مبادرات حكومية جديدة تساهم في مواجهة المجاعة الكينية
نيروبي/ الأناضول
تواجه كينيا المجاعة، بعد سنوات طويلة من الجفاف وأعمال العنف، التي أدت إلى قطع إمدادات الغذاء والمياه، وخاصة للمجتمعات الرعوية، عبر تقديم مساعدات غذائية ومبادرات تساهم في الحفاظ على الأمن الغذائي بالمناطق المتضررة في البلاد.
ومؤخرًا حذر خبراء ومطلعون من إمكانية حدوث أزمة عالمية بسبب المجاعة التي تلوح في أفق القارة السمراء، حيث يعاني حوالي 12 مليون شخص من المجاعة في أثيوبيا وكينيا والصومال.
وبهدف تسليط الضوء على القضية، استطلعت الأناضول آراء بعض السكان المحليين، الذين يعانون من الجوع والفقر والأمراض.
وقد تضاعف الجفاف، خلال السنوات الأخيرة، مع العجز الحاد في مياه الري، ولسكان المدن والمواشي، التي أصبحت دون مراعٍ، وبلغت الوفيات بين المواشي، التي تشكل المهنة الإقتصادية الرئيسية للمناطق الجافة، أعلى مستوياتها، خلال السنوات العشرين الماضية.
وجلست القروية أمينة بيلان، بجسدها الهزيل، الذي يغطيه وشاح ملون وشال، وقد لفت ذراعيها حول عصا خشبية، تراقب عمل الجزارين بمعاطفهم البيضاء في أحد المسالخ المؤقتة شمالي البلاد، مشيرةً إلى ماعز ذبحت للتو.
وقالت بيلان، 35 عامًا، "هذا الماعز يوفر لي ولعائلتي الغذاء لمدة شهر، وبالمقابل بعت عنزة كنت أملكها للحكومة، بعد أن أنهكها الجوع والعطش".
وتعتبر "بيلان"، واحدة من 3 ملايين كيني يواجهون المجاعة، وهي من سكان بلدة "نورث هور" التابعة لمقاطعة "مارسابيت"، الأكثر تضررًا.
وأشادت بالمبادرة الحكومية التي تمكن المتضررين بالمجاعة من بيع ماشيتهم، قبل نفوقها، وتزودهم بالمقابل باللحوم الطازجة، قائلةً إنها "خطوة هامة جدًا لإنقاذ أرواح الكثيرين حتى تمر موجة الجفاف هذه".
وأضافت إن "للجوع آلام مبرحة، وكثيرًا ما أشعر بإنهيار كامل في جسدي، لاسيما عندما أقضي أكثر من يومين بدون طعام".
وعن معاناتها الشخصية لفتت "نفقت 10 من الماعز، التي كنت أملكها، بسبب الجوع".
وقالت متسائلة "ألا أبدو مسنة، وقد غطت التجاعيد جسدي بسبب الجوع وسوء التغذية؟".
وبهدف مكافحة ندرة الغذاء المتعلقة بالجفاف، التي ضربت 23 مقاطعة من أصل 47 في البلاد، وفرت الحكومة حصص إغاثة غذائية، تقدر الواحدة منها بحوالي 27 دولارا أمريكيا لسكان تلك المناطق.
ويرى محللون أن هذه المبادرة تعزز سبل عيش الرعاة، وقدرتهم على الصمود من خلال تعزيز الروابط بين الرعاة وأسواق اللحوم والمواشي، وفي المقابل سيكون لذلك تأثير إيجابي وديناميكي على الاقتصاد المحلي.
وأول أمس الأربعاء، أطلق برنامح شراء الماشية المتضررة من الجفاف، مقابل اللحوم، في بلدة "مارسابيت"، بحضور سيدة كينيا الأولى مارجريت كينياتا، التي أكدت أن هذه المبادرة تعتبر إحدى التدابير الحكومية الرامية إلى التخفيف من آثار الجفاف.
وأضافت "يؤسفني أن أرى مدى انتشار الجفاف، الذي يلقي بظلاله على الأسر، أمهاتًا وأطفالًا في العديد من المناطق المتضررة في أنحاء البلاد".
وتابعت قائلة "أود أن أؤكد للجميع أن الحكومة ستستمر في دعم جهود الإغاثة، إلى أن تنتهي موجة الجفاف، وأنتم دائمًا في قلوبنا وعقولنا".
وفي السياق نفسه، أشاد عباس جوليت الأمين العام لجمعية الصليب الأحمر الكينية، متحدثًا أمام الحضور، بالمبادرات الجديدة، واصفًا إياها بالـ "عملية والفعالة"، وفي مقدمتها، برامج التحويلات النقدية، بدل توزيع المساعدات العينية، وبرنامج شراء الماشية المهددة بالموت، باعتبارها أفضل وسائل مواجهة الجفاف.
ولفت أن "عمليات توزيع الطعام السابقة على الأسر المتضررة، كانت عرضة لسوء الإدارة والفساد، في إشارة إلى اتهامات وجهها بيان حكومي العام الماضي لبعض المسؤولين بسبب بيعهم المساعدات الغذائية، بطرق غير مشروعة، للسكان المحليين، الذين يتضورون جوعًا".
كما أعرب عن حزنه الشديد لتضرر الملايين من الكينيين من الجفاف، مؤكدًا أن الكثيرين بحاجة ماسة للمساعدة إنقاذاً لحياتهم.
وبهذا الخصوص، قال الدكتور مبارا تشيغيه، مسؤول بيطري من للأناضول أن مبادرة شراء الماشية لن تنقذ فقط مئات الآلاف من الأرواح، بل تحول دون تكبد الأسر الفقيرة خسائر فادحة.