اخبار العراق الان

عند الجبهات الأمامية ضد داعش: ذكريات وصور "سيلفي" يتبادلها الجنود العراقيون والأميركيون في الموصل

عند الجبهات الأمامية ضد داعش: ذكريات وصور
عند الجبهات الأمامية ضد داعش: ذكريات وصور "سيلفي" يتبادلها الجنود العراقيون والأميركيون في الموصل

2017-03-22 00:00:00 - المصدر: نقاش


 عند ثكنة عسكرية بنيت على عجل في الضواحي الغربية للموصل يجلس الضابط في الجيش العراقي احمد الجبوري على طاولة تغطيها خارطة كبيرة لأحياء المدينة تشير الى سير العمليات العسكرية، وبجواره يجلس ضباط أميركيون هذه المرة لمناقشة خطط المعركة، فالمعارك اخذت طابعا جديدا من التنسيق بين القوات الأميركية والبرية.

 

ويقول الجبوري الذي يعمل في الفرقة المدرعة التاسعة للجيش العراقي، لـ "نقاش" ان "معركة غرب الموصل مختلفة عن شرقها، كنا في الشرق نقاتل لوحدنا على الارض ولهذا تكبدنا خسائر كبيرة في الجنود والمعدات العسكرية، عندما واجهتنا مشكلة في تكتيكات داعش العسكرية كنا نحتاج اسابيع لمعالجتها، اما الان فلا نحتاج سوى ساعات بفضل القوات الأميركية".

 

عندما اعلنت الولايات المتحدة الحرب على "داعش" في اب (اغسطس) 2014 كان تستخدم الغارات الجوية فقط، ولكن بعد ثلاث سنوات قررت الشهر الماضي المشاركة في العمليات البرية بقوات قتالية ومدفعية في المعركة الحاسمة ضد المتطرفين في الموصل عاصمة "داعش"، وبات الجيش العراقي على بعد امتار من الجامع الذي اعلن منه ابو بكر البغدادي الخلافة الاسلامية وعيّن نفسه خليفة على الدولة الاسلامية.

 

في شباط (فبراير) الماضي تسلمت الفرقة التاسعة للجيش العراقي اوامر من الحكومة العراقية بالاندماج مع اللواء القتالي الثاني التابع الى الفرقة المجوقلة 82 الأمريكية، كان اللقاء الاول طويلا بين الضباط العراقيين والاميركيين كما يقول الجبوري، ويضيف "قضينا ساعات طويلة في الحديث عن ذكريات جمعتنا معا عندما كنا نقاتل الى جانب القوات الأمريكية ضد تنظيم "القاعدة" قبل سنوات.

 

وانسحبت القوات الامريكية من العراق نهاية عام 2011 بعد تسع سنوات من احتلاله، وغالبا ما يربط محللون النجاح الساحق لتنظيم "داعش" في الهجوم على العراق واحتلاله ثلث مساحة البلاد الى الانسحاب المستعجل للقوات الاميركية التي تركت الجيش العراقي وهو يقرب تعداده اكثر من نصف مليون عنصر ولكن دون اسلحة كافية وطائرات مقاتلة.

 

ولكن الحرب على "داعش" دفعت الولايات المتحدة والعراق معا الى اعادة القوات الامريكية مجددا، وحاليا يوجد اكثر من 9 الاف جندي اميركي مقاتل ينتشرون على قواعد عسكرية بعضها بعيد عن سير العمليات العسكرية واخرى على الجبهات الامامية للمعارك كما يحصل الان في معركة الموصل.

 

الضابط في الشرطة الاتحادية مازن المياحي الذي اندمجت وحدته العسكرية ايضا مع قوات برية أميركية عند بلدة "حمام العليل" في الضواحي الجنوبية للموصل يبدي ارتياحا من التنسيق المشترك مع القوات الامريكية ويعتبره عاملا مهما في الاسراع بهزيمة المتطرفين.

 

وشاركت قوات الشرطة الاتحادية العراقية الاقل خبرة في حرب الشوارع في المعارك غرب الموصل بدلا عن قوات مكافحة الارهاب المدربة جيدا على هذا النوع من الحروب، ولكن تكبد هذه القوات خسائر كبيرة في معارك شرق الموصل اضطر الحكومة الى الاستعانة بالشرطة الاتحادية.

 

ويقول المياحي لـ "نقاش" انه "قبل اشهر كان التنسيق مع القوات الأميركية يجري بطريقة معقدة وطويلة، اذ يقوم الجنود العراقيون المتواجدون عند الخطوط الامامية بارسال احداثيات أماكن مقاتلي داعش الى الضابط العسكري الميداني وبدوره يقوم بارسالها الى غرفة العمليات المشتركة في المنطقة الخضراء ببغداد وتسليمها الى الجانب الأميركي ومن ثم يقوم الجانب الأميركي بشن الغارات الجوية، انها عملية تستغرق ساعات وغالبا ما كان المتطرفون يتحركون بسرعة ويستبدلون مواقعهم".

 

ولكن الوضع مختلف الان كما يقول المياحي، "احداثيات اماكن المتطرفين تصل مباشرة من الجنود العراقيين الى القوات الامريكية المتموضعة خلفهم ببضعة كيلومترات وسرعان ما تكون الاستجابة سريعة ودقيقة عبر سلاح المدفعية او الغارات الجوية".

 

ويضيف المياحي "المعركة تبدو اسهل في غرب الموصل مقارنة بالمعارك في شرق الموصل، فالخبرة الامريكية كبيرة وغالبا ما يعالجون المشكلات التي تواجه الجنود داخل الاحياء الضيقة خلال ساعات قليلة".

 

ومثلا فان الطائرات المسيّرة التي استخدمها "داعش" في الايام الاولى للمعركة والتي كانت ترصد تحركات الجيش وتلقي عليهم بالقنابل لم تعد مشكلة لاحقا بعدما نشر الجيش الأميركي منظومة مكافحة هذه الطائرات والمعروف باسم "Blighter AUDS Counter-UAV system"، بينما لا يمتلك الجيش العراقي مثلها"، الحديث للمياحي.

 

بعيدا عن القتال وخلال اوقات الاستراحة يقضي الجنود العراقيون اوقاتهم بتبادل الاحاديث الطويلة مع الجنود الأميركيون حول ذكريات القتال جنبا الى جنب ضد تنظيم "القاعدة"، ويفحصون تفاصيل التجهيزات العسكرية الاميركية الحديثة، ويستمتعون بأخذ صور السيلفي مع الجنود الأميركيين.

 

ويقول الضابط في الجيش العراقي عبد الله البدراني لـ "نقاش" : حول ذلك "شاركت وحدتي العسكرية مع القوات الامريكية بالقتال في الانبار ضد تنظيم القاعدة عامي 2006 و2007 والان نقاتل معا ضد تنظيم داعش، القوات الاميركية تمتلك خبرة كبيرة وكثيرا ما نستفيد من خططهم وأسلحتهم في الجبهات".

 

ويضيف البدراني "عندما انسحبت القوات الأميركية من العراق عام 2011 سلمونا قواعدهم العسكرية المرتبة مع تجهيزات كاملة، ولكن بسبب الفساد الاداري والمالي في البلاد تعرضت هذه القواعد للاهمال من قبل الضباط الكبار، حتى ان القوات الأميركية التي عادت الى بعض هذه القواعد في بغداد لتدريب الجيش تفاجئوا عندما شاهدوا الاوضاع السيئة فيها".

 

الجنود العراقيون يتساءلون فيما بينهم هل ستبقى القوات الامريكية هذه المرة؟ لا احد يعرف الإجابة حتى الان، فالحكومة العراقية لا تريد الخوض في هذه القضية المعقدة، بينما قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الشهر الماضي ان قوات بلاده ستبقى في العراق بعد القضاء على "داعش"، ولكنهم يجب التعامل مع عدو قديم وهي الفصائل الشيعية العراقية.

 

احدى هذه الفصائل تشارك فعلا في العمليات العسكرية في الموصل الى جانب الفرقة التاسعة للجيش العراقي وهي "فرقة العباس القتالية" التابعة الى المرجع الشيعي علي السيستاني وليس الى ايران، وهي معروفة باحترامها الحكومة العراقية وتبعيتها الى وزارة الدفاع، وربما هذا ما جعل القوات الاميركية تطمئن للقتال هناك.

 

فالفصائل الشيعية الموالية لايران تعتبر الولايات المتحدة عدوها اللدود، وللطرفين تاريخ من القتال ضد بعضهما عندما كان آلاف الجنود الاميركيين يحتلون العراق قبل سنوات ويتعرضون للقتل على يد مقاتلي الفصائل الشيعية، وما زالت تصريحات الفصائل الشيعية تتواصل حول رفض الوجود الاميركي، فهل سيشهد العراق منازلة جديدة بين الفصائل الشيعية والقوات الأمريكية مستقبلا؟.