اخبار العراق الان

جدل ثم إلغاء لحفل الموسيقار العالمي “ياني” في العقبة الأردنية ضمن مؤشرات الخطر في السياسة الاقتصادية: الحكومة في عين العاصفة مع رفع الضرائب والرسوم.. تأييد غير مسب?

جدل ثم إلغاء لحفل الموسيقار العالمي “ياني” في العقبة الأردنية ضمن مؤشرات الخطر في السياسة الاقتصادية: الحكومة في عين العاصفة مع رفع الضرائب والرسوم.. تأييد غير مسب?
جدل ثم إلغاء لحفل الموسيقار العالمي “ياني” في العقبة الأردنية ضمن مؤشرات الخطر في السياسة الاقتصادية: الحكومة في عين العاصفة مع رفع الضرائب والرسوم.. تأييد غير مسب?

2017-02-18 00:00:00 - المصدر: راي اليوم


عمان- رأي اليوم- فرح مرقه

تطورت انتقادات حفل الموسيقار العالمي “ياني” المنوي اقامته في مدينة العقبة الأردنية بشدة مساء الجمعة، ما دفع سلطة إقليم العقبة لإلغاء الحفل دون الاعلان عن اي خسائر قد تكون تكبدتها السلطة جراء الالغاء.

وبدأت الانتقادات بعد تسريب الكتاب الرسمي الذي ارسلته مفوضية سلطة اقليم العقبة لشركة تطوير العقبة وتطالبها فيه بدعم حفل الفنان ياني في العقبة بـ 100 ألف دينار، عشية رفع معظم الضرائب والرسوم على الاردنيين، ما اعتبر في اطار الهدر والاسراف، خصوصا والحكومة تعلن عجز موازنتها منذ شهرين وبكل اللغات.

كل التبريرات التي حاولت الحكومة ان تسوقها لم تبدُ ذات جدوى، إذ استمر تسفيه الدولة من معظم المعلقين والمنتقدين، حتى بعد بيان ان رئيس الوزراء جعل الدعم كـ “سلفة” مستردة من ريع الحفل؛ ما اضطر القائمين على الحفل لالغائه نهائيا بالنهاية وذلك مع ليل الجمعة السبت.

بالنسبة للاردنيين فالحكومة وتصرفاتها اليوم تحت المجهر تماماً، ودعم حفل من هذا النوع قد يثير غضبا اكبر بكثير مما تتوقعه الحكومة وهو ما يبدو ان الرئيس الدكتور هاني الملقي ذاته يدركه جيدا وعليه تصرّف أولا في حفل الموسيقار ياني، والذي عمليا كان من الممكن له أن يدر دخلا كبيرا على السلطة، وثانيا في تعيين مدير عام الخطوط الملكية الاردنية حسين الدباس، بعد ان ثارت عليه ثائرة الاردنيين.

تعيين الدباس مديرا عاما للملكية الاردنية جاء قبل ايام، الامر الذي أيضا اسهم في الغضب الشعبي كون الدباس ذاته زوج رئيسة صندوق استثمار اموال الضمان سهير العلي (والصندوق هو احد المساهمين الكبار في الخطوط الملكية) ما جعل الاردنيين يشيرون لشبهة فساد في السياق.

من هنا، بدا التراجع فجأة عن القرار وتحديدا بعد دخول رئيس الوزراء الملقي على سياق الاحداث باعتباره الرافض لاستحداث المنصب اساسا.

الحادثتان تظهران بصورة اساسية ان الاردنيين ما عادوا يحتملون عمليا اي “تجاوز″ خصوصا وهم يشعرون اليوم اكثر من اي وقت مضى ان التجاوز يحدث على حساب جيوبهم وجيوبهم فقط، وهو ما يمكن تلمسه من اتجاهات الشارع بالتذكير بأموال “الفاسدين” غير المستردة والتي كانت ستغطي عمليا العجز الذي تحدثت عنه الحكومة في مناقشات الموازنة (450 مليون دينار).

بالضرورة تظهر الحادثة ايضا “عدم ثقة” من الشارع بالاجراءات الحكومية وهو ما يمكن تلمسه من رفض معظم الاجراءات التي تتخذها الدولة، ومن الاصطفاف المباشر مع النائب الدكتور صداح الحباشنة الذي فتح النار على الرئيس مباشرة في جلسة الثلاثاء الماضي.

الاردنيون في الكرك اقاموا مسيرات شعبية وصلت لنحو 2000 مشارك تأييدا للنائب الجديد عمليا على سلك الدولة والبرلمان، ما يعني بالضرورة أن الشارع الاردني وفي “بؤر غليانه” اليوم مناهض للسياسات الحكومية وليس بحاجة أي اجراءات قد تبدو غير متوازنة او غير منطقية.

الكرك في الجنوب الاردني اليوم تعد واحدة من أخطر المناطق على الحكومة، خصوصا وهي عاصمة الاحداث ذات الاشارات المتضاربة، فمنها الطيار الاردني الرمز معاذ الكساسبة، وفيها كانت الاحداث الاكثر دموية في التاريخ الاردني الحديث قبل نحو شهرين وفيها قبضت الدولة على اكثر من 200 متشدد.

بكل الاحوال، الكرك ليست وحيدة وليست حتى محافظات الجنوب كذلك، فالغضب الاردني جراء رفع الاسعار والضرائب بات شاملا في المملكة، مقابل انتقادات على صعيد الخبراء الاقتصاديين لأولويات الحكومة، والتي منها زيادة الرقابة الضريبية التي يمكنها ان تضبط ما يفوق العجز من المتهربين ضريبيا.

الخبراء، ومنهم الاقتصادي جواد عباسي حاولوا مطولا تذكير الحكومة بضرورة الاجراءات الداعمة اساسا للرقابة الضريبية وعدم التهرب كبديل اساسي لرفع الاسعار، في حين تحدثت خبيرة “عملات” لـ “رأي اليوم” عن الضرر الشديد الذي يمكن ان تلحقه الزيادات في الاسعار على القيمة الشرائية للدينار وبالتالي على سعره لاحقا.

الأكثر أهمية في السياق أن الحكومة اليوم ستواجه الكثير من الانتقادات طالما هي تسعى لزيادة ايراداتها عبر الرسوم والضرائب، مقابل خدمات سيئة ورديئة يمكن تلمسها من النقد الحاد الذي وجهه سائح اجنبي لوزيرة السياحة، والنقد الاكبر الذي وجهه وزير العدل الاسبق ابراهيم العموش عن الخدمات في قصر العدل.

كل ما تقدم يجعل الغاء حفل “قد يكون مجدياً” أقل ما يمكن لارضاء مواطنين يشعرون بضياع بوصلة الاولويات لدى السلطة التنفيذية، كما يدركون تماما أن الفريق الاقتصادي يكاد يكون دون أجندة حقيقية حتى اللحظة تضمن عدم تكرار سيناريو رفع الاسعار بعد فترة قد لا تطول عاما اخر.