اخبار العراق الان

يثأرون لرجولتهم: أصحاب الشوارب الطويلة في واسط يؤسسون فريقاً للتماسيح

يثأرون لرجولتهم: أصحاب الشوارب الطويلة في واسط يؤسسون فريقاً للتماسيح
يثأرون لرجولتهم: أصحاب الشوارب الطويلة في واسط يؤسسون فريقاً للتماسيح

2017-04-06 00:00:00 - المصدر: نقاش


 كعادته يخرج الرجل البالغ من العمر (45عاماً) من جيبه السفلي هاتفه النقال، ويبدأ الاتصال بفريق التماسيح، ماهي إلا دقائق ويصل العشرات من ذوي الشوارب الطويلة، لتمتلئ بهم زوايا المقهى، وسط ذهول ودهشة المتواجدين فيها، وفي ظاهرة تلفت اهتمام من يجلس في المقهى، يبدأ جميع التماسيح باستخراج مشط صغير ثم يسرحوا شواربهم التي تمثل رسماً للرقم ثمانية، على مرأى ومسمع من المارة ومرتادي المقهى، الذين باتوا يتقبلون فكرة التماسيح شيئا فشيئاً.

 

"كلٌ منا يشعر بحالة من عدم الرضا وهو يرى لأول مرة شبابا يقصون شعرهم بقصات غريبة ويرتدون ملابس غير لائقة" هذا ما يقوله أبو صقر حين يبدأ الحديث عن تجربته في الدعوة لإنشاء مثل هذا التجمع وأسبابه ومبرراته.

 

الزعيم الذي يبدو مهتماً بوضع صبغة سوداء على شاربه، يرى في إطالة الشوارب بشكل لافت دلالة رجولية لا يوازيها شيء آخر. فحمل الشوارب الطوال كما يقول "ليس بالأمر السهل، فهي رجولة ومسؤولية وموقف".

 

تتعدّد الأسباب التي قد تدفع أمثال هؤلاء الى تأسيس مثل هذه التجمعات، لكن ما يرونه من تراجع للقيم الرجولية عند بعض الشباب قد يكون سبباً رئيساً.

 

وعن فكرة انشاء فريق تماسيح واسط يقول أبو صكر لـــ"نقاش" ان فكرة تأسيس تماسيح واسط، جاءت رداً على ما يمكن تسميتها "ظاهرة الميوعة والممارسات الدخيلة التي استفحلت بشكل كبير في أوساط الشباب وأثرت بشكل سلبي في ملبسهم وهيأتهم الخارجية".

 

وعلى الرغم مما تتمتع به مدينة الكوت من طبيعة عشائرية  ترفض إلى حدٍ ما، التقاليد التي لا تنسجم مع هذا الواقع، إلا أن مهمة أبو صكر في تأسيس فريق التماسيح لاقت رواجاً وقبولاً في مختلف الأوساط الشعبية خصوصاً بعدما عكف المؤسسون للترويج إلى فريقهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وبينما يسحب الرجل إلى صدره شهقة من دخان نارجيلته التي يضعها امامه، يقول لـ"نقاش" حول مشروعه "بدأت بتنفيذ هذه الفكرة بشكل أولي منذ ستة أشهر عبر دعوات وصيحات الكترونية أُطلقتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، جميعها كانت تحاول وضع حد لتأثر الشباب بأفكار الموضة الدخيلة ، حتى أستقر الرأي على تأسيس هذا الفريق من أصحاب الشوارب الطويلة الذي يهدف الى دعوة الشباب بشكل مختلف للحفاظ على القيم الرجولية".

 

"في البداية، كنا لوحدنا، إلى أن تعرفنا على مجموعة من الأصدقاء من أصحاب الشوارب الطويلة، وصاروا يخرجون معنا في الأسواق والأماكن العامة" يقول لـ"نقاش" تمساح صغير يجلس إلى جانب أبي صكر.

 

ويضيف "نظمنا استعراضاً أمام الأماكن التي يكثر فيها الشباب، كالجامعات ومقاهي الأنترنيت، وبدأنا التحدث اليهم بشكل مباشر، وقد أبدوا تفاعلا وتأثراً بما نطرح".

 

ويواصل تماسيح واسط تبادل الحديث حول ما يمكن عمله في المرحلة المقبلة، ويظهر بشكل مفاجئ التمساح (أثير الهاشمي) برفقة أعضاء آخرين من الفريق، متجولاً في شارع ألف عافية وسط الكوت، وهم يمسكون بيدهم أمشاطاً لتسريح شواربهم، ويحرصون على تأدية حركات جسمانية مختلفة.

 

وبينما ينهمك التمساح الثلاثيني في توجيه زملائه يقول لـ"نقاش" بحماس "مع الظهور الأولي للفريق استغرب أهالي المدينة هذه الظاهرة، وتعرضنا في بادئ الأمر لانتقادات كثيرة وخصوصاً من المقربين".

 

 لكن وبرغم هذا الانتقاد يرى الهاشمي أن "هذه البداية كانت سبباً رئيساً لشهرتهم وتحقيق ولو جزء مما يسعون اليه".

 

وحول شروط الانتساب للفريق يقول "يرتقي تسلسل الرجال ضمن تماسيح واسط بحسب طول الشارب وكثافته، فكلما كان المتقدم يتمتع بشارب طويل، كلما أحتل مواقع قيادية في الفريق".

 

ويقول "ظهورنا بشكل علني يأتي بهدف أن نكون أكثر قرباً من الشباب في تقديم النصح والإرشاد، ودلالة التماسيح مأخوذة من إمكانية ما تمتع به من قوة جسمانية وصلابة عالية".

 

ويتابع "يسجل الفريق تزايداً متواصلاً في أعداد المنتمين له من أصحاب الشوارب الطويلة، ونعتمد على التبرعات التي نجمعها من أعضاء الفريق".

 

هذا الموقف يشير له أحد الشباب مؤكداً "تجاوز أقرانه بعض الممارسات الدخيلة من الملبس وغيرها، خشية من أن يكونوا سخرية لفريق التماسيح".

 

ويؤكد لـ"نقاش" لاحقا "اضطر البعض لاستبدال بعض الملابس ذات النقشات الغريبة وتغير قصات الشعر بطريقة أكثر عقلانية".

 

ويقول أستاذ علم الاجتماع  في جامعة واسط الدكتور جميل العبودي حول  اسباب ظهور فريق التماسيح ان هؤلاء يسعون إلى تقديم شيء مختلف عما يقدمه الآخرون لردع الظواهر الدخيلة على المجتمع العراقي من خلال التركيز على الشوارب وبما تمثل من دلالة للعربي بشكل خاص".

 

ويضيف متبسماً "هم يحاولون جذب انتباه الناس والشرائح المستهدفة عن طريق تصوير تربية الشوارب، لكن بلا شك لم يكن ثمة ارتباط بين الرجولة وشارب الرجل، فالشارب مطلقاً لم يكن ميزة من مميزات الرجولة عند العربي".

 

ومع كلِّ هذه الحوارات والنقاشات التي تدور بشكل يومي وسط مقهى عتاب بين أبي صكر وأعضاء فريقه،  يبقى عامل ذلك المقهى فرحاً لما يجنيه من أموال غير معهودة لقاء الخدمات التي يقدمها.

 

يقول وقد بدت عليه ملامح الرضا والقناعة بما يؤديه من خدمة متواصلة للتماسيح "ما أن يصل زعيم التماسيح كعادته في كل يوم إلى المقهى، حتى أسارع بتجهيز ما يريد على أتم وجه، إذ ان ديمومة عملي متوقفة على وجود هؤلاء الزبائن".