تورد الصحيفة قوله "إذا كانت هناك إمكانية لدق إسفين بين روسيا وإيران، فإننا على استعداد للنظر في هذا الخيار". وتكتب الصحيفة أن ترامب يرى أن تحسين العلاقة مع بوتين يمر عبر إحداث فجوة في التحالف العسكري والدبلوماسي بين روسيا وإيران. في الأشهر الأخيرة، تفاءل كثيرون في روسيا وشرعوا في وضع خطط مشتركة مع ترامب لمكافحة الإرهاب، خطط لم تنجح مع سلفه أوباما. لكن الخطة التي يريدها ترامب تفترض استعداد روسيا لتسليم إيران. الكرملين استبق أي عروض رسمية وصفقات مع الإدارة الأميركية الجديدة. السكرتير الصحافي للرئيس الروسي ديمتري بيسكوف قال بوضوح إن مواقفَ روسيا والولايات المتحدة وروسيا حول "عدد من قضايا" السياسة الدولية والإقليمية تختلف بشكل جذري. بيسكوف أكّد أيضاً أن روسيا و إيران تربطهما "علاقات شراكة طيبة" وأن البلدين يعتزان بالعلاقات التجارية والاقتصادية بينهما ويأملان في تعزيزها. المعروف عن ترامب أنّه لا يتقبل كلمة "لا"، لكنه سيضطر للاعتياد على سماعها كثيراً من موسكو. دولة واحدة في العالم فقط يمكن أن تمنع حرب ترامب ضد إيران..إنها روسيا. ولعلّ الكل يتذكرون كيف أوقفت روسيا في أيلول/ سبتمبر عام 2013 الهجوم الأميركي على سوريا. هذه المرة المهمة ستكون أكثر تعقيداً بسبب الغريزة العدوانية للإدارة الجديدة.
رد فعل ترامب على دعم موسكو لطهران سيكشف بسرعة ما كان يقصده بخصوص "تحسين العلاقات مع روسيا".
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً