إنهم يمنعون الأذان!
إقرار الكنيست الصهيوني بالقراءة التمهيدية مشروعي قانونين، الأول يُحظر أذان المساجد كلياً، والثاني يحظّر أذان الفجر دون سواه، هواعتداء صارخ على الديانة الإسلامية والمسلمين... إن هذا القانون يؤكّد الطبيعة الفاشية العنصرية للعدو الصهيوني وحكوماته وانفلات هذا الوحش الهائج على جماهيرنا.
إنّ حظر أذان المساجد كلياً، هواعتداء صارخ على الديانة الإسلامية
لقد أعلنت لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي المنطقة المحتلة عام 1948، أنها لن تعترف بهذا القانون بأية صيغة كانت. القانون سيسري بعد قراءتين أخيرتين في الكنيست، على المدن والبلدات الفلسطينية في كامل فلسطين التاريخية وعلى مدينة القدس المحتلة بالطبع. كان مشروع القانون العنصري الاستبدادي الفاشي، قد طرح على جدول أعمال الكنيست لأول مرة قبل ست سنوات وبدعم مباشر من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو. لقد تم طرحه من جديد في الدورة البرلمانية الحالية، بصيغة منع كلّي للأذان عبر مكبّرات الصوت وصادقت عليه الحكومة الصهيونية قبل عدة أشهر! إلا أن الأحزاب الدينية اليهودية اعترضت على صيغة القانون، كون صيغته تتحدّث عن كل صوت صادر عن دور العبادة، وهو ما سيطال الكُنس اليهودية التي تطلق صفارات مساء كل يوم جمعة. وحينها تم طرح صيغة أخرى، تحظّر أذان الفجر، وأقرّتها الحكومة أيضاً رغم تحفّظ نتنياهو الذي يريد الصيغة الأولى.
إن هذا القانون يؤكّد الطبيعة الفاشية العنصرية للعدو الصهيوني وحكوماته وانفلات هذا الوحش الهائج على جماهيرنا. هذا العدو الشايلوكي لا يكتفي بسياسة التمييز الأكثر عنصرية في التاريخ الذي ينتهجه سياسة دائمة كما الاضطهاد السياسي البشع، بل يسعى إلى تضييق الخناق في أدق تفاصيل الحياة على أهلنا ومنها ما هو مرتبط بحرية العبادة ومشاعرهم الدينية. إنه انتهاك صارخ لحرية العبادة والتدين، الأذان جزء من الموروث الثقافي والحضاري والتاريخي الفلسطيني العربي فضلاً عن كونه أحد الشعائر الدينية الإسلامية وهو حتماً سيظل يصدح عالياً ليُخرس أصوات العنصرية والفاشية في دولة الاحتلال الأقبح في التاريخ. باختصار نقول لهم: انصرفوا من أرضنا حتى لا تسمعوا شعائرنا الدينية، انصرفوا عنا، عودوا من حيث جئتم، ترتاحون ونرتاح منكم.
لعل معظم العرب والفلسطينيين بشكل خاص وبحكم ظروفهم واحتلال أرضهم واغتصاب وطنهم وإرادتهم، عن كل الاحتلالات على مدى التاريخ وما قبله. قرأنا عن التتار، عن النازية والفاشية، عن كل الديكتاتوريات. إن كل احتلال هو بشع، الاحتلال الصهيوني هو الأكثر بشاعة بين كل الاحتلالات، قديمها وحديثها. إنه اغتصاب للأرض واقتلاع لأهلها، إنه تزاوج للفاشية مع أعظم أشكال السادية. إنه التفنن والتجدد في اختراع الوسائل الجديدة صباح كل يوم،لتعذيب الفلسطينيين. إنه نفي وإنكار للآخر. هذا أبسط وصف لما يمكن أن يتحدث به أو يكتب عنه أي فلسطيني عن الاحتلال الصهيوني لكامل الأرض الفلسطينية.
أن يكون نظام بلد ما فاشياص في سلطته ونهجه وممارسته واعتداءاته المستمرة على الآخرين في محيطه، فحتما إنه يحفر قبره بيديه، فكيف بفاشية بنت دولتها على أرض اغتصبتها عنوة، وبالتعاون مع الدول الاستعمارية، لتكون رأس جسر لها في منطقة غريبة عن الطرفين؟ كيف بنظام فاشي يقوم باقتلاع سكان البلد الأصليين وتهجيرهم، واستقدام مهاجريه من شتى آنحاء العالم ليكونوا سكان البلد المحتل، الذي يدّعون الحق فيه زوراً وبهتاناً؟ كيف بنظام يمارس العنصرية البغيضة في سياساته تجاه كل الآخرين من غير اليهود؟ تاريخ الكيان الصهيوني سلسلة متواصلة من الحروب والاعتداءات على الفلسطينيين وعلى الأمة العربية، منذ إنشاء دولته وحتى هذه اللحظة. العدوانية هي إحدى متلازمات وجود "إسرائيل" وسماتها، كل الذي تغيّر مع مرور السنوات على وجودها، هو تطوّر أدوات ووسائل القتل والتدمير، وتطوّر أساليبه الفاشية. الإحصائيات المتعدّدة التي تجري في الكيان تبين أن التطور الأبرز فيه هو، أن الشارع "الإسرائيلي" يتجه نحو المزيد من اليمين والتطرف. من زاوية ثانية، أدركت شعوب العالم في تجربتها المرّة مع النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية، أن لا تعامل مع الظاهرتين إلا بالقضاء عليهما. إسرائيل ليست استثناء من القاعدة التي هي بمثابة القانون. قد تمتلك "إسرائيل "من عناصر القوة، ما لا يؤهّل الفلسطينيين والعرب جميعاً للحديث حتى عن إمكانية إجبارها على الخروج من المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، فهي مزنّرة بالسلاح النووي وبأحدث ما تنتجه مصانعها ومصانع حليفتها الاستراتيجية وعموم الدول الغربية، من أسلحة. بالمقابل، هناك المؤمنون بحتمية إجبارها على الخروج من أرضنا المحتلة كلها، لأسباب كثيرة، دينية وقومية، وطنية ويسارية أيضاً، ومن هؤلاء، المتابعون للداخل "الإسرائيلي" بكل تفاصيله، ونتيجة معرفتهم الدقيقة بها يرون استحالة جنوح هذه الدولة للسلام، فالعدوان هو ما تتقنه، وتمارسه واقعاً على الأرض. وبالنسبة لدروس الغزو والاحتلال في التاريخ إجمالا، وغزو فلسطين واحتلالها بشكل خاص، يمكن القول، اعتماداً على التاريخ ذاته، إن كل الغزاة المُتعدّدين لأرضنا الفلسطينية وللأرض العربية بشكل عام، من الذين تناوبوا على احتلالها، كلهم رحلوا، أخرجوا من ديارنا غِلاباً، اضطّرواُ لحمل عصيّهم على كواهلهم ورحلوا. ومثلما كان زوال كل أولئك الغُزاة حتمياً، فلن يكون المشروع الاستعماري الصهيوني أفضل حالاً.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً