اخبار العراق الان

إشارات الجسد الخفية التي يمكنها تغيير سلوكك

إشارات الجسد الخفية التي يمكنها تغيير سلوكك
إشارات الجسد الخفية التي يمكنها تغيير سلوكك

2017-02-16 00:00:00 - المصدر: وكالة SNG الاخبارية


تبشر التطبيقات المبنية على تقنية الارتجاع البيولوجي “بيوفيدباك” بالمساعدة على خفض التوتر عن طريق رصد ما يدور داخل أجسادنا، فكيف تعمل هذه التطبيقات؟

“أغلق عينيك برفق واستمع إلى ما يتناهى إلى أذنيك من محيطك حاليا. وبينما تركز وعيك على أجزاء مختلفة من جسدك، سيصبح المجال الصوتي، كما هو الحال مع عقلك، هادئاً. إذا بدأت بجعل عقلك يهيم تائهاً ويتخبط، سيصبح المجال الصوتي أعلى وأكثر إزعاجاً. وإذا حدث ذلك، لا تقلق، قم ببساطة بتركيز انتباهك مرة أخرى على الوعي بجسدك. خذ نفساً بطيئاً مرة أو اثنتين”.

هذا هو النص الموجود في تمرين للاسترخاء في تطبيق يسمى “كلاريتي” من تصميم شركة “غالفانيتش”، التي أنتجت جهاز (ذا بيب)، وهو جهاز صغير أمسكه الآن بيدي لعمل تيار كهربائي صغير عبر الجلد، بمعدل ثماني موجات في الثانية الواحدة، بينما يوجهني صوت القاريء بالجهاز لأسترخي وسط أصوات هطول المطر.

يرصد الجهاز مستويات التوتر باستخدام أداء وحركة الجلد لقياس إستثارة الجهاز العصبي اللاإرادي، والذي يتحكم في دقات القلب والتنفس وغيرها من وظائف الجسد. ويهدف جهاز “ذا بيب” إلى تعليم الناس كيف يتحكمون في مستويات التوتر لديهم عن طريق رصد الحركات الخفية التي تصدر عن أجسادهم والتي لا يلاحظونها من دون ذلك. ويمارس المرء ألعاباً على تطبيق آخر مرتبط بالجهاز يهدف إلى تغيير هذه الإشارات وخفض مستوى التوتر لدى الشخص.

هذا مثال لأجهزة الارتجاع البيولوجي “بيوفيدباك”. وبينما يقيس “ذا بيب” أداء الجلد، هناك طرق أخرى في نفس المجال ترصد أشياء من قبيل أنشطة الموجات الدماغية، والتوتر العضلي، أو ما يقوم به القلب. ويبشر تطبيق “نظام تغيير التوازن الداخلي”، على سبيل المثال، بتحسين حياة الإنسان وخفض التوتر من خلال إعطاء صورة أوضح عن مستوى ضربات القلب خلال اليوم.

إذن، ما هو العلم الكامن وراء أجهزة “بيوفيدباك”، وهل يعتبر طريقة ناجعة؟“في أجهزة بيوفيدباك، يطلب من الأفراد التحكم في الاستجابات النفسية التي لا يكون الإنسان في العادة على وعي بها”، حسب أدريان ميويل الباحث في جامعة زالتسبورغ، الذي يضيف: “على سبيل المثال، ربما يطلب من الأفراد خفض ضغط الدم لديهم، ويمكنهم مشاهدة مستوى ضغط الدم على الشاشة، ويتم ذلك عن طريق التنفس ببطء أو اتباع طرق أخرى للاسترخاء”.

ويشير ميويل إلى أن ردود أفعال الأطفال واستجاباتهم النفسية غالبا ما تظهر على شكل وجه ضاحك أو الفوز بنقاط عندما ينجحون في ضبط حالتهم النفسية. ويقول: “رد الفعل على التحكم الناجح في الاستجابة النفسية يصبح أكثر إيجابية، وهو ما يعزز بدوره الطريقة التي يستخدمها الأطفال في التحكم بهذه الاستجابة النفسية”.

ويعمل جهاز “ذا بيب” ضمن هذه الرؤية، إذ عمد إلى تحويل تدريب “بيوفيدباك” إلى سلسلة من الألعاب، ففي تطبيق “كلاريتي”، الذي ذكرناه في بداية هذا المقال، تستمع المستخدمة إلى صوت طبيعي يتمثل في هطول المطر في الغابة. وبينما تسترخي كما يستدل على ذلك من المجس اليدوي، تصبح أصوات الطبيعة أكثر هدوءاً في نفس الوقت. وفي نهاية الأمر، يقدم للمستخدم كشفاً بالأهداف التي حققها والتي تعكس مدى نجاحه في عملية الاسترخاء.

أكثر الألعاب التي تشبه “ذا بيب” هي “ريلاكس آند ريس”، والمصممة لتدريب اللاعبين على البقاء هادئين في أوضاع تسبب التوتر، وهي عبارة عن سباق يظهر تنيناً يحلق بشكل أسرع عندما يسترخى المستخدم ويبطأ إذا ارتفع مستوى التوتر عند المستخدم. ويسهل حساب النتيجة حيث أنها تتمثل في الوقت الذي يستغرقه التنين في إنهاء السباق.

وجدت اللعبة صعبة في البداية، حيث أن توقع السباق بصورة فورية جعلني أكثر توتراً، لكني تمكنت باستخدام وسائل مثل عد المرات التي آخذ فيها نفسا عميقا من أن أجعل التنين يطير بشكل أسرع وحصلت على جائزة الانتهاء في وقت أسرع. حتى خلال أسبوع حافل بالمشاغل، وجدت لدي دافعاً كافياً لكي أمارس اللعبة عدة مرات.

تقوم النظرية هنا على أن الجوائز التي تحصل عليها في اللعبة تعزز إيجابياً الوسائل التي تستخدمها للتخلص من التوتر.

وبينما أستخدم “بيوفيدباك” على أمل أن أتعلم كيف أسترخي عندما أمر بظروف تبعث على التوتر في حياتي اليومية، أثبت “بيوفيدباك” أيضاً فعاليته في عدة مجالات أخرى.

قبل الفوز بكأس العالم عام 2006، تدرب أفراد المنتخب الإيطالي لكرة القدم على وسائل “بيوفيدباك” باستخدام ما يطلق عليه اسم “غرفة العقل” حيث طلب منهم التحكم في تنفسهم وتوترهم العضلي، وغير ذلك. وأضيفت التقنية أيضاً إلى أنظمة التدريب الخاصة برياضيي الألعاب الأولمبية مثل الفريق الكندي للتزلج للمسافات القصيرة.

وتقول كريستين مورافيتش، وهي باحثة في كليفلاند كلينيك: “التدريب باستخدام تقنيات بيوفيدباك قبل المباريات المهمة (وهو ما يتم عادة على يد أخصائي نفسي) يساعد الرياضيين على أن يكون أداء أجسادهم في وضع مثالي. هناك علاقة بين الإستثارة والأداء. أنت تريد أن تصل بجسدك إلى مستوى يكون فيه ضغط الدم وضربات القلب والتوتر العضلي متناسقاً تماماً، فإذا كان القلب يدق بسرعة زائدة أو إذا كنت تتنفس بسرعة كبيرة فلن يكون أداؤك مثالياً. ويستخدم بيوفيدباك لإيصال الشخص إلى الوضع المثالي”.

وقد ركز بحث مورافيتش على مدى فعالية التدريب على تقنية “بيوفيدباك” في تحسين الحالات الطبية، إذ يرى البحث أن هذا التدريب ربما يخفف من الأعراض المصاحبة لحالات مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، والصداع المزمن والنصفي، والسكتة القلبية.

وتقول مورافيتش: “في كثير من الحالات يستخدم التدريب لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من أمراض مستعصية على الشعور بالتحسن، فعلى سبيل المثال، اختبرنا تدريب بيوفيدباك على مرضى الرئتين الذين شعروا بتحسن بعدما كانوا يعانون من التوتر الشديد”.

ونظرا لأن العديد من الأمراض تنطوي على نفس الاستجابة النشطة من الجهاز العصبي الذي يتم تفعيله بالتوتر، فإن تهدئة الجهاز العصبي يساعد عملياً على التخفيف من أعراض أمراض معينة.

وتقول مورافيتش: “أمراض القلب مثال حي على ذلك، فنفس الجزء من النظام العصبي الذي يتم تفعيله عندما نشعر بالتوتر، يتم تفعيله أيضاً عندما يصاب الشخص بمرض القلب. لذا إذا تمكنت من تدريب جسمك للعودة إلى الوضع العادي لهذا الجهاز بدون تفعيل فمن شأن ذلك أن يساعد على التخفيف من المرض”.

وقد درس البحث الذي أجراه ميويل تقنية “بيوفيدباك” كوسيلة للتحكم في مستوى تقلب ضربات القلب وتأثيرها على الشهية الشديدة للطعام. ويزيد مستوى تقلب ضربات القلب عندما يسترخي الشخص ويتنفس بطريقة أكثر بطأً. وبمساعدة شريط لتنظيم السرعة، درب ميويل المشاركين على إبطاء تنفسهم إلى ست مرات في الدقيقة.

ويقول: “بعد عدة أسابيع من التدريب، سجل المشاركون انخفاضاً في تكرار الشعور بالشهية للطعام”. وعلى الرغم من أن الآليات الأساسية لهذه الأثار غير معروفة كما يقول، فربما تكون بسبب العصب المبهم الذي يؤثر على تفعيل مناطق الدماغ المسؤولة عن ضبط الشهية للطعام.

وهكذا، فكر للحظة فيما يقوم به جسمك الآن وضربات قلبك وسرعة تنفسك، لأن المعرفة الأفضل بهذه الأمور من خلال التكنولوجيا يمكن أن تغير سلوكك ورفاهيتك، وربما أكثر من ذلك.