الصدر يُذكر الحكيم بشروطه للعودة إلى التحالف الوطني ويرفض مشروعاً لتقسيم نينوى
حرّكت المباحثات التي تجريها الزعامات استعداداً للمرحلة المقبلة مياه السياسة الراكدة بفعل انشغال البلاد بالحرب على داعش في آخر معاقله بالموصل.
ودشنت "قمة الخصوم" بين نوري المالكي وإياد علاوي أسبوعاً من المفاجآت السياسية الثقيلة، وبلغت ذروة ذلك بعودة مياه العلاقة بين الصدر من جهة مع الحكيم ورئيس مجلس النواب من جهة اخرى، الى مجاريها.
وشهدت علاقة زعيم التيار الصدري بزعيم المجلس الاعلى ربيعا لم يستمر اكثر من عام، بعد اتفاقهما على اجهاض "الولاية الثالثة" لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي عقب انتخابات ٢٠١٤.
وتوترت العلاقة بين الزعيمين الشيعيين إثر التظاهرات التي قادها الصدر مطلع العام الماضي التي طالبت باختيار كابينة وزارية بعيدا عن الكتل البرلمانية، وصعّد الصدر من انتقاداته اللاذعة للحكيم اثر تبنيه "وثيقة الشرف" التي وقعتها الرئاسات الثلاث بالتزامن مع اعتصامات التيار الصدري وزعيمه قرب المنطقة الخضراء، واثر تولي الحكيم رئاسة التحالف الوطني، وجّه الصدر ممثليه بمقاطعة التحالف الذي وصفه بـ"التخالف".
وقدم الصدر ورقة تتضمن حزمة شروط للعودة الى التحالف الوطني، لكنها لم تحظ بقبول الاطراف الشيعية، وبعد قطيعة استمرت اكثر من عام، استقبل الصدر رئيس التحالف الوطني في مقر اقامة الاول بمدينة النجف، ناقشا فيها مرحلة ما بعد داعش، وتفعيل رقابة البرلمان ومصير مفوضية الانتخابات التي خضعت لاستجواب كتلة الاحرار الصدرية.
وبعد يوم من لقاء الحكيم، استقبل الصدر في منزله رئيس مجلس النواب سليم الجبوري الذي يتهمه بالتحالف مع المالكي، ويحمله مسؤولية عدم محاسبة المسؤولين الفاسدين، ويعتبر اللقاء الاول من نوعه بعد اقتحام انصار التيار الصدري لمجلس النواب نهاية نيسان عام ٢٠١٦.
وكشف مصدر مسؤول في التيار الصدري، كواليس لقاءات الصدر الاخيرة بالقول، ان "الصدر ابلغ ضيوفه رفضه القاطع لتقسيم نينوى، بعد اكمال تحريرها، إلى ثلاث محافظات"، لافتا الى أن "قوى سنية طرحت مشروع تقسيم نينوى بدعم من بعض دول الجوار".
وينص المشروع بحسب المسؤول الصدري، الذي رفض الكشف عن هويته، على منح المكونين المسيحي والشبكي محافظة في منطقة سهل نينوى، كما يمنح التركمان والايزيديين حق اقامة محافظة في تلعفر وسنجار، ويحتفظ المكون السني بمحافظة "الموصل" التي ستكون في مركز المدينة بساحليها.
واضاف القيادي الصدري بالقول: "بالرغم من الخلاف بين تركيا وإيران على العديد من المسائل في العراق إلا انهما متفقتان على تقسيم محافظة نينوى إلى ثلاث محافظات، إحداها ستكون من نصيب المكون التركماني الذي يحظى بأغلبية في تلعفر"، ولفت المصدر الى ان "موقف سوريا هو الآخر مرحب بهذا القرار الذي مازال قيد البحث والنقاش، لأنه سيؤمن حدود الاخيرة ويمنع تسلل الارهابيين إلى أراضيها".
وتابع المصدر، ان "موقف الجانب الامريكي مؤيد لمشروع التقسيم عبر تبني أعضاء جمهوريين وديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي لمشروع قرار يدعو إلى إنشاء منطقة آمنة للأقليات الدينية في سهل نينوى".
ولفت المصدر الى أن "اللقاء الذي جمع الصدر مع رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم ركز على مشروع تقسيم محافظة نينوى بعد داعش"، مؤكدا ان "الصدر هدد بالنزول إلى الشارع وتنظيم تظاهرات كبيرة في حال تمرير قرار التقسيم".
الى ذلك كشف المصدر الصدري ايض، عن "رفض زعيم التيار دعوة الحكيم لاستئناف المفاوضات من اجل العودة إلى التحالف الوطني"، مؤكدا أن "رد الصدر على هذه الدعوة مشروطة بتطبيق التحالف الشيعي لشروطه الأربعة عشر وإعلانها في مؤتمر صحفي".
ونوه المصدر الى أن" القوى الشيعية تحفظت على بعض شروط الصدر المتمثلة بتغيير قانون الانتخابات وتغيير مفوضية الانتخابات وتحديد مرجعية السيستاني كمرجعية دينية للتحالف الوطني"، مشيرا الى ان "الشرط الأخير لاقى رفضا قاطعا من بعض الكتل".
وانتهى لقاء الحكيم مع الصدر من دون مؤتمر صحفي اعتاد الاخير عقده مع كبار زائريه، الامر الذي عزز عدم توصل الطرفين الى تفاهمات متينة لتطبيع العلاقة مع الاطراف الشيعية.
وحول لقاء الصدر برئيس البرلمان، اوضح القيادي الصدري ان "اللقاء تركز على وضع الموصل ومرحلة ما بعد تنظيم داعش، وكذلك محاولات تقسيم المحافظة إلى ثلاث محافظات".
وكان البرلمان قد صوت على قرار يقضي بحماية حدود محافظة نينوى قبل ان يعلن العبادي، في (19 شباط 2017)، انطلاق صفحة جديدة من عمليات "قادمون يا نينوى" لتحرير الجانب الأيمن.
وكشف محافظ نينوى السابق اثيل النجيفي، العام الماضي، عن مشروع لتقسيم محافظة نينوى الى 6 او 8 محافظات في اطار اقليم نينوى، على ان يكون سهل نينوى محافظة واحدة أو محافظتين نظرا لتنوع المنطقة عرقيا ودينيا، وكذلك تحويل تلعفر ذي الغالبية التركمانية والمختلط مذهبيا وقوميا.
وفي ضوء السيناريوهات المطروحة لمحافظة نينوى بعد مرحلة داعش، يكشف زهير الجبوري، عضو مجلس قضاء الموصل، عن "وجود خمس مناطق مرشحة للانفجار، وهي سنجار، وتلعفر، وسهل نينوى، ومركز مدينة الموصل، بالاضافة الى مناطق جنوب الموصل".
وعزا ذلك الى "الخلافات العشائرية بين المنتمين إلى داعش والذين حملوا السلاح ضد التنظيم".
ويقول الجبوري، أن "هذه المناطق مقبلة على ازمات بعضها يتعلق بانخراط عشائر مع داعش ومقاومة بعض العشائر للتنظيم"، مشيرا الى "وجود خلافات سياسية وتدخلات خارجية وداخلية في ادارة مدينة الموصل".
ودعا المسؤول المحلي الحكومة الاتحادية إلى "التدخل بقوة من اجل انهاء كل هذه الخلافات بين أطياف المجتمع الموصلي"، لكنه استبعد نجاح مشروع تقسيم المحافظة الى عدة محافظات على اساس قومي ومذهبي وديني.