كتاب ياباني ينفي مجزرة نانجين يكشف ميولا لاعادة النظر في التاريخ
طوكيو (أ ف ب) - اثارت شبكة فنادق شهيرة في اليابان غضب مستخدمي الانترنت والحكومة الصينية بوضعها كتابا في غرف فنادقها ينفي ارتكاب الجيش الياباني مجزرة في الصين العام 1937.
وينص الكتاب الذي وضعه رئيس مجلس ادارة مجموعة الفنادق توشيو موتويا باسم مستعار على انه "من الواضح ان مجزرة نانجين فبركتها الصين ولم تحدث في الواقع".
وبين الحجج التي يوردها عدم وجود وثائق رسمية تؤكد حدوث هذه المجازر.
ورفض موتويا مؤلف الكتاب، سحبه من التداول رغم غضب الصين ودعوتها الى المقاطعة. كما انه ينفي ايضا وجود "نساء المتعة"، غالبيتهن من الكوريات، خلال الهيمنة الاستعمارية اليابانية (1910-1945).
لكن زبائن يرتادون تلك الفنادق بدأوا يتخلون عنها. فالرياضيون الصينيون والكوريون الجنوبيون الذين يشاركون في العاب الشتاء الآسيوية التي تفتتح الاحد في شمال اليابان، قرروا النزول في فنادق اخرى.
لكن موتويا لم يأبه لذلك، مؤكدا انه لن يمتثل للضغوط الخارجية.
فالكتاب المعني يؤكد ان مجزرة نانجين، الفصل الأكثر دموية في الحرب الصينية-اليابانية، والتي اسفرت في كانون الاول/ديسمبر 1937 عن مئات الاف الضحايا، لم تحصل ابدا.
ويؤكد رئيس مجلس ادارة مجموعة "إيه.بي.إيه" الفندقية ان "الصين اختلقت ذلك"، موضحا انه يريد "تزويد القراء بالرواية الحقيقية للتاريخ الحديث والمبنية على وقائع حقيقية".
وقال جيف كينغستون، مدير الدراسات الاسيوية في جامعة "تمبل" في طوكيو ان "التحريفيين يطمحون الى اعادة كتابة تاريخ التوسع العسكري لليابان في آسيا، ويستعينون برواية تتجاهل ما حدث من اجل تبرئة انفسهم".
- اعادة اليابان الى عظمتها -
وتلتزم الحكومة اليابانية صمتا مثيرا للاستغراب حيال هذه القضية. والأسوأ من ذلك، هو انها تشجع بطريقة غير مباشرة هذا النوع من التصرفات التي تزايدت منذ نهاية تسعينات في المجال السياسي والاعلامي والاعمال، كما قال خبراء لوكالة فرانس برس.
ولا يخفي رئيس الوزراء شينزو آبي الذي عاد الى الحكم اواخر 2012 مع وعد باعادة اليابان الى مجدها السابق، اراءه القومية، واحاط نفسه بشخصيات محافظة جدا، مثل وزيرة الدفاع تومومي اينادا.
ويتمحور هاجس شينزو آبي حول النظر الى المستقبل بدلا من وخز الضمير بالنسبة للماضي. ويؤكد ان على اليابان التخلص من فكرة انها خسرت الحرب. فهو يريد العودة الى يابان "مجيدة" وقوية، كما يراوده الحلم باعادة النظر في الدستور السلمي الذي فرضته الولايات المتحدة في 1947.
فاذا كان شينزو آبي جدد "اعتذار" بلاده في آب/اغسطس 2015، في الذكرى السبعين لانتهاء الحرب، فانه قد دعا من الان فصاعدا، الى استثناء اجيال ما بعد الحرب.
وهو شخصيا لا يشكك في حصول المجزرة، لكنه "دائما ما اقام صلات وثيقة مع اعضاء" مؤتمر اليابان (نيبون كايغي)، اللوبي القومي القوي الذي يعتبر ان مجزرة نانجين "اتهام كاذب"، كما قال تاموتسو سوغانو، مؤلف كتاب عن هذه المجموعة.
- حامل اللواء -
قال كويشي ناكانو الاستاذ في جامعة صوفيا في طوكيو، ان آبي "اعتمد اسلوبا حذرا منذ اصبح رئيسا للوزراء"، لكنه "يؤيد" التيار الداعي الى اعادة النظر في التاريخ. واشار الى انه يعتبر، الى حد ما، "حامل لواء" هؤلاء الاشخاص.
ولم تندد السلطات بموتويا الذي فجر الفضيحة والمتهم ايضا بملاحظات معادية للسامية وردت في مجلة موضوعة في فنادقه بكندا، ولم يثر حفيظة وسائل الاعلام او الرأي العام.
ورحبت بهذه اللامبالاة صحيفة "سانكاي" القومية. وكتبت ان "وخز الضمير الابدي قد انتهى، لقد تغيرت اليابان". واضافت ان "الحكومة لا تمارس ضغوطا على مجموعة آي بي آي الفندقية ولا تدعوها الى التحفظ".
ويتناقض هذا الوضع مع المانيا، المهزومة الكبرى الاخرى في الحرب العالمية الثانية، ويعاقب قانونها اي كلام ينفي حصول المحرقة او يعبر عن التعاطف مع النازية.
وبموجب حرية التعبير في اليابان، لا يتوافر قانون يعاقب على ذلك. والجديد في الامر، قانون أقر العام الماضي لاستئصال "خطاب الكراهية" والتصريحات المعادية للاجانب التي تبثها مكبرات للصوت مثبتة على شاحنات تجوب شوارع طوكيو او تنشر على الانترنت، وتستهدف خصوصا الجالية الكورية الجنوبية.
الا ان هذه الميول لاعادة النظر في التاريخ ما زالت تقتصر على مجموعات صغيرة في المجتمع الياباني. وقال كينغستون ان "تنامي قوة الصين يثير القلق، لكن اصداء القومية خافتة بين اليابانيين الذين يدركون المخاطر التي تنطوي عليها".