كيف سيتم حل التناقض بين رغبة ادارة ترامب لتحسين العلاقات مع روسيا وبين التشدد تجاه حليفتها ايران؟
2017-03-06 00:00:00 - المصدر: راي اليوم
بقلم: زلمان شوفال
إن المعركة في الموصل اقتربت من نهايتها. تم ضرب داعش، لكن الحديث يدور عن مرحلة اخرى في تحقيق استراتيجية ايران في السيطرة على مناطق كاملة في الشرق الاوسط. وعند انتهاء المعركة في الموصل فان القوات الشيعية التي شاركت في هذه المعركة ستتفرغ للمهمة الاساسية وهي تحويل العراق الى منطقة تابعة لايران، كجزء من توجهها لانشاء قوس من السيطرة العليا، تمتد من بغداد ومرورا في دمشق وانتهاء ببيروت.
هذا الواقع قد يأخذ أبعاد مقلقة اخرى اذا حاولت قوات ايرانية أو شيعية اخرى التمركز على حدود هضبة الجولان. وقد كان لادارة اوباما دورا، ربما غير مقصود، في تنفيذ هذا التوجه، سواء في اعقاب التوقيع على الاتفاق النووي مع طهران الذي رفع عنها الجزء الاكبر من العقوبات التي قيدت قدرتها الاقتصادية (وزير الخارجية الامريكي الاسبق كيري قام بتشجيع البنوك الامريكية والدولية على توسيع العلاقات التجارية مع اقتصاد ايران)، أو بسبب تحسين مكانة ايران كقوة نووية محتملة. وفي الصعيد العملي كانت هذه هي السياسة المعلنة للولايات المتحدة اثناء ولاية اوباما، في الانفصال التدريجي عن الشرق الاوسط، الامر الذي فتح الباب على مصراعيه أمام ايران وحليفتها روسيا.
إن العلاقة بين موسكو وطهران ليست علاقة غرام، بل هي علاقة قائمة على المصالح. فروسيا التي تخشى من الارهاب السني والشيشاني، وليس من الشيعة المتآمرين من قبل طهران، وايران التي تشمل علاقتها مع موسكو تعاون في المشروع النووي (للاهداف السلمية)، والتي تحولت الى زبونة لشراء السلاح الروسي المتقدم لنفسها ولحزب الله.
اسرائيل تدرك التأثير السلبي لتعاون روسيا – ايران. ومن خلال سياسة حكيمة نجحت في انشاء علاقة براغماتية مع موسكو.
هنا يدخل الى الصورة عامل مهم جدا لمستقبل الشرق الاوسط بشكل عام، ولمؤامرات ايران بشكل خاص، هو السياسة الخارجية المتبلورة لادارة ترامب، مع التأكيد على علاقته مع روسيا. ومن خلال بعض التصريحات اثناء الحملة الانتخابية وبعدها يمكننا الاستنتاج بأن الادارة الجديدة تسعى الى تحسين العلاقة مع موسكو في جميع المجالات، لكن هذا التوجه العلني لا يناقض فقط موقف الاغلبية الجمهورية والاقلية الديمقراطية في المجلسين، بل ايضا لا يتساوق مع قناعات اشخاص مركزيين في كابنت الرئيس نفسه. صحيح أن الرئيس الامريكي هو الذي يقرر السياسة، لكن رغم حقيقة أنه غير ملزم بالتوافق مع وزرائه، فهو لا يستطيع تجاهل مواقفهم كليا.
قد يكون لهذا الامر صلة مقلقة مع موضوع ايران. فقد أعلن المرشح ترامب في حينه بأن الاتفاق النووي مع ايران هو “الاتفاق الاسوأ في التاريخ”، لكن يبدو أن الغائه غير موجود في جدول العمل، خاصة أن الرقابة على تنفيذه سترتفع درجة. ويتوقع ايضا ردود شديدة، بما في ذلك فرض عقوبات جديدة، على اخلالات ايران في موضوع الصواريخ بعيدة المدى، والعمل المباشر وغير المباشر لايران في موضوع الارهاب. وزير الدفاع الامريكي، الجنرال ماتيس، وربما ايضا المستشار الجديد للامن القومي ماك ماستر، يعتبران ايران العدو الاكبر والاكثر تهديدا للمصالح الامريكية. وقد طلب الرئيس ترامب من وزير الدفاع اعداد خطة فعلية لكبح توجهات ايران، بما في ذلك امكانية تعزيز القوات الامنية في سوريا وتحسين التواجد البحري الامريكي في الخليج الفارسي.
يبقى سؤال كيف يمكن جسر التناقض بين رغبة ادارة ترامب في تحسين العلاقات مع روسيا وبين التشديد على الجهود ضد حليفة روسيا، ايران. رئيس الاستخبارات العسكرية في اسرائيل، هرتسي هليفي، قال مؤخرا “إن خط مشترك بين روسيا وادارة ترامب من شأنه كبح ايران”. ولكن النتيجة قد تكون عكسية. في حينه كان هناك من اتهم نتنياهو بالمبالغة في تصوير تهديد ايران، لكن الوضع يثبت صحة اقواله. وعندما أعلن وزير الدفاع افيغدور ليبرمان مؤخرا، في مؤتمر دولي، أن التحدي الحقيقي في الشرق الاوسط هو “ايران، ايران، ايران”، حصل على موافقة مستمعيه، بما في ذلك ممثل السعودية.
اسرائيل اليوم 6/3/2017