اخبار العراق الان

اقتصاديات المواجهة بين تركيا وهولندا

اقتصاديات المواجهة بين تركيا وهولندا
اقتصاديات المواجهة بين تركيا وهولندا

2017-03-20 00:00:00 - المصدر: ترك برس


أتلاي أتلي - آسيا تايمز - ترجمة وتحرير ترك برس

بينما يستمر النزاع الدبلوماسي بين تركيا وهولندا في التفاقم، تثور مخاوف حول ما إذا كان التوتر سيلحق ضررا بالعلاقات الثنائية، ولا سيما في مجال الاقتصاد حيث توجد بين البلدين علاقات تجارية قوية واستثمارات ضخمة.

بالنسبة إلى تركيا تقدم هولندا سوقا كبيرا وواسعا للصادرات التركية. وللتجارة بين البلدين جذور قديمة ترجع إلى القرن السابع عشر عندما صدرت الدولة العثمانية الصوف والقطن وفي وقت لاحق التبغ إلى هولندا، واستوردت في المقابل الملابس والكتان، وظلت التجارة قوية بين البلدين في العصر الحديث، وفي عام 2016 بلغ حجم التجارة الثنائية 6.6 مليار دولار.

هولندا هي عاشر أكبر سوق للصادرات التركية، والأهم من وجهة النظر التركية أنها سوق سريعة النمو. وفي العام الماضي بلغت الصادرات التركية إلى السوق الهولندي 3.6 مليار دولار في مقابل واردات بقيمة 3 مليار دولار. وفي حين زادت الواردات السنوية بنسبة 3.4% ارتفعت الصادرات بنسبة أكبر وصلت إلى 13.8%. وبالنسبة إلى الاقتصاد التركي الذي يعاني عجزا حادا في الميزان التجاري فإن زيادة الفائض التجاري مع هولندا يعد أمر ثمينا.

على الجانب الآخر من المعادلة كانت تركيا دائما وجهة مفضلة للاستثمار الهولندي الذي بدأ في عام 1930 عندما أنشأت شركة فيليبس متجرا لها في الجمهورية التركية الناشئة ووصل الاستثمار إلى مستويات جديدة منذ ذلك الوقت، الأمر الذي يجعل هولندا أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا اليوم. ووفقا لبيانات البنك المركزي التركي وصل حجم الاستثمارات الهولندية في تركيا إلى 22 مليار دولار في عام 2016 مقارنة بـ21 مليار دولار هي حجم الاستثمارات الأمريكية التي تحل في المرتبة الثانية، و9.8 مليار دولار هي حجم الاستثمارات النمساوية التي تحل في المرتبة الثالثة.

يوجد في تركيا 2700 شركة بتمويل برأس مال هولندي، ويشمل هذا الرقم الشركات العابرة للحدود المسجلة في هولندا للأغراض القانونية المتعلقة بالضرائب. هذه المشاركة الهولندية الكبيرة في الاقتصاد التركي تحقق المنفعة للجانبين. بالنسبة إلى الشركات الهولندية متعددة الجنسيات، مثل يونيليفر ومجموعة إي إن خي المالية وفيليبس وشركة شل للنفط وفيليب موريس، فإن تركيا ليست مجرد قاعدة إنتاج ملائمة فحسب بل إنها أيضا سوق مربحة ومركز تجاري ولوجيستي للوصول إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والبلقان والقوقاز وآسيا الوسطى. ويتنتظر أن تتدفق المزيد من الاستثمارات الهولندية إلى تركيا، حيث اشترت مجموعة فيتول جروب الهولندية شركة توزيع منتجات الوقود بيترول فيليسي مقابل مليار و47 مليون دولار. تحتاج الاستثمارات إلى مناخ سياسي مستقر، وهو ما لا يساعد عليه الخلاف الدبلوماسي بين تركيا وهولندا.

ومن الجدير بالملاحظة أنه في حين أن حجم الاستثمارات التركية في هولندا أصغر بكثير، فإن كثيرا من الشركات التركية أقامت شركات فرعية تتيح لها الوصول إلى أكبر سوق في الاتحاد الأوروبي.

خلال الأسبوع الماضي رددت الانتقادات الهولندية أن تركيا أكثر اعتمادا على تركيا، ولذلك فإن فرض أنقرة عقوبات يعني فقط أن الأتراك يؤذون أنفسهم. فرضت السلطات التركية عقوبات سياسية بسبب رفض الحكومة الهولندية السماح لوزيرة تركية بالاجتماع بأعضاء الجالية التركية في هولندا، وشملت هذه العقوبات إيقاف الاتصالات السياسية رفيعة المستوى بين البلدين، ووقف طيران السياسيين الهولنديين فوق أراضيها. على أن أنقرة استبعدت بعناية العقوبات الاقتصادية، وقال وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي: "إذا اتخذنا هذه الخطوات، فسوف يتضرر الجانبان"، وقال عمر تشيليك وزير شؤون الاتحاد الأوروبي: "إن أنقرة تدعو المستثمرين، وشركات العالم إلى الاستثمار في تركيا كونها دولة آمنة، ورجال الأعمال الهولنديون الذين يستثمرون في تركيا، ويوجدون فرص عمل، مشمولون بهذه الدعوة، وهم بالتأكيد ليسوا جزءا من الأزمة الحاصلة مع حكومة بلادهم. والاستثمارات الهولندية في تركيا ليست في خطر".

لا تبدو العقوبات الاقتصادية بين تركيا وهولندا محتملة في الوقت الراهن، لكن المخاطر بعيدة المدى ما تزال قائمة. أولا أنه حتى لو لم تفرض عقوبات اقتصادية، فإن الخسارة الكبيرة في الثقة نتيجة الأحداث الأخيرة سيكون لها أثر في العلاقات الاقتصادية الثنائية لبعض الوقت.

ثانيا، ستواجه الجالية التركية الكبيرة في هولندا إلى جانب الجالية الهولندية الصغيرة نسبيا الني تعيش في تركيا حالة من عدم اليقين، وهذا سيكون له أثر اقتصادي. وفقا لاتحاد الجالية التركية، يعيش ما يقدر بـ400 ألف تركي في هولندا، منهم 25 ألفا لهم مصالح تجارية مع أصجاب الأعمال الأتراك ومعظمهم من الشركات الصغيرة. ومعظم هذه الشركات ستتأثر سلبا من جراء النزاع الحالي بين الحكومتين. وبالمثل ستتأثر الجالية الهولندية الصغيرة في تركيا الفاعلة في الاقتصاد ولا سيما في قطاع السياحة، وسيضر تراجع السياح الشركات التركية والهولندية على حد سواء، وقد يستغرق الأمر وقتا للعودة إلى مستويات ما قبل الأزمة.

ثالثا، من المحتمل أن يكون للأزمة الدبلوماسية أثر سيء في الجهود المبذولة لمراجعة بنود الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي. وكانت أنقرة وبروكسل قد بدآ محادثات لتطوير اتفاق الاتحاد الجمركي التي عفا عليها الزمن، لكن من المرجح أن تلقي الظروف الحالية بظلالها على مجاولات تقوم على العقلانية الاقتصادية لتحسين الاتفاق.

في هذا الأسبوع لعب فريق بشيكتاش التركي مع فريق أوليمبياكوس اليوناني في مسابقة الدوري الأوروبي، وفاز الأتراك 4-1 بفضل هدفين أحرزهما المهاجم الهولندي ريان بابل المولود في أمستردام. لدى تركيا وهولندا صلات أكبر بكثير مما يدركه كثيرون، وسوف تعود بالفائدة على البلدين لكي يبقيا هذه الصلات كما هي.