كيس ضربات في غزة
2017-03-05 00:00:00 - المصدر: راي اليوم
بقلم: أسرة التحرير
جولات الهجمات الاخيرة في غزة آخذة في التواتر لدرجة أنه يخيل انه يتعين على اسرائيل مرة اخرى أن تستعد لحملة عسكرية. واسرائيل التي تتبنى فكر وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان القائل ان “تعليمات الجيش الاسرائيلي هي الاخذ بكل القوة الى أن يصرخ الطرف الاخر النجدة ويرفع علما أبيض”، فانها ترد بعدوانية على كل صاروخ وحيد من غزة، تقصف قيادات حماس ولكن أيضا مبان مدنية.
تعترف اسرائيل بان ليست حماس هي التي تطلق الصواريخ العشوائية الى اراضيها، وان المذنبين هم منظمات سلفية مقربة من داعش او متفرعة عنه. ورغم ذلك، فانها تلقي على حماس المسؤولية عن اطلاق النار، وتطلب من المنظمة، التي لا تعترف اسرائيل بها وتصفها كتنظيم ارهابي، أن تقاتل ضد التنظيمات السلفية. وهذه هي ذات التنظيمات التي أطلقت في بداية شهر شباط الصواريخ على ايلات انطلاقا من اراضي سيناء، ولكن اسرائيل لا تعمل في الاراضي المصرية ولا تقصف، علنا على الاقل، بل تترك المهامة للجيش المصري، بل ولا تشجب مصر أو تلقي عليها المسؤولية عن النار بصفتها صاحبة السيادة في المنطقة.
المفارقة التي تجعل اسرائيل ترى في حماس صاحبة السيادة ومن هنا برأيها تنبع المسؤولية عما يجري في غزة، ولكنها في نفس الوقت تقاتل ضدها، لا يمكنها أن تنتج الهدوء الذي تسعى اليه.
لا يفترض بسكان غلاف غزة أن يعانوا “تنقيط” الصواريخ، ولكن القصف الوحشي على حماس، بالذات حين توثق المنظمة علاقاتها مع مصر وتتعاون معها في الكفاح ضد منظمات الارهاب في سيناء، لا يدل على حكمة بل على استناد الى خطوات لم تثبت نفسها في الماضي. فالحبر الذي طبع به تقرير مراقب الدولة عن حملة الجرف الصامد لم يجف بعد، والنقد الشديد الذي تضمنه على غياب النقاش بالبديل للحملة العسكرية لا يزال يدوي، واذا باسرائيل تتبنى مرة اخرى النهج المغلوط الذي يقول ان “النصر” يكمن بالضربات العسكرية.
لا يمكن لحكومة اسرائيل أن تتجاهل التحذيرات التي يطلقها الجيش الاسرائيلي عن الوضع الخطير في غزة، عن الفقر المدقع، عن البطالة القاسية، الاكتظاظ الفظيع والنقص في الخدمات الاساسية. اما الانفجار، على حد قول رئيس شعبة الاستخبارات هيرتسي هليفي، فهو مجرد مسألة وقت. في هذه الظروف الباعثة على اليأس لا يمكن الا التساؤل عن قدرة حماس في الحفاظ على هدوء نسبي، وعن عملها ضد منظمات تسعى الى المس بصلاحياتها عبر اطلاق النار على اسرائيل. وفي ظل غياب النية لادارة المفاوضات مع الفلسطينيين بشكل عام ومع حماس بشكل خاص، على الحكومة ان تدرس على الفور سبلا اخرى لتهدئة التدهور في غزة، وعلى رأسها التخفيف من ضائقة الحياة في القطاع.
هآرتس 5/3/2017