الأطباء السوريون في ألمانيا يواجهون صعوبات البيروقراطية والمصطلحات العلمية المتخصصة
2017-02-27 00:00:00 - المصدر: راي اليوم
فرانكفورت (د ب أ)- يرقد أفرام شمعون، الذي مارس الطب لعقود في دمشق، الآن على أريكة الطبيب في فرانكفورت يؤدي دور مريض يعاني من مشاكل في الركبة.
ويشارك شمعون 59/ عاما/ الآن في دورة لإعداد الأطباء المؤهلين في دول أخرى لخوض الاختبار الذي يؤهلهم لممارسة الطب في ألمانيا.
واليوم يراجعون “الفحص السريري”، حيث يقوم شخص ما بأداء دور المريض، ويحاول الآخرون تشخيص حالته، بينما يتابعهم المحاضر ويعطي تعليقه.
ويشارك 27 طبيبا في الدورة الحالية، التي تنظمها رابطة “بيرامي”، وهي رابطة مقرها في فرانكفورت تساعد المهاجرين في التدريب والاندماج المهني.
وبدأ الأطباء هذه الدورة في نيسان/أبريل، وتضمنت ما يقرب من ألفي وحدة تعليمية. ويقترب المشاركون في الدورة حاليا من إتمام الدورة، وسيخضعون للاختبار في أقرب مركز للاختبارات ببلدة ماربوج.
وكتب بيرند لومان على السبورة :”كدمة، ألم ضغط، اختبار وظائف أعضاء”.
ويقدم لومان محاضرة اليوم بعنوان :”دراسة حالة، إصابة في الركبة”.
وقبل تقاعده، كان لومان يعمل جراحا. ويعمل لومان 69/ عاما/ منذ أيلول/سبتمبر محاضرا ليومين في الأسبوع.
يقول لومان إن الأطباء “لديهم فرصة نجاح جيدة جدا في ألمانيا … حيث هناك نقصا هائلا في عدد الأطباء”.
ومن حيث المؤهلات، قال إنه لا يمكن الشكوى منهم، مضيفا :”جميعهم أطباء مدربون … المشكلة الوحيدة هي اللغة”.
وتتذكر السورية ليلى غالي 38/ عاما/ وتعمل طبيبة نساء وولادة، أول تدريب داخلي لها في ألمانيا في مستشفى في فيسبادن. وتقول، وهي تتحدث الألمانية بطلاقة الآن، :”اعتقدوا أنه ليس لدي أي خبرة … لم أفهم أي شيء ولم أستطع قول أي شيء”.
ورغم أن لغتها الألمانية عموما ممتازة الآن، فإن هذا لا يكفي ليمكنها من اجتياز الاختبار، فمعرفة المصطلحات المتخصصة مطلوب أيضا.
يقول أتيلا فورجان، المدير الطبي للدورة، إن “على المشاركين في الواقع تعلم لغتين”.
يضيف أنه عند الحديث مع المرضى فهي “kneecap” (ركبة) وعندما يتحدث الأطباء فيما بينهم في مراسلات رسمية فهي “patella” .
وما يزيد من صعوبة الأمر، هو أنه في بعض الدول العربية ، يتم استخدام اللغة العربية في المصطلحات المتخصصة، وليس اللاتينية، كما هو شائع في أوروبا.
يقول عمار حيدر :”أنا خائف من الاختبار”. ويحمل حيدر 33/ عاما/ بالفعل شهادة تتيح له العمل تحت إشراف لفترة محدودة في مستشفى في فرانكفورت.
ودرس السوري حيدر الطب في إيران، وعمل هناك طبيب طوارئ. وتظهر آثار الضغط الذي يعانيه واضحة على وجهه، غير أن ما يجده أكثر إجهادا من العمل وبالطبع الامتحان، هو البيروقراطية سيئة السمعة في ألمانيا.
ما هي شهادة اللغة التي تحتاجها، ما الذي سيكون في الاختبار، ومتى من المفترض أن تخوضه؟ البعض يحصلون على موعد في غضون أسابيع، بينما يتعين على آخرين الانتظار لستة أشهر.
يتساءل حيدر :”إذا كان مجرد التسجيل معقدا بهذا الشكل، كيف سيكون الاختبار؟”.
واعتبر رائف النحاس أن البيروقراطية معقدة في ألمانيا أيضا. والنحاس 32/ عاما/ سوري يعيش في مدينة ماينز 40/ كلم من فرانكفورت/ ويعمل “مساعدا علميا” في مستشفى الجامعة هناك.
ويحاول النحاس منذ فترة معرفة ما إذا كانت شهادة اللغة التقنية التي حصل عليها في فرانكفورت صالحة في ماينز، الواقعة في ولاية أخرى.
وتتكلف دورة الإعداد لاختبار الأطباء عشرة آلاف يورو (10600 دولار) إذا ما كان الطالب يرغب في دراسة جميع الوحدات، وتستمر على مدار 11 شهرا لثماني ساعات يوميا، خمسة أيام في الأسبوع.
ويتولى مركز التوظيف أو وكالة العمل المحلية دفع مصروفات الدورة، إلا أن الطلب أكبر من القدرة الاستيعابية. وتحتاج رابطة “بيرامي” المزيد من المحاضرين والغرف، مما دفعها مؤخرا إلى قبول نظام اختبارات القبول.
تقول الجمعية الطبية بولاية هيسن، التي تقع بها مدينة فرانكفورت، :”نحتاج بالتأكيد إلى المزيد من الأطباء لرعاية المرضى… ولكن الاعتبار الأهم هو راحة المرضى… ولذلك لا يمكننا القبول بأي تراجع في الجودة”.
ووفقا للجمعية، التي تنظم منح التراخيص الطبية، فإن نحو 300 شخص تقدموا بطلبات العام الماضي للحصول على تصاريح لممارسة الطب، وبموجبها يتم الاعتراف بأن الشهادة الأجنبية تعادل الألمانية. وتقدم 114 شخصا بطلبات للحصول على تصاريح عمل، تسمح لحامليها بالعمل لمدة محددة تحت إشراف، وفي مكان عمل محدد.
إلا أنه لا توجد إحصائيات رسمية بعدد الأطباء الأجانب المسموح لهم بممارسة المهنة في ألمانيا.
وتفيد جمعية هيسن بأنه “حتى قبل عامين كان الأغلب قادمين من اليونان… واليوم أغلبهم من أفغانستان وسورية وتركيا”.
وحتى إذا كان لدى الأطباء الأجانب عقود من الخبرة، فإن عليهم أن يبدأوا من الصفر في ألمانيا.
ويتعين على طبيبتي النساء والولادة، اللتين ترتديان الحجاب في ندوة اليوم، أن تدرسا الأمراض الجلدية والطب الرئوي وطب العظام مرة أخرى.
ويوضح فورجان أنه بعد حصولهم على تصاريح لممارسة الطب العام، سيكون عليهم دراسة تخصصهم مرة أخرى، ووصف الأمر بأنه “إهدار للموارد”.
يقول لومان :”كثيرون مروا بمواقف مهينة في العيادات… يتم التعامل معهم كمتدربين. لا أحد يستفيد من هذا”.
وتَعرِف غالي هذا الشعور. وتود لو أنها تساعد أكثر عندما ترى زملاءها يعانون من كثرة العمل، ولكنه ليس مسموحا لها بعد.
وتقول :”الأطباء يعانون لأن لديهم الكثير لفعله، ونحن نعاني لأن علينا أن نجلس في المنزل”.