اخبار العراق الان

رؤية في سبل الإصلاح الحقيقي والشامل 4/4

رؤية في سبل الإصلاح الحقيقي والشامل 4/4
رؤية في سبل الإصلاح الحقيقي والشامل 4/4

2017-02-13 00:00:00 - المصدر: سومر نيوز


13 فبرايـر.2017 - 13:10 | عدد القراءات: 16   

رؤية في سبل الإصلاح الحقيقي والشامل 4/4

ضياء الشكرجي

بعدما طرحنا في الحلقة الأولى دوافع وأهداف التغيير والإصلاح، وعددنا في الحلقة الثانية ما يجب إصلاحه في سبع عشرة نقطة تمثل تطلعاتنا المستقبلية، ثم عددنا في الحلقة الثالثة الإجراءات الممكنة حاليا، أو الممكن النضال من أجلها في ست نقاط، نتناول في الحلقة الأخيرة هذه مجموعة خطوات، يمكن العمل على اتخاذها، فيما يمكن أن يخدم مشروع التغيير أو الإصلاح:

1.            إدامة الحراك الشعبي، وتطويره، وتنظيمه، وتوسيعه، وتحديد أهدافه المركزية بكل وضوح، ووحدة تبنٍّ قدر الإمكان للشعارات والأهداف، مع مواصلة التأكيد على سلميته وديمقراطيته ومدنيته وحضاريته.

2.            ممارسة الضغط باتجاه إصلاح القضاء، بسبب إن العديد من خطوات الإصلاح، مما أشارت إليه هذه الورقة وغيره، يتوقف على وجود قضاء نزيه وكفوء وعادل ومحايد ومستقل وشجاع ومحمي. ولذا لا بد أن تكون المطالبة بإصلاح القضاء أحد أهم شعارات الحراك الشعبي المركزية، وتكرار ومواصلة طرح هذا المطلب، والإصرار عليه، حتى تحقيقه أو تحقيق أقصى الممكن منه.

3.            دراسة أهمية طرح مفهوم العلمانية، وشعار الدولة العلمانية والتيار العلماني، والدفاع عن هذا الشعار ضد التشويهات والشبهات التي تثيرها قوى الإسلام السياسي، بل إن أمكن محاولة إقناع قيادات الحراك الشعبي المدني، أو أبرزها وأكثرها تأثيرها، بتبني شعار الدولة العلمانية، إلا إذا ارتئي مواصلة استخدام مصطلح الدولة المدنية، والذي يبقى غير واضح، عندها يجب أن نضع تعريفا واضحا جامعا مانعا للدولة المدنية التي نريدها، مما يجعلها مرادفة تماما للدولة العلمانية الديمقراطية، باستثناء اختلاف المصطلح، مع تطابق المضمون، لكني شخصيا أصر على وجوب طرح هويتنا العلمانية.

4.            مطالبة المحكمة الاتحادية بإعادة النظر في تفسير المادة (76) – أولا من الدستور «الكتلة النيابية الأكثر عددا»، حيث جاء: «يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية». طبعا هذا لا يمكن القيام به إلا بعد إصلاح السلطة القضائية، وتشكيل محكمة اتحادية من قضاة مستقلين ونزيهين ومتحلين بالشجاعة وغير خاضعين لتأثيرات وضغوطات القوى السياسية المتنفذة، وبعد استشارة القانونيين لمعرفة مدى فرص نجاح الحملة، لأهمية ذلك، حيث سيحول دون التفاف الأحزاب الطائفية على الانتخابات والناخبين، لإعادة تشكيل كتلة برلمانية طائفية، مثال ما حصل بعد انتخابات 2014 بتشكيل «التحالف الوطني (الشيعي)» و«اتحاد القوى العراقية (السني)»، بل وهذا يشمل التحالف المابعدانتخابي القائم على أساس قومي كـ«التحالف الكردستاني (الكردي)»، كخطوة نحو إنهاء التخندقات الطائفية والعرقية، المناقضة لمبدأ المواطنة.

5.            وضع دراسات على أسس علمية تخصصية، عما يجب إصلاحه على جميع الأصعدة؛ الصعيد الاقتصادي، وصعيد التربية، وصعيد التعليم العالي، وصعيد الفكر والثقافة والفن، والصعيد الاجتماعي، وصعيد البيئة، وخطط مكافحة الفساد، وخطط توفير الخدمات، وخطط تحديث أجهزة الدولة.

6.            وضع حزمة من مشاريع قوانين أو مشاريع تعديل لقوانين قائمة، يضعها متخصصون، والتركيز بالذات على تلك القوانين الضرورية لعملية الإصلاح (قانون الانتخابات، قانون الهيئة المستقلة العليا للانتخابات، قانون الهيئة المستقلة العليا للنزاهة، قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية، قانون حرية التعبير والتظاهر والتجمع والاعتصام، قانون الأحوال المدنية)؛ كل هذا سعيا لأن يكون هناك قانون أحزاب عادل، وقانون انتخابات منصِف، يمنع تحكم رئيس القائمة بتوزيع المقاعد؛ ذلك بصياغة مسودات قوانين وطرحها على الجماهير والإعلام لغرض إشباعها نقاشاً وتطويراً قبل عرضها على الجماهير، كأن يجري تقديمها في حفل داخل ساحة التحرير إلى الحكومة باسم الحركة الاحتجاجية، ثم مزاولة الضغط على الحكومة لغرض تقديمها إلى البرلمان، ثم الضغط بالوسائل المتاحة على البرلمان لغرض إقرارها.

7.            إقامة ندوات فكرية داخل ساحات التحرير تعرف بالقوانين وأهميتها، وكذلك التعريف بمشاكل حكومة التكنوقراط وأهمية حكومة الكفاءات، وكذلك المقصود بالدولة المدنية، وتضمينها مفاهيم الدولة العلمانية.

8.            دراسة إمكانية التنسيق مع بعض النواب من جبهة الإصلاح البرلمانية، مع حسن اختيار من يمكن أن يكون التنسيق معه منهم ما يخدم عملية الإصلاح فعلا، إذا اختبرنا صدقه وجديته وشجاعته وتخليه حقيقة وليس بالشعار عن الولاء أو النفس الطائفي، وذلك باستثناء من عرف عنهم ارتباطهم بالأحزاب الطائفية، من كلا الطائفتين، وأحزاب الإسلام السياسي، والأحزاب المتهمة بالفساد المالي أو العنف أو التواطؤ مع الإرهاب، أو ما زال غير متخلص من الخضوع لمتطلبات وطبيعة الصراعات، أو التأثر بأجواء تلك الصراعات، سواء الشيعية السنية، أو الشيعية الشيعية، أو السنية السنية، أو العربية الكردية، أو الكردية الكردية، أو غيرها، أو من يكون ما زال خاضعا لتأثيرات بعض القيادات التي تتحمل مسؤولية الوضع الراهن الكارثي على جميع الأصعدة.

9.            بالرغم من تظافر المؤشرات على اليأس من إصلاحات رئيس الوزراء، إما لعجزه أو عدم جديته، وعلى فرض عودته إلى حزم الإصلاح التي وعد بها في صيف 2015، ومنها مثلا تشكيل حكومة تكنوقراط من المستقلين، يجب تحديد موقفنا ومطالبنا، باتجاه الإصلاح الحقيقي والشامل، وألّا نقبل بأي حال بخطوات الإصلاح الشكلي والترقيعي والمتلكئ فوق كل ذلك، كما لا يجوز الاستغراق بالمعارضة من أجل المعارضة، بل ممارسة المعارضة الموضوعية والبناءة، بحيث لا نكابر في تأييدنا ودعمنا لخطوات تقوم بها أي من السلطات الثلاث، التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، بما يصب بالنتيجة في خدمة مشروع الإصلاح الشامل والحقيقي، مع عدم الاكتفاء بأسداس وأخماس وأرباع وأثلاث، بل حتى بأنصاف الحلول. وهنا علينا القيام بدراسة متجردة لفرص الإصلاح والتغيير، عبر حزم الإصلاح لرئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، وطرحه لما سمي بحكومة التكنوقراط، ودراسة ما إذا كان الوزير التكنوقراط لوحده يستطيع أن يغير مسار هذا الفساد القائم، وهو يستلم وزارة تفشى الفساد في كل شرايينها، وتكرس فيها بناء مؤسساتها على أساس الولاء الحزبي والانتماء الطائفي أو القومي، بحسب انتماءات الوزراء السابقين، وما يتوجب على التكنوقراط عمله بغية سحب النظام إلى بر الأمان، وإنهاء كل الأخطاء والسلبيات والكوارث التي حلت بالعراق، عبر التأسيس الخاطئ والسيئ للعملية السياسية، واختبار مدى إمكان تحرر العبادي من انتمائه الحزبي، كونه قياديا في حزب إسلامي وشيعي، هو، أي هذا الحزب، هو أحد المؤسسين الأساسيين لدولة الطوائف والأعراق والمحاصصات والفساد، وما زال على رأسه أحد أهم رموز الواقع السيئ، بالرغم من وجود مؤشرات بل معلومات عن صراع شديد، قد يصل إلى درجة العداء بين القطبين داخل الحزب. هذا من غير أن نقطع في عدم وجود أي احتمال أو فرصة لجدية العبادي في الإصلاح، ولكن إذا رأينا ذلك منه، فلا بد من جهة من أن نواصل الضغط وربما التواصل وتصعيد المطالب الإصلاحية، حتى الوصول إلى التغيير الجذري الشامل، ومن جهة أخرى عدم المكابرة والتردد في دعمه، إذا افترضنا اننا لمسنا منه بشكل واضح الصدق والجدية والإرادة في الإصلاح الحقيقي والشامل.

10.          دراسة مدى إمكان التعويل على التنسيق مع التيار الصدري، كما يدعو بعض قادة الحراك الشعبي للتيار المدني إليه، ذلك بالاستماع إلى مبررات دعاة التنسيق مع التيار، وإلى من له تحفظ على مثل هذا التنسيق منا، وانا من المتحفظين، بسبب إسلامية وشيعية التيار، وبسبب خضوعه إلى قرارات وقناعات وأمزجة شخص واحد، هو زعيم التيار، رغم تلمس تحولات تبدو حقيقية ومهمة عنده، ودراسة كيفية تلافي ما يترتب من ضرر على التيار المدني (العلماني) جراء التنسيق مع التيار الصدري، ووجوب تميّز التيار المدني بقرارته وشعاراته وحفاظه على استقلاليته وعلمانيته، مع الوضع في حساباتنا إن التيار الصدري، مهما تغير، واقترب من التيار المدني، وابتعد عن الطائفية، فهو تيار إسلامي وشيعي، وإن تغيراته، حتى لو كانت صادقة وإيجابية، فهي خاضعة لقرارات واجتهادات شخص واحد، وليست قائمة على منهجية واضحة ورؤية وطنية ثابتة، وغير مضمونة المستقبل، علاوة على مسؤوليته عن ممارساته، لاسيما في سنوات العنف الطائفي، وهنا لا بد من التمييز بين احتمال القبول بالتنسيق الميداني الجماهيري، الذي يجب أن يكون بضوابط وشروط، أهمها بقاء التيار المدني والعلماني، متميزا بشعاراته وأهدافه وخطابه وأساليبه السلمية والديمقراطية وقراراته، هذا من جهة، ومن جهة أخرى دعوات تشكيل التحالف المدني الصدري، التي لا بد أن نسجل عليها تحفظنا الشديد، ونذكر بمخاطرها.

11.          في حال استطعنا أن نفعّل ونوسّع الحراك الشعبي، يجب الانتباه إلى حسن اختيار توقيت التصعيد، ووضع الحرب ضد الإرهاب ضمن حساباتنا، بحيث نتجنب إحداث فراغ سياسي قبل الانتهاء من تحرير المناطق المتبقية من احتلال تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، وكذلك وجوب تجنب إعطاء انطباع عن أننا نريد الإصلاح أو التغيير، حتى لو على حساب حرب العراق ضد الإرهاب، التي لا بد أن تكون لها الأولوية في هذه المرحلة، ولكن دون جعل الحرب مبررا للتخلي عن مشروع الإصلاح والتغيير، بحيث يجب الإصرار على مواصلة الإصلاح جنبا إلى جنب الحرب ضد الإرهاب، طالما لم يكن هناك تقاطع بينهما.

12.          دعم الأوساط والقوى السياسية الديمقراطية، القائمة على أساس المواطنة، والعابرة للطوائف والأعراق، والرافضة لتسييس الدين، ونخص هنا بالذكر التيار الديمقراطي والأحزاب الديمقراطية العلمانية، اليسارية والليبرالية والوسطية، والدعوة إلى تأكيد التنسيق والتعاون بين هذه القوى، كما ندعوها لدراسة نتائج المبادرة ونتائج ورشة هامبورغ هذه، والورش الأخرى، لاسيما في بغداد، ثم ما سيتمخض عنه المؤتمر المزمع عقده في بغداد، والذي كما يبدو لن يعقد. كما نرى إن من لوازم تقوية تأهيل الوسط الديمقراطي العلماني، وفي مقدمته التيار الديمقراطي، والأحزاب الرئيسة المنضوية فيه، أن نمارس النصح والحوار مع هذه الأحزاب لإجراء إصلاحات حقيقية في داخلها هي، كون فاقد الشيء لا يعطيه، ومنها ضرورة التجديد، بل وربما التغيير، بالنسبة للأحزاب العريقة، وممارسة التداول لمواقع القيادة الحزبية، بالنسبة لكل هذه الأحزاب، قديمها وجديدها، كي تبتعد عن الازدواجية أو شبهة الازدواجية، بين الشعارات والمبادئ من جهة، والممارسة من جهة أخرى، مما سيكسبها قبولا أكبر، وشعبية أوسع، مما لو بقيت على ما هي عليه.

وأخيرا لا بد من أن نعي خطورة إسقاط أي نظام سياسي، وإحداث فراغ سياسي، دون ضمان وجود البديل، وذلك بتوفر الشرطين الأساسيين، ألا هما وجود القوى السياسية العلمانية الديمقراطية، سواء تلك التي تمثل اليسار الديمقراطي المؤمن بالحريات الليبرالية، أو الاتجاه الليبرالي المؤمن بالعدالة الاجتماعية، أو الاتجاه الوطني الوسطي المعتمد لمبدأ المواطنة، هذا من جهة، ومن جهة ضمان وجود وعي جماهيري ديمقراطي، وحاضنة شعبية مؤيدة وداعمة للقوى السياسية الديمقراطية البديلة، دون أن يعني ذلك التوقف عن النضال من أجل تحقيق أقصى الممكن من أهدافنا، حتى توفر هاذين الشرطين بمستوييهما الضامنين، بل يجب مواصة بذل أقصى الممكن من آليات وسبل نضالنا، لتحقيق أقصى الممكن من أهدافنا.

هذه تصورات فيما يتعلق بالورقة الثالثة لورشة المبادرة المنعقدة في هامبورغ في الرابع والعشرين من أيلول 2016، والتي روجعت واستكملت في ضوء الورقتين الأولى والثانية، كما روجعت واستكملت في ضوء مناقشات جلسات الورشة، وجرى صياغتها النهائية ن قبلي، بما يتوافق مع رؤيتي الشخصية، بعدما أصبحت في حل من التزامات المبادرة التي توقفت وربما ماتت، إلا إذا جرى إحياءها من جديد، لكن بكل تأكيد مع استفادتي من بعض مقترحات عدد من الزملاء مرّ ذكرهم في الحلقة الأولى.