المالكي وكولونيل أميركي يقودان عمليات عسكرية في أيمن الموصل
سقوط مدينة الموصل "المدوي" لم تقتصر تداعياته على الصعيد الأمني والسياسي محلياً وإقليمياً، بل أنه "قلب الطاولة" حتى على المستوى الدولي في قيادة العمليات العسكرية، فبعد أن كانت القوات العسكرية والأمنية العراقية تتلقى "الأوامر والتوجيهات" من القوات الأميركية، أصبحت قواتنا اليوم هي من تقود عمليات تطهير الأراضي من تنظيم داعش وتوجيه "الأوامر" للأميركان.
وذكرت وكالة "رويترز" في تقرير لها ما يدور في جبهة الساحل الأيمن لمدينة الموصل، وكيف تجري المعارك هناك والتخطيط لها، و"الخطط الخبيثة" التي لجأ إليها تنظيم داعش في الآونة الأخيرة والتي لم يكتب لها النجاح.
ويقول التقرير، أدخل مقاتلو تنظيم داعش مجموعة من المدنيين إلى منزل في مدينة الموصل وحبسوهم في الداخل مع تقدم القوات العراقية، وبعد ذلك بلحظات دخل الإرهابيون عبر نافذة ورقدوا على الأرض لدقائق ثم أطلقوا نيران أسلحتهم.
كانت الخطة بسيطة؛ حيث يقوم الإرهابيون بلفت الانتباه للمنزل بإطلاق النار من النوافذ، ثم ينتقلون إلى مبنى مجاور عبر فتحة في الجدار أملاً في دفع طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إلى قصف المنزل.
وما لم يدركه الإرهابيون هو أن مستشارين أميركيين يتعاونون مع القوات العراقية كانوا يتابعون كل ما حدث بفضل معلومات تنقلها طائرة من دون طيار "درون"، ولم تصدر أوامر بتنفيذ ضربة ولم يستفد التنظيم من الدعاية التي كان يريد جني ثمارها جراء مقتل أبرياء.
وقال اللفتنانت كولونيل في الجيش الأميركي جيمس براونينغ، "علمنا فوراً ما يحاولون فعله. كانوا يحاولون استدراجنا لتدمير هذا المبنى. هذه هي اللعبة التي نلعبها وهذا هو التحدي الذي نواجهه كل يوم".
ويكبر التحدي مع تضييق القوات العراقية الخناق على الإرهابيين في منطقة آخذة في الانكماش بالموصل؛ إذ أصبحوا الآن محاصرين مع مئات آلاف من المدنيين، ويضيف براونينغ "لا مكان للفرار. أرض المعركة أكثر تعقيداً بكثير في ظل عدد المدنيين الذين يتحركون".
والمخاطر كثيرة، ففي ضربة واحدة نفذها التحالف بقيادة الولايات المتحدة في آذار الماضي، لقي أكثر من 100 مدني حتفهم بطريق الخطأ.
وبعد فتح جبهة جديدة في شمال غربي الموصل الأسبوع الماضي بهدف إنهاك دفاعات التنظيم تقول القوات العراقية إن معركة الموصل في مرحلتها الأخيرة.
ويُشاهد عسكريون أميركيون قرب الخطوط الأمامية يسدون النصائح للعراقيين مع تقدمهم صوب حفنة المناطق الأخيرة التي لا تزال تحت سيطرة داعش في مواجهة غطاء من السيارات المفخخة ونيران القناصة.
وتزداد شراسة معارك الساحل الأيمن مع اقترابها من حي "17 تموز" الذي يعد أحد أبرز حواضن داعش في المدينة، حيث كان أول الأحياء التي سيطر عليها التنظيم في حزيران 2014، وغالبية ساكنيه من البعثيين وضباط الجيش السابق الذين يشرفون على عمليات التنظيم العسكرية في العراق وسوريا.
وبراونينغ قائد إحدى كتائب الفرقة الـ82 المحمولة جواً، وهو من بين أكثر من 5 آلاف عسكري أميركي يخدمون حالياً في العراق لـ"نصح ومساعدة" قوات الأمن العراقية.
لكن الانتشار الأميركي هذه المرة أقل بكثير مما كان عليه في أوج الاحتلال الذي استمر 9 سنوات بعد عام 2003، إذ أرسلت واشنطن حينذاك 170 ألف جندي للعراق، وقتل خلال هذه الفترة أكثر من 4 آلاف جندي أميركي.
ويبغض البيت الأبيض الدخول مجددا في صراع مكلف لن يحظى بشعبية بين الأميركيين، بعد أن سحب القوات الأميركية من العراق عام 2011.
لكن بالنسبة لبراونينغ الذي أرسل للعراق عام 2008 فإن طبيعة الدور الأميركي مختلفة بوضوح. ويقول "كان الوضع في السابق أنني أقود القتال وأطلب من شركائي العراقيين المجيء معي، لكنهم الآن يقودون القتال وأنا أتبعهم".
ومنذ بدء عملية الموصل في تشرين الأول الماضي تحول الدور الأميركي، فأصبحت الشراكة بين القوات العراقية والأميركية عند مستوى أقل، مما يعني تقليل الوقت الذي تستغرقه للرد على داعش. ويعني هذا أن القادة تحت إمرة براونينغ شركاء أيضاً لقادة الألوية تحت إمرة نظيره العراقي الفريق قاسم المالكي قائد الفرقة المدرعة التاسعة في الجيش.
ويجري القادة مناقشات يومية حول العمليات، ويبحثون ما يمكن للقوات الأميركية فعله للمساعدة مما قد يشمل تقديم صور أو معلومات مخابرات، أو شن ضربات جوية، أو إطلاق نيران أرضية. ويقدم العراقيون أيضاً معلومات مخابرات من مصادر بشرية تعمل القوات الأميركية على تأكيدها في سبيل تحديد الأهداف وأفضل السبل لمهاجمتها.
ويعيش براونينغ في القاعدة نفسها مع المالكي، مما يجعل من الأسهل تعديل خطط القتال. وقال "كل ما أحاول فعله هو تهيئة أرض معركة له (المالكي)".