لـ"التفرد" بالمحافظة استعداداً للانتخابات.. الحكيم "متهكماً" بالحشد الشعبي: داعش في نينوى وليس البصرة!
انتقد رئيس التحالف الوطني ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم، اليوم الاثنين، "كثرة" المكاتب العسكرية التابعة لفصائل الحشد الشعبي في محافظة البصرة، ووصفها بـ"الظاهرة غير الإيجابية".
يقول الحكيم الذي وصل إلى محافظة البصرة اليوم، خلال اجتماعه بالحكومة المحلية في المحافظة، إن "كثرة المكاتب العسكرية للحشد الشعبي داخل المدن ظاهرة غير إيجابية ويجب خروجها خارج المدن وتبقى المكاتب السياسية".
لا خلاف على أن جميع أو غالبية العراقيين يفضلون اختفاء المظاهر العسكرية من داخل المدن، لكن هذه الرغبة تقترن بالجيش كون مكانه الطبيعي والفعلي خارج المدن ووجوده داخلها طالما اقترن بـ"عسكرة المجتمع"، لكن الأمر يختلف بالنسبة لمكاتب الحشد الشعبي فمن الطبيعي أن تكون داخل المدن وليس خارجها، كونها لا تمارس عملاً عسكرياً بل إدارياً.
كما أن الهدف الأساس من افتتاح مكاتب للحشد الشعبي داخل المدن هو استقبال المتطوعين وإنجاز معاملات الشهداء والجرحى منهم وغيرها من الأمور الإدارية، إلى جانب أمر آخر في غاية الأهمية وهو جمع التبرعات، فهذه المكاتب تتلقى على مدار الأسبوع مساعدات وتبرعات يقدمها مواطنون لمقاتلي الحشد، لكن يبدو أن "انشغال" الحكيم بالانتخابات والتحضير لها و"إقصاء" كل الأطراف التي تشكل منافساً "عنيداً" له.
ويضيف "متهكماً" بمكاتب الحشد الشعبي في مدينة البصرة، "تنظيم داعش في محافظة نينوى وليس في البصرة، ويجب أن يكون العمل في المحافظة عملا مدنيا وسياسيا وليس عسكرياً"، مستدركاً "أننا نعتز بجهاد وتضحيات الحشد الشعبي ولكن لنحافظ على مقبولية الحشد لدى المواطنين علينا أن نبعده عن أي تقاطعات".
لكن لم يوضح الحكيم هل هذا "التهكم" موجه لجميع فصائل الحشد الشعبي أم هناك استثناء للفصائل المسلحة المرتبطة بالمجلس الأعلى، وهل إبعاد مكاتب الحشد خارج المدن يشمل الجميع بما فيها فصائله؟!.
ويشير الحكيم إلى أن "المحافظة تشكو من صراعات سياسية يدفع بسببها أمن المحافظة والاستثمارات فيها ضريبة كبيرة"، مشدداً على "حاجة البصرة لبيئة سياسية ملائمة ونوع من التفاهمات العميقة لاستقرار الحكومة المحلية والمحافظة بدلا من الخصومات والتقاطعات السياسية".
ولا يخفى على أحد أن الحشد الشعبي لم يكن يوماً سبباً في صراعات سياسية أو غيرها منذ تأسيسه وحتى اليوم، أما إذا كانت هناك تصرفات فردية منفلتة وغير مسؤولة – هذا إن وجدت- فمن غير المعقول تعميمها على جميع فصائل ومقاتلي الحشد!.
ودعا أعضاء مجلس النواب عن محافظة البصرة إلى "ترك بعض المنافسات والإشكاليات إلى الحكومة المركزية والقادة السياسيين في بغداد وعدم الانشغال بها، والتركيز على خدمة المواطنين في المحافظة"، مشددا على "ضرورة الحفاظ على الاستقرار الأمني للمحافظة مع وجود الشركات النفطية وإبعاد البصرة عن أي صراعات سياسية وعشائرية تكون لها ارتدادات أمنية".
ولا ندري أين كان الحكيم طوال هذه السنوات عن البصرة وأهلها، خاصة وأن محافظها ماجد النصراوي ينتمي للحكيم وكتلته "المواطن" فما الذي قدمه النصراوي وكتلة المواطن منذ تسنمه منصبه ولغاية اليوم؟!.
وكشف الحكيم عن عزمه "عقد مؤتمر موسع في بغداد يجمع حكومة ونواب البصرة مع الوزارات ذات العلاقة"، مضيفاً "أننا لا نعد بالإنجاز فأنه من صلاحيات وضوابط الجهات التنفيذية ولا نريد أن نبعث أمل لا يتحقق ويحصل بعدها إحباط لدى الشعب".
من المؤلم أن لا يتذكر الحكيم وغيره من السياسيين محافظة البصرة إلا مع اقتراب الانتخابات رغم أن هذه المحافظة هي التي تحفظ للعراق بقائه وللعراقيين وجودهم ولولاها لقتلنا الجوع وتحولنا إلى غابة يؤكل فيها القوي الضعيف، ومن المؤكد أن "حيتان السياسة" ستكون الآمر الناهي في هذه الغابة، كما هي الآن في هذه الدولة.
ظهور الحكيم المفاجئ في البصرة ليس مفاجئاً فالانتخابات على الأبواب، كما أنه بعد لقائه بالحكومة المحلية قام بجولة مكوكية شملت جامعة البصرة حيث التقى بالأساتذة والتدريسيين الذين دعاهم إلى "مزيد من الاهتمام بالجامعات والعمل على توأمتها بجامعات المنطقة والعالم".
وقال الحكيم إن "البصرة من أوائل المحافظات التي انتبهت إلى أهمية الإفادة من العقول العلمية والكفاءات والمؤسسات البحثية في التجربة العملية الميدانية".
لكن في الحقيقة لا نعرف كيف استفادت البصرة من الكفاءات ومتى؟، ليس هناك أي دليل على ما يقوله الحكيم والدليل أن أهالي المحافظة من أشد المطالبين بحكومة التكنوقراط سواء على المستوى الاتحادي أو المحلي، وهذا دليل قاطع على أن الحكومة المحلية "المحمية بعباءة الحكيم" لم تعير أي اهتمام للكفاءات العلمية لاستثمار إمكانياتهم وخبراتهم في رفع المستوى الخدمي والتعليمي والطبي والعمراني والاقتصادي إلى آخره من القطاعات الأخرى!.
كما لم يغفل الحكيم عن اللقاء بشيوخ عشائر البصرة ووجهاءها، لذلك عقد معهم اجتماعاً أكد فيه على "دور العشائر في حفظ الأمن واحترام المجتمع البصري للعرف العشائري"!.
من المضحك أن يؤكد الحكيم على "دور العشائر في حفظ أمن البصرة" رغم أنها من أكثر المحافظات التي "اكتوت" بنار النزاعات العشائرية التي تتجدد بين وقت وآخر حتى أن خلال السنوات الماضية لا يمر شهر حتى تندلع معارك طاحنة بين العشائر وخاصة في شمال البصرة!.
لا ضير أن "تتهافت" القيادات السياسية على الجماهير قبيل الانتخابات البرلمانية والمحلية، لكن المخجل أنها بمجرد أن تحصد أصوات الناخبين "تتجاهلهم" عن قصد وتعمد وكأنهم ليسوا بشراً بل مجرد "أرقام في صناديق الاقتراع".