التريبونا (6) | كلاوديو رانييري ، إلى أين نذهب يا بابا؟
يعرف كيف يسير هذا العالم..
قضيت بضعة ساعات بعد خبر إقالته أفكر في وصف ممكن لحياة هذا الشخص الذي هو رانييري، وفي الواقع تحتار عند هذه أمور، مدرب بلغ العمر أرذله وحقق لقبًا لا يحلم كثير من المدربين بتحقيقه، أقول فقط أنه لا يسع لكثير من العواجيز أن يحققوا الأمجاد، فالأمجاد خليقة أكثر بالشباب، نعم؟ أو برجال في منتصف العمر، لكن أن تحقق لقب البطولة الأكبر في عالم رياضة كرة القدم التي هي اللعبة الشعبية الأولى، خاصة إذا ما كنت رانييري فهذا عجيب.
تمت إقالة رانييري، ليس سيء الحظ وليس الأمر بالكارثي عليه فقد مرت عليه مثل هذه اللحظات كثيرًا، كيف يُمكن أن تصف وقع الإقالة على رجل رأيته يبتسم ملء شدقيه بعد خسارة فريقه فيورنتينا 2-8 أمام لاتسيو زيدنيك زيمان وهو يعد مراسل قناة الراي بأن غدًا أجمل، أكره مجال التنمية البشرية وكل ما يمت لها بصلة لكن رانييري هو من جعلني أؤمن بها بلحظة، هو فلسفة جديدة، بعيدًا عن التصنيفات العامة التي يمكن أن تقرأها عزيزي القاريء إذا ما أردت أن تقتحم مجال الفلسفة يومًا، ليس وجوديًا، ليس واقعيًا، ليس عدميًا، وهو ليس حتى بالشخص الذي يميل للتقشف، إنه متأنق على الدوام، يحتفظ بهيبته على الدوام رغم كل شيء ويرتدي أشهر البزات العالمية، قد تعلم ذلك من مدربه السابق في روما ليدهولم "تعلمت منه أن أكون أنيقًا، لا مُبتذلًا".
إلى أين يذهب بابا كلاوديو؟، وحينما أصفه بهذا اللقب فأنا أبجله، وأراه مثلًا قد لا أنتهجه ولا أتبعه في يومٍ من الأيام لكنني أسعد بوجوده، هل سيعود إلى إيطاليا؟ وهى بلده، موطنه، البلد الذي تلقى فيها أكبر قدر من السخافات والنكات، فهو لم يحقق بها إلا لقب وحيد مع فيورنتينا، زِد على ذلك أن السخرية لحقت به أيضًا من الغريب "جوزيه مورينيو" عندما سخر من لغته الإنجليزية الضعيفة رغم أنه قضى سنوات طويلة هناك، وحينها أعجبت تلك المزحة الإعلام والصحافة الإيطالية، سبق لجيانلوكا فيالي أن أطلق عليه لقب المُهرج وخلافه من أمور لا يحب أن يتذكرها الإيطاليين كيف عاملوا هذا الرجل، قبل أن يحتفوا به أيما احتفاء بعد فوزه بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في الصيف الماضي.
آخر صورة التقطت لـ #رانييري بمكتبه في ملعب ليستر pic.twitter.com/TlPSPcYstf
— Hussein Mamdouh (@HusseinMamdouh) February 24, 2017
هل يخضع اسم رانييري للعروض المفزعة المتوقعة من الصين؟، إنه يحب التواجد في آسيا كسائح لا كمدرب، هل يصل للمنطقة العربية يومًا، أم يُقرر كلاوديو التقاعد تاركًا خلفه اللقب، الهدف الذي سعى له طوال حياته ونجح بالفعل في تحقيقه رغم رؤوس الأموال العظيمة في المسابقة الإنجليزية.
يُمكن في الأخير أن تتعلم الكثير من تجربة ابن ساردينيا، الذي يحب البحر، ويحتفظ برسائل الأصدقاء، كيف أنه احتفظ برسالة كاراجونيس لاعب "كابتن" المنتخب اليوناني بعد ساعة من إعلان ليستر كبطل إنجلترا، كيف يُمكن له أن يحتفظ بالود والإيجابية رغم كل شيء "أعرف كيف يسير العالم، أنا ابن لهذا العالم، لا أتذكرالإساءات، أستمتع بكوني ذلك الشخص الذي حقق النجاح وهو لم يكن يومًا مرشحًا لذلك، كل تلك اللحظات الحرجة التي مررت بها كانت إيجابية".
يتكرر السؤال، إلى أين يذهب كلاوديو؟، كلنا نعرف القصة منذ بديتها، نعرف أنه تولى تدريب ليستر سيتي في بداية موسم 2015/2016 وهو أكبر المرشحين للهبوط لدوري الدرجة الثانية في إنجلترا، فماذا يُمكن أن يحقق رانييري أكثر؟، إذا ما كان هناك سببًا مُعتبرًا ومقبولًا من وجهة نظر إدارة ليستر الآسيوية لإبعاده، فسيكون فقط هو الموجود في السطرين السابقين.
"إلى أين تذهب يا سيفين؟ هذا طريق غرفة خلع ملابس اللاعبين، على الأقل انتظر حتى الصيف". كانت تلك كلمات رانييري لسفين جوران آريكسون في يناير 2004، فقد كان يتوقع إقالته من تدريب تشيلسي وإحلال السويدي مكانه، ولكنه لم يكن، على أية حال، إلى أين تذهب يا كلاوديو؟، إلى أين تذهب يا بابا؟.
كنتم مع، الحلقة السادسة من منبر أو مقصورة المشجعين "التريبونا"..تفاعلكم هو جزء أساسي لاستمراره . .
تواصل مع حسين ممدوح | ||
صحفي متخصص بشؤون كرة القدم الإيطالية | على فيسبوك | |
على تويتر |