اخبار العراق الان

المتسوّلونَ (الأحداث)... ظاهرة تفتك بالمجتمع وتسيءُ لقدسية مدينة كربلاء

المتسوّلونَ (الأحداث)... ظاهرة تفتك بالمجتمع وتسيءُ لقدسية مدينة كربلاء
المتسوّلونَ (الأحداث)... ظاهرة تفتك بالمجتمع وتسيءُ لقدسية مدينة كربلاء

2017-03-25 00:00:00 - المصدر: نون


يعدّ التسولُ من بين أهم الظواهر الخطيرة التي تشهدها محافظة كربلاء المقدسة وتشكل خطراً كبيراً على الواجهة الحضارية لها فضلاً عن انه بات يهدّد أمنها، بعد أن أصبحت كربلاء ساحة مفتوحة لكل من يريد أن يكسب رزقه بصورة مشروعة أو غير مشروعة.
وتصبحُ هذه الظاهرة المتفشية شائكةً أكثر في ظلِّ حالات تسوّل الأطفال (الأحداث) واستخدامهم في أكثر الأحيان من قبل جهات لجلب المال بصورة غير مشروعة، والتي نستطيع أن نسميها (ظاهرة داخل ظاهرة) وهي إهانة الصغار في مثل هذا العمل الذي يسلبُ روح الطفولة وينمّي فيهم كل السلوكيات السيئة.
ويرى العقيد عقيل رزاق مكي، مدير قسم الأحداث في محافظة كربلاء، في حديثه لـ (نون) بأنّ "قلة توافر فرص العمل ولكون محافظة كربلاء يتوفر فيها جانب سياحي مهم وهو(السياحة الدينية) على عكس أغلب المحافظات العراقية نتيجة ما تشهده من زيارات مليونية فهي تشهد إقبال المتسوّلين عليها من المحافظات المختلفة، حيث أصبحتْ ظاهرة ملفتة تنذر بالخطر".
ويضيف مكي أن "أغلب هؤلاء المتسولين هم من (الغجر)، حيث نكتشف ذلك خلال حملاتنا الرامية للقضاء على هذه الظاهرة، إذ يتم التحقيق معهم وتدوين أقوالهم ونرفع للقاضي نوع المخالفة أو ما تسمّى بـ (أقل من مخالفة)، حيث يحكم القاضي بالإفراج عنهم بعد أخذ تعهد خطّي من ذويهم بعدم امتهان التسوّل مرّة أخرى وإلا ستكون العقوبة أشد"، لافتاً إلى ان "القرار ليس حلاً جذرياً لمعالجة ظاهرة التسوّل إذ أن ذوي الطفل المتسوّل هم مستولون أيضاً!!".
ولفت مكي إلى ان "من الحلول التي نراها ناجعة لمعالجة هذه الظاهرة تتم بطريقتين، الأولى توفير فرص عمل للشباب ومن القادرين على العمل لمنعهم من امتهان التسوّل، والحل الثاني يتمثّل بإصدار أمر بمنع دخول المتسولين من المحافظات الأخرى وإرجاع الموجودين كلاً إلى محافظته"، مبيناً ان "لمحافظة كربلاء خصوصية كبيرة ويقصدُها الزائرون من جميع بقاعِ العالم فلابدّ من إظهارها بالشكل الأجمل".
ولم يخفِ مدير قسم الأحداث في كربلاء بأن "ظاهرة التسوّل بدأت تأخذ منحىً آخر وهو الاحتيال، ومحاولة الأطفال المتسولين التشرّد من المحاسبة القانونية عبر امتهان عمل مسح زجاج السيارات أو بيع بعض الحاجيات على السائقين بدعوى العمل بينما هو صورة من صور التسوّل، ناهيك عن استخدام البعض للأطفال المتسولين من أجل مراقبة البيوت والسطو عليها بعد خروج أهلها منها".
وأضاف بأن "التعامل مثل حالات السطو التي تتم عبر الأحداث وفق المادة (443) للسرقة الليلية وهي أشبه بالسطو المسّلح، أما السرقة النهارية فيتم التعامل معها وفق المادة (444) والحكم على الأحداث في مثلِ هكذا حالات بحبس المتهم بمدة لا يزيد عن خمسة عشر عاماً".
دور الباحث الاجتماعي في تقويم المتسولين
من جهتها تقول السيدة فوزية رشيد عبد، الباحثة الاجتماعية في رئاسة محكمة استئناف كربلاء: "نظراً لعدم وجود مادة قانونية يحاسب على أساسها (المتسولون) فيكون دور الباحث الاجتماعي هنا هو فقط تقويم سلوك من اتى المحكمة بمشاجرة وما شابهها من المخالفات، وتوصية من يقوم بكفالته بأن لا تتكرر مثل هكذا امور وعدم زجهم في شوارع المدينة لغرض التسوّل، ولكننا وللأسف نرى ان لا جدوى في ذلك و ان هؤلاء المتسولين لهم مجاميع تحتضنهم ويتم توزيعهم في الشوارع صباحاً وتجميعهم في المساء ليلجأون بعدها الى المنزل لغرض المبيت والطعام، ومن يقوم بكفالتهم واخراجهم هم ايضاً متسولون".
ويشاركها الحديث الباحث الاجتماعي في رئاسة محكمة استئناف محافظة كربلاء المقدسة محمد علوان محسن قائلاً: "كون ان اغلب المتسولين هم من خارج محافظة كربلاء المقدسة ونسب قليلة منهم من اهالي المحافظة نحن نأمل ان تأخذ الآراء والافكار التي تقدمنا بها بنظر الاعتبار وتطبيقها على ارض الواقع، والتي تتضمن التنسيق بين الدوائر ذات العلاقة مع العتبات المقدسة في المحافظة ووضع برنامج خاص يخصّ المتسول ويتلخص بترحيل من هم من خارج محافظة كربلاء المقدسة وتأهيل من هم مجهولي النسب وليس لهم اب وام، اضافة إلى فتح مؤسسات تأهيلية لهؤلاء المتسولين للحد من هذه الظاهرة من جانب والاستفادة منهم بعد تأهيلهم بالمستقبل".
رعاية الاحداث في القانون العراقي
أن الاحداث من اهم الفئات التي يجب على المجتمع ان يوليها كل الرعاية والاهتمام وان يسعى لحمايتها من المخاطر الاجتماعية المحتملة ولهذا فقد نصت المادة الأولى من قانون رعاية الاحداث رقم (76) لسنة 1983 الى الحد من ظاهرة جنوح الاحداث من خلال وقاية الحدث من الجنوح وتكييفه اجتماعيا وفق القًيم والقواعد الاخلاقية للمجتمع.
كما نصّت المادة الثانية من القانون نفسه على تحقيق الأهداف الاتية:
اولاً: الاكتشاف المبكر للحدث المعرض للجنوح لمعالجته قبل ان يجنح.
ثانياً: مسؤولية الولي عن اخلاله بواجباته تجاه الصغير او الحدث في حالة تعرضه للجنوح.
ثالثاً: انتزاع السلطة الابوية اذا اقتضت ذلك مصلحة الصغير او الحدث والمجتمع.
رابعاً: معالجة الحدث الجانح وفق اسس علمية ومن منظور انساني.
خامساً: الرعاية اللاحقة للحدث كوسيلة للاندماج في المجتمع والوقاية من العود.
سادساً: مساهمةُ المنظمات الجماهيرية مع الجهات المختصة في وضع ومتابعة تنفيذ الخطة العامة لرعاية الاحداث.

ضياء الاسدي - قاسم عبد الهادي