اخبار العراق الان

يا عمال العالم..

يا عمال العالم..
يا عمال العالم..

2017-04-30 00:00:00 - المصدر: العراق اليوم


مقالات الكتاب ,   2017/04/30 21:12  , عدد القراءات: 40

لا أخفيكم، أنا أحب العمال وعيدهم. أعدهم أصحابي وعيدهم عيدي. ليس في الأمر انحياز ايديولوجي كوني أنحدر من أب كان يحتفل سنويا بالأول من أيار في بيته.

وليس كذلك انحيازا عاطفيا لأنني عملت معهم وشممت روائح تعبهم وتناولت معهم اللفات في ساعة الغداء. ليس الأمر كذلك أبدا، إنما هو انتماء أصلي بقي فاعلا رغم كل شيء.

أي والله، إنني لأحبهم وأشعر بالانتماء لشريحتهم, لهم أغني ومن أجلهم أرقص مثل "أبو حافظ" الذي ترنم لهم ذات يوم في منزلنا: منو عنده بطاله للبيع..؟

أراني أردد "يا عمال العالم اتحدوا"، ثم أحوّر الشعار متهكما بمرارة مما آلت إليه الماركسية فأقول: يا عمال العالم.. صلوا على محمد وآل محمد.

ولكن لماذا أظنها سخرية سببها انزواء عصر الشغيلة وثورياتهم؟ ألا يوجد في تراثنا الديني السائد اليوم ما يربطه بالفلسفة الماركسية التي استوردناها مع الحداثة؟ ألم يكتب جورج جرداق مثلا عن اشتراكية الإمام علي بن أبي طالب (ع)؟ ألم يروا أن مزارعا دخل يوما المسجد فابتعد عنه بعض الصحابة بسبب رائحة جسده المتعب فما كان من رسول الله (ص) إلا قبّل كفه وأمسك بها أمام المصلين وقال: إن الله يحب هذه اليد وصاحبها.

نعم، روي ذلك وغيره حتى وصل الأمر إلى قولهم أن الرسول حين أسري به إلى الجنة ورآها عاد ليخبرنا: اطلعت في الجنة، فكان أكثر أهلها الفقراء، وهذا شيء طبيعي ويحتمل تأويلا لطالما روجه الماركسيون، وهو أن الفقراء أكثر تعلقا بالآخرة من الأثرياء كونها عزاء لهم عما فقدوه في دنياهم.

والأمر، من ثم، جد معقول، فأنت أمام شريحة مسكينة مظلومة تتطلع إلى الآخرة بحثا عن العدالة وتؤمن أن يومها آت لا ريب

فيه. الآخرة بالنسبة لها مثل الشيوعية بالنسبة لماركس حيث يغيب الظلم بشكل نهائي. ولهذا لا يقتصر الفهم على الدين، فالعمال والفلاحون لديهم استعداد للإيمان باليوتوبيات كونها عوالم موعودة مليئة بالعدل والقسط.

ليس لأنهم ذوو عقول طوباوية قابلة لتصديق المثاليات، بل لأنهم نتاج ظروف يسودها الظلم والقهر. لدى الفلاسفة نظريات كثيرة عن هذا الموضوع، فمنهم من تحدث عن "قهر سلالي" أعمق وأشمل من قهر الطبقات بعضها لبعض، وبعضهم من تحدث عن قهر اجتماعي وثقافي تبدو فيه الجماعات ظالمة لبعضها الآخر. والنتيجة من كل هذا هو ولادة يقينيات يركن لها المكاريد دائما.

العمال أبرز هؤلاء المكاريد. لهذا غنينا لهم واحتفلنا بنضالاتهم. رددنا معهم: عمي يابو الجاكوج.. خذني خذني وياك. ثم حين غاب الجاكوج انتابنا الحزن وواسيناهم متهكمين بحب: يا عمال العالم..صلوا على محمد وآل محمد..ويا عجبي!