الإسكوا: إسرائيل أسست نظام أبارتهايد يهيمن على الشعب الفلسطيني بأكمله
الميادين تحصل على نسخة من تقرير لمنظمة "الإسكوا"يقول إن إسرائيل أسست نظام فصل عنصري "أبارتهايد" يهيمن على الشعب الفلسطيني بأجمعه، وذلك بــ "الوقائع والأدلة التي تثبت، بما لا يدع مجالاً للشك، أن إسرائيل بسياساتها وممارساتها مذنبة بارتكاب جريمة الفصل العنصري".
الأسكوا: الوقائع والأدلة تثبت أن إسرائيل مذنبة بارتكاب جريمة الفصل العنصري
حصلت الميادين على نسخة من تقرير لمنظمة "الإسكوا" تقول فيه إن إسرائيل أسست نظام فصل عنصري "أبارتهايد" يهيمن على الشعب الفلسطيني بأجمعه، وذلك بــ "الوقائع والأدلة التي تثبت، بما لا يدع مجالاً للشك، أن إسرائيل بسياساتها وممارساتها مذنبة بارتكاب جريمة الفصل العنصري كما تعرفها صكوك القانون الدولي".
ويستند التقرير إلى مضامين ومبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان ذاتها التي ترفض معاداة السامية وغيرها من إيديولوجيات التمييز العنصري. ووفق القوانين الدولية فإن جريمة الفصل العنصري (الأبارتهايد) هي "كل الأفعال غير الإنسانية التي ترتكب في سياق نظام مؤسسي قوامه الاضطهاد المنهجي، والسيطرة المنهجية من جانب جماعة عرقية واحدة إزاء أية جماعة أو جماعات عرقية أخرى، وتُرتكب بنيّة الإبقاء على ذلك النظام".
ويحدد نظام روما الأساسي في تعريفه وجود "نظام مؤسسي" يخدم "مقصد" الهيمنة العرقية. وبما أن الـ "الغرض" والـ "المقصد" يقعان في صميم كلا التعريفين، بحث تقرير "الإسكوا" في عوامل "تبدو في ظاهر الأمر منفصلة عن البعد الفلسطيني، وخاصة مبدأ الدولة اليهودية كما يعبر عنه القانون الإسرائيلي وتصميم مؤسسات الدولة الإسرائيلية، ليثبت، بما لا يدع مجالاً للشك، وجود الغرض والمقصد".
ويجد التقرير النظام الإسرائيلي مصمماً لهذا الغرض بشكل جليّ في مجموعة القوانين الإسرائيلية، ومنها ما يتعلق بالقوانين الخاصة بالاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، فضلاً عن حيث " الهندسة الديمغرافية الممثلة بقانون العودة الذي يمنح اليهود، أياً يكن بلدهم الأصلي في جميع أنحاء العالم، حق دخول إسرائيل والحصول على الجنسية الإسرائيلية وبصرف النظر عما إذا كان بوسعهم تبيان صلات بالأرض، في حين يُحجب عن الفلسطينيين أي حق مماثل، بما في ذلك من في حوزتهم وثائق تثبت وجود منازل عائلاتهم التي تعود لأجيال في البلاد".
ويسمح القانون الإسرائيلي لأزواج الإسرائيليين بالانتقال إلى "إسرائيل"، لكنه يستثني الفلسطينيين من الأرض المحتلة أو خارجها من هذا الإجراء، وفق التقرير الذي أضاف إن "إسرائيل تعتمد سياسة رفض عودة أي فلسطيني من اللاجئين والمنفيين قسراً -ومجموعهم حوالى ستة ملايين- إلى أراضٍ تقع تحت السيطرة الإسرائيلية".
ويستنتج التقرير أن استراتيجية تفتيت الشعب الفلسطيني هي "الأسلوب الرئيسي الذي تفرض إسرائيل به نظام الأبارتهايد"، ويقوم هذا التفتيت على الحروب والتقسيم والضم الرسمي الذي يقسم الشعب الفلسطيني داخل مناطق جغرافية مختلفة تدار بمجموعات مختلفة من القوانين، بحيث "تعمل هذه التجزئة على تثبيت نظام الهيمنة العنصرية الإسرائيلي وإضعاف إرادة الشعب الفلسطيني وقدرته على مقاومة موحدة وفعّالة". كما أن إسرائيل "تستخدم أساليب مختلفة تبعاً لمكان عيش الفلسطينيين. هذه هي الوسيلة الأساسية التي تفرض بها إسرائيل الأبارتهايد، وفي الوقت نفسه تحجب عن المجتمع الدولي الطريقة التي يعمل بها النظام ككل متكامل ليشكّل نظام أبارتهايد".
وقال التقرير الصادر عن الإسكوا إن حوالى 1.7 مليون من فلسطيني العام 1948 "عاشوا طوال الأعوام العشرين الأولى من وجود إسرائيل في ظل قانون عسكري، وهم حتى اليوم يتعرضون للاضطهاد لأنهم ليسوا يهوداً. وتتجلى سياسة الهيمنة في تدني الخدمات وتقييد قوانين تنظيم الأراضي، ومحدودية مخصصات الميزانية للمجتمعات الفلسطينية، وفرض قيود على فرص العمل والتطور المهني، وتجزئة الأماكن بين يهود وفلسطينيين"، ويشمل الفضاء الثاني قرابة 300,000 فلسطيني يعيشون في القدس الشرقية، "يعانون التمييز في الحصول على التعليم والرعاية الصحية والعمل وفي حقوق الإقامة والبناء. كما يتعرضون لعمليات الطرد وهدم المنازل التي تخدم السياسة الإسرائيلية المُسماة بسياسة "التوازن الديمغرافي" لصالح السكان اليهود. ويصنف سكان القدس الشرقية الفلسطينيون على أنهم مقيمون دائمون، ما يجعلهم فئة منفصلة. وليس لديهم بوصفهم مقيمين دائمين أي صفة قانونية تمكنهم من تحدي القانون الإسرائيلي". ولا يختلف وضع سكان الضفة الغربية وغزة عن غيرهم.
أما في ما يخص ملايين الفلسطينيين اللاجئين والمنفيين قسراً الذين يعيش معظمهم في البلدان المجاورة ويحظر عليهم العودة إلى ديارهم في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، "تبرر إسرائيل رفضها عودتهم بعبارات عنصرية صريحة. فهي تزعم أن الفلسطينيين يشكلون "تهديدا ديموغرافياً" وأن عودتهم ستغير الطابع الديمغرافي لإسرائيل إلى درجة تقضي عليها كدولة يهودية"، ويعتبر لرفض حق العودة "دور أساسي في نظام الأبارتهايد، إذ يضمن عدم ازدياد عدد السكان الفلسطينيين في فلسطين التاريخية".
وتوخياً للإنصاف والشمول، يتناول التقرير "حجج عدة مضادة تقدمها إسرائيل ومن يدعمون سياساتها لإنكار انطباق اتفاقية مناهضة الأبارتهايد على حالة إسرائيل – فلسطين"، ومنها الإدعاء بان إصرار إسرائيل على أن تظل دولة يهودية يتفق مع ممارسات دول أخرى. وأن إسرائيل لا تدين للفلسطينيين غير المواطنين بمعاملة مساوية لليهود لمجرد أنهم غير مواطنين؛ وأن المعاملة الإسرائيلية للفلسطينيين لا تعكس أي "غرض" أو "مقصد" هيمنة، بل تعكس حالة مؤقتة يفرضها على إسرائيل واقع الصراع الجاري والمتطلبات الأمنية. هنا يبين التقرير أن أياً من هذه الحجج "سرعان ما يسقط أمام التمحيص". ويخلص التقرير إلى أن حجم الأدلة يدعم بما لا يدع للشك مجالاً أن إسرائيل مذنبة بجريمة فرض نظام أبارتهايد على الشعب الفلسطيني، ما يصل إلى حدّ ارتكاب جريمة ضد الإنسانية، وتلك جريمة يعتبر القانون العرفي الدولي حظرها قاعدة من القواعد الآمرة jus cogens. والمجتمع الدولي، ولا سيما الأمم المتحدة ووكالاتها، والدول الأعضاء ملزمة جميعها إلزاماً قانونياً بالتصرف ضمن حدود قدراتها للحيلولة دون نشوء حالات الأبارتهايد ومعاقبة المسؤولين عن هذه الحالات. وعلى الدول، تحديداً، واجب جماعي يتمثل في:
(أ) ألا تعترف بشرعية نظام أبارتهايد(ب) ألا تقدم معونة أو مساعدة لدولة تقيم نظام أبارتهايد(ج) أن تتعاون مع الأمم المتحدة والدول الأخرى على القضاء على نظم الأبارتهايد.
وعلى مؤسسات المجتمع المدني والأفراد واجب أخلاقي وسياسي يلزمهم باستخدام الأدوات المتاحة لهم لرفع درجة الوعي بهذا المشروع الإجرامي المتواصل، وللضغط على إسرائيل لحملها على تفكيك هياكل الأبارتهايد امتثالاً للقانون الدولي.
ويختتم التقرير بتوصيات عامة ومحددة إلى الأمم المتحدة وحكومات الدول والمجتمع المدني والجهات الفاعلة الخاصة، بشأن الإجراءات التي ينبغي اتخاذها في ضوء الاستنتاج بأن إسرائيل أنشأت نظام أبارتهايد في ممارستها لسيطرة على الشعب الفلسطيني.